هستيريا، هذه ربّما المُفردة الأكثر قربًا من توصيف الوضع في الدولة العبريّة، بعد قيام تنظيم فلسطينيّ "لا يزال مجهولا" بأسر ثلاثة جنود إسرائيليين، الخميس، بالقرب من الخليل. وسائل الإعلام العبريّة، التي تحولّت بطبيعة الحال، إلى كتيبة هجوميّة، تعمل في إطار جيش الاحتلال، في إطار ما يُسّمى الإجماع القوميّ الإسرائيلي، خرجت عن طورها، وعلى الرغم من أنّ الأمور باتت واضحة، إلا أنّ كلمة السر، لم تخرج حتى الآن: "إسرائيل" هُزمت من الفلسطينيين، في هذه العملية، التي يتشدّق أركان "تل أبيب"، بأنّ تداعياتها ستكون إستراتيجيّة على العلاقة مع الفلسطينيين. ويظهر عمق التخبّط في تقارير وسائل الإعلام العبريّة، المرئيّة، المسموعة، والمكتوبة، فها هو على سبيل الذكر لا الحصر، يكتب المُحلل للشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس) العبريّة، عاموس هارئيل، وهو ابن المؤسسة الأمنيّة في الدولة العبريّة، يكتب نقلاً عن مصادر أمنيّة وصفها بأنّها رفيعة المستوى، أنّ الآسرين الفلسطينيين، سيُحاولون الهرب مع المفقودين إلى الأردن، لافتًا إلى أنّ الأماكن التي اعتقد جهاز الأمن العام (الشاباك الإسرائيليّ) بأنّ الخاطفين يختبئون فيها، تمّ فحصها من قوات الجيش والشاباك، ولكن تبينّ أنّ المعلومات لا أساس لها من الصحّة. ويُضيف المُحلل، نقلاً عن المصادر عينها، إنّ الجيش الإسرائيليّ عاقد العزم على العثور على المفقودين الثلاثة، ولكنّه يستدرك، مستعينًا بالناطق العسكريّ، الجنرال "موطي إلموز"، الذي أكّد للصحافيين على أنّ الحديث يدور عن عملية مُعقدّة ومركبّة جدًا، التي من شأنها أنْ تستمر أيامًا عديدة. وخلُص "هارئيل" إلى القول إنّ عملية الأسر هي عملية شاذّة جدًا، تمكّن فيها المنفذون من اختراق رادار الشاباك الإسرائيليّ، على حدّ وصفه. من ناحية أخرى، ذهب مُحلل شؤون الشرق الأوسط في الصحيفة عينها، تسفي بارئيل، إلى أبعد من ذلك كثيرًا، وتساءل في مقالٍ نشره على الموقع الالكترونيّ للصحيفة: هل التنظيم (داعش)، الذي يُسيطر على أجزاءٍ من سوريّة والعراق وصل إلى الضفّة الغربيّة المحتلّة؟ مشيرًا إلى أنّ منشور تحمّل المسؤولية عن العمليّة، الذي تمّ نشره يختلف عن مناشير تنظيم الدولة الإسلاميّة في العراق وبلاد الشام، لكنّه أضاف أنّه من غير المُستبعد بتاتًا أنْ يكون التنظيم الفلسطينيّ، غير المعروف حتى الآن، قد قام باستخدام اسم الدولة الاسلامية (داعش)، لأنّ التنظيم المذكور بات الأكثر شيوعًا في الوطن العربيّ، على حدّ وصفه. علاوة على ذلك، زعم بارئيل إنّ فرع تنظيم (داعش) في قطاع غزة يعمل منذ أكثر من سنتين في قطاع غزّة، مؤكدًا على أنّ قوات الاحتلال الإسرائيليّ قامت في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الفائت بقتل ثلاثة جهاديين، مصّنفين على أنّهم من السلفيين الجهاديين في منطقة جبل الخليل، مشدّدًا على أنّ الشهداء الثلاثة ذُكروا في بيان تحمّل المسؤولية. جدير بالذكر أنّ وسائل الإعلام العبريّة، شدّدّت في تقاريرها على أنّ الرقابة العسكريّة الإسرائيليّة، لا تسمح بنشر جميع المعلومات عن التحقيق، ولكنّ موقع صحيفة (يديعوت أحرونوت) على الإنترنت، أكدّ على أنّ سيارة (يونداي) المحروقة، التي تمّ العثور عليها استُخدمت من الآسرين، موضحًا أنّ الشاباك والجيش لا يستبعدان قيام الخاطفين باستعمال نفق للهروب إلى مكان مجهول، الأمر الذي حوّل مهمة البحث عن المخطوفين إلى أصعب بكثير، ممّا توقّعته الأجهزة الأمنيّة، على حدّ قوله.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.