على غير العادة، وفي خطوة غير مسبوقة، تفاجأ الفلسطينيون مساء أمس الثلاثاء، بخروج رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في خطاب بُثَّ تلفزيونياً على الهواء مباشرة تضمّن التوقيع على طلبات من السلطة؛ للانضمام إلى منظمات ومعاهدات دولية، في خطوة أثارت ردّة فعل إسرائيلية غاضبة. البعض رأى في خطوة عباس "تحدياً" للإدارة الأمريكية التي أعلنت في أعقابها إلغاء زيارة وزير خارجيتها جون كيري التي كانت مقررة اليوم الأربعاء، فيما رأي البعض الآخر أن هذه الخطوة مجرد "رسالة دعائية" أكثر منها خطوة جدية تمثل نصراً حقيقياً للقضية الفلسطينية. أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر، د. ناجي شراب، رأى في حديث خاص بـ[color=red]"فلسطين الآن"[/color] أن خطوة الرئيس عباس بتوقيع طلب الانضمام لـ15 منظمة دولية على الهواء مباشرة فيها أكثر من حقيقة ينبغي التركيز عليها. وقال شراب: "أرى أن فيها رسالة واضحة لكسب المزيد من التأييد الشعبي، وفيها تهيئة سياسية على مستوى الرأي العام في حال صدور قرار بتمديد المفاوضات، كما هو متوقع أن يحدث". ولفت إلى أن رئيس السلطة محمود عباس "أكّد على استمرار المفاوضات وليس إهمالها أو استبدالها"، كذلك أكّد في خطابه على خيار "المقاومة الشعبية المدنية، وفيه رسالة للفلسطينيين أن نهاية المفاوضات لا تعنى التوجه للمقاومة المسلّحة". ونوّه أستاذ العلوم السياسية أن خطوة التوقيع على طلب الانضمام للمنظمات الدولية قبل شهر من انتهاء فترة المفاوضات المحددة فيها شكل من أشكال الرسائل السياسية للاحتلال الإسرائيلي وللإدارة الأمريكية. وأضاف "أعتقد أن اختيار توقيت مثل هذا الإعلان يعطي فسحة للضغط الأمريكي على الاحتلال الإسرائيلي وإلزامه بتنفيذ تعهده بإطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين". ولفت شراب إلى أن توقيع رئيس السلطة عباس على طلب الانضمام لهذه المنظمات "ليس معناه انضمامها بشكل فعلي"، مشيراً إلى وجود الكثير من المنظمات الدولية التي لا يمكن لفلسطين الانضمام إليها. وأضاف "هناك منظمات تحتاج لصراع إرادات ومفاوضات حتى نحصل على شرعية دولية فيها". [title]تصحيح لمسار القضية[/title] الخبير القانوني الدكتور علي السرطاوي رأي في خطوة رئيس السلطة محود عباس "تصحيح لمسار القضية الفلسطينية" باعتبارها القضية الوحيدة في العالم التي ما تزال خارج منظومة العدالة الدولية. وأضاف السرطاوي في حديثه لـ[color=red]"فلسطين الآن"[/color] "لقد سعينا جاهدين قبل أكثر من عامين إلى الانضمام إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وحصلت فلسطين على صفة دولة عضو لها صفة مراقب، وليست كاملة العضوية (...) طوال الفترة الماضية كانت القضية الفلسطينية تحت الرعاية الأمريكية أو الروسية، وكانوا لا يريدون لها أن تكون تحت مظلّة الشرعية الدولية؛ لأن القانون والشرعية الدولية واضحة، وتجرّم الاحتلال وأفعاله بحق المدنيين وسرقة الأراضي". وعن جدوى الانضمام لمؤسسات أكّد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في تصريحات صحفية أنها لا تتبع للأمم المتحدة، رأى السرطاوي أن المنظمة التي تأخذ صفة القانون الدولي هي منظمة ذات أهمية كبيرة. وأضاف "المنظمة التي تأخذ صفة القانون الدولي لها أهميتها؛ لأنه إذا أردت أن تكون فاعلاً على الساحة الدولية فعليك أن تكون داخل كل المنظمات الدولية، وكذلك عليك أن تفعّل دورك في الجمعيات أو المنظمات التي انبثقت عن الجمعية العامة وعن الشرعية الدولية". واعتبر الخبير القانوني أن القضية الفلسطينية ليست بحاجة لرعاية جانبية يتمّ فيها التحايل على القانون "وخطوة الرئيس عباس كانت متأخرة؛ لأن جرائم الاحتلال واضحة ويدينها القانون الدولي، ولا يستطيع أحد أن يلوي أعناق نصوص القانون الدولي". وفي انتظار معرفة ما إذا كانت هذه الخطوة ستقدّم جديداً للقضية الفلسطينية، وتجرّم الاحتلال الإسرائيلي وأفعاله ضد المدنيين الفلسطينيين، فإنه من المؤكّد والمحسوم أن خيار المفاوضات ما يزال الخيار الوحيد الذي ترفعه السلطة الفلسطينية، رغم تعنت الاحتلال وعدم التزامه بأي اتفاق.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.