افتكرت نفسي في حفلة زفاف، مدعوٌ لها اضطرارياً.. أو لمَّةٍ عائلية، أو سهرة جماعية.. حين دخلت غرفة الباطنة في المستشفى أثناء زيارة صديق لي. أطفال يدخلون ويخرجون من خلف السَّتائر التي تحيط بالأسِرَّة، ونساءٌ يتحدَّثن بصوت مرتفع يسمعه كل من في الغرفة... "دْرِيتي يا عفاف زوجة أحمد نزَّلَتْ –أسقطت جنينها- ، "ولِكْ نَصْحَانَة يا أمل الله يهدِّكْ صَايرة برميل، والله وكيف حال بَنَاتِكْ يا خالتي...إلخ". على الجهة الأخرى من الغرفة مجموعة من الرجال يتحدثون في الوضع السياسي للبلد... "رواتب، مصالحة، خطف جنود، صَرَاخْ، تضارب وتناقض في الأفكار، اتهامات، تخوين، وكلها ترفع ضغط المرضى....". في الجو روائح مختلفة، كباب مشوي، طبيخ مليئ باللحم، عصائر، فواكه.... كأن المريض لم يذق اللحوم والعصائر منذ احتلال أمريكا للعراق.!! لم أر في الدقائق الأولى أي مريض، فقد غطَّى الزًّحَام وعدم النِّظام وروائح الطعَّام وكثرة الكلام، على عينيَّ فصرخت على اسم صديقي: علي.. علي... تفاجأت بثمانية أشخاص يقولون لي: "تفضل يمَّا، تعال يا خالتي، هي علي..." قلت في نفسي: "مين علي؟!، وين أنا؟!، ايش في؟!..." اقتربت وقلت له: حمداً لله على سلامتك، وربنا يزيد ويبارك في حبايْبَكْ ما شاء الله... خرجت من الغرفة وأنا أقول لممرض قابلته يعرفني: "معقول يغادر هؤلاء المستشفى بسلامة وشفاء تام"... ضحك الممرض وقال: طبعاً يوم والثاني والمرض بْيُطْفُش طَفِشْ.. يا عالم: الراحة مهمة وضرورية للمريض، الهواء النقي، الطعام الخفيف المفيد، والزيارة مش مباراة الزيارة غَار ، اثنين ثلاثة مش حارة. [title]وأنا مالي يا أبو يزن دع الخلق للخالق[/title]