لتكون رئيساً مميزاً، أو ثابتاً على كرسيك لا تتزحزح ولا تترنح، لا يلزمك الكثير من الديمقراطية أو الحرية أو الصداقة والنزاهة والمسؤولية الأخلاقية بل ما يلزمك فعلاً "شْويِّة" اعلامين واعلاميات مع "شويِّة" فنانين وفنانات، ورقَّاصين ورقَّاصات، مع "كُرْبَاجْ" غليظ يكون عاقِبة للخائنين الرافضين لإطاعة أوامر الرئيس التعيس حتى ولو كان "يرفُصْ" وينهق مثل الحمار... دكتاتورياتنا نحن تختلف عن الكل، فاعلامنا خنيق بغيض، لعين شريد، يسبِّح بحمد الحاكم والولي ليل نهار، افتتاح شارع يحتاج لبرنامج ساعة يبحث من خلاله الاعلام الحكومي في تداعيات فتح الشارع وتأثيره على مجريات الأحداث والتطورات الحاصلة في مشروعنا النووي، أو صورة للرئيس على دراجة هوائية أو وهو يأكل الفلافل تحتاج لساعات من النقاش وتأليف الكتب والموشحات في علم التواضع... بينما آلاف الفقراء والجائعين والناقمين والغاضبين والمعتقلين والمخنوقين يكون اعلامنا بعيداً عنهم، فتطفو الانجازات على سطح بحر من المآسي والخوازيق، ويبقى الرئيس رئيساً حتى تعود فلسطين حرة عربية، ما دامت عقولنا تستوعب كل شيئ... فلا يكفينا الفقر بل نبتلع الجهل أيضاً. كان اعلام أحمد سعيد من صوت القاهرة يسبِّح بحمد عبد النَّاصر، وتُعِيِدْ الإذاعات خطابه أكثر من أربع مرات في اليوم كتحميلة ضد الحرارة، أو البواسير، أو مضاد حيوي ضد الإمبريالية وأعداء القومية العربية..... ينتهي الخطاب ويبدأ النشيد الوطني وأغاني التحرير والعروبة.... مات عبد الناصر ومعه القوميون العرب وبقيت فلسطين محتلة والعرب منقسمون ألف قسم وقسم يطبِّلون ويزمِّرون، وعقولة المثل "حمار يعوي معاك، ولا عالم ينتقدك"... إذن عرفت ما يحتاجه الرئيس لتصبح أفعاله كلها جيدة بخطئها وصوابها، بخيرها وشرِّها، فقط "طَبْلَة" وكاميرا"..... الاعلام خطير يا عزيزي. وأنا مالي يا أبو يزن دع الخلق للخالق.