27.25°القدس
27.42°رام الله
29.97°الخليل
30.73°غزة
27.25° القدس
رام الله27.42°
الخليل29.97°
غزة30.73°
الأربعاء 31 يوليو 2024
4.8جنيه إسترليني
5.28دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.05يورو
3.74دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.8
دينار أردني5.28
جنيه مصري0.08
يورو4.05
دولار أمريكي3.74

خبر: موقف أعاد لصديقي صوابه

احتدم الجدال مرارا وتكرارا بيننا ، قال إنه " ضاق ذرعا بغزة ويريد الرحيل طمعا بحياة أفضل"، لم يعجبه ردي " أنت بنعمة لا تقدرها ، غيرك يحلم بتقبيل تراب غزة " ، وانصرف وهو يتمم بكلمات يكررها كثير منا " أنت من يحلم لا أحد يلتفت لنا أو يسمع آهاتنا ". يغيب أياما ويعود بنفس قناعاته ، وذات أسلوب التفكير ، أشفقت على حاله " اليائس والبائس " ، إلى أن جاءتني رسالة تقول أن ممثلاً عن وفد العلماء الذي وصل غزة ضمن قافلة ربيع الحرية يزور مسجدكم للقاء جماهيري " ، قلت في نفسي : " أجت والله جابها ". وما أن اقترب اللقاء ، اتصلت بصديقي ، أخبره به ، تردد متعللا " هؤلاء بياعين كلام" ، قلت له " وما يضيرك أنت صلي العشاء ثم اجلس واسمع واحكم " فوافق مكرها. صلينا العشاء جماعة ، قام شيخ جليل معرفا ومرحبا بضيف اللقاء ، ممثل عن وفد العلماء الدكتور محمد عنتر نائب رئيس رابطة علماء أهل السنة في ألمانيا وهو مصري قضى غربته قسرا هناك ، قبل أن يعود إلى بلادة بعد سقوط نظام مبارك. قال عنتر إنهم جاوؤا لا ليتكلموا ، إنما ليتعلموا من أهل غزة الأفعال ، نتعلم الصبر والثبات والجهاد ، ووجه كلامه للحاضرين " نحن أجدنا الأقوال وأنت أجدتم الأفعال وشتان بين ميادين القول وميادين الفعل ". أورد موقفا حدث في ألمانيا ، بينما وقف الشيخ عنتر خطيبا في وقفة ومسيرة تضامنية مع غزة خلال حرب 2008 وسط العاصمة الألمانية ، وتحدث كيف أن الطائرات الصهيونية تصبب حممها ورصاصها ، وأهل غزة لا يتراجعون قيد أنملة ثابتون صابرون " . يضيف " بعد ذلك جاءني شباب من الجالية التركية يسألوني : هل أهل غزة بشر " ، التفتُ إلى صاحبي " كأن على رأسه الطير" ، ينظر إلى الشيخ " وهو يقول أنتم مصدر الهام وأنتم من علمتم الثائرين في ميادين التحرير معنى الثورة والثبات ". ويشير شيخنا الذي بدت عليه علامات التعب من السفر إلى أن كثيراً من يأملون أن تطأ أقدامهم أرض غزة ، قال إن أحدهم عُرض عليه وظيفة بألمانيا براتب يقدر 15 ألف دولار ، رفض العرض قائلا " كيف أترك أرض الرباط فلسطين ". لم تخل عبارات حديثه الذي استمر ما يقرب الساعة من ذكر غزة ، ومدح ثبات أهلها وصبرهم وجهادهم ، نبه إلى أنهم حاولوا مرارا وتكرارا المجيء إلى غزة لكنه حيل بينهم وبين ذلك قبل سقوط نظام مبارك. حاولت الحديث مع صديقي الغارق في التركيز ، نهرني بقوله " اسمع لما يخلص الشيخ " ، ابتسمت وخلصت إلى أن " الطبخة استوت وقناعاته السلبية عن غزة قد تغيرت". استطرد شيخنا الضيف بالحديث عن فعالياتهم لدعم غزة ، وجمع ما قال إنها واجبات وليس تبرعات سيحاسبهم الله عليه إن قصروا في أدائها " . بدت علامات الذهول على صديقي ، لما سمع حكاية تلك الفتاة الصغيرة التي آثرت التبرع بـ"حلق إذنيها " لغزة ، وكيف أن هذا الموقف "الطفولي" أثر بالحاضرين ودفعهم إلى إخراج ما في جيبهم حتى وصل الجمع إلى أزيد من أربعين ألف دولار. في ختام حديثه ، ناشد الداعية محمد عنتر الفلسطينيين بالثبات والصبر ، وأن يكونوا عند حسن ظن أمتهم بهم ، وسط صيحات التكبير والتهليل. وما أن انتهي حديث عنتر حتى انهال عليه الحضور ، مسلِّمين ومقبلِّين ، والتقاط الصور التذكارية ، وكان من بينهم صديقي الذي أيقنتُ " أن تفكيره انقلب رأسا على عقب". في طريق عودتنا للبيت ، لم أتكلم كثيرا مع صديقي ، فاللقاء كان مؤثرا بشكل يغنيني عن الحديث ، سألته فقط ، كيف الحال قبل وبعد " أجاب " والله نحن بنعمة لا يقدرها إلا من فقدها وأنا الآن علمت قدر هذه النعمة" ثم افترقنا كل إلى بيته.