يحكى أن دجالا حل في قرية نائية وعاش من النصب على أهلها البسطاء فيحور لهم الدين كيفما يشاء ويعطيهم فتاوى ما انزل الله بها من سلطان مستغلا بساطتهم وجهلهم كي يبتز أموالهم, حتى شاهد في احد الأيام امرأة جميلة فأعجبته وسأل عنها فعرف أنها زوجة لأحد المزارعين وهو يحبها حبا شديدا. صار الدجال يلحق بالرجل في كل مكان كي يجد طريقة يستولي بها على زوجته حتى رآه في أحد الأيام يبصق فتفتق فكره الشرير عن خدعة وذهب للرجل وقال له: لقد أتيت أمرا شنيعا أيها الأخ فقد بصقت باتجاه القبلة وهو فعل حرام وقد أضحت للتو زوجتك منك طالقا وتحرم عليك. فزع الرجل المسكين وسقط على يد الدجال يطلب عونه للنجاة من هذه المصيبة الكبيرة فأشار عليه الشرير أن لا حل سوى أن يطلقها ويتزوجها هو يعيدها إليه بعد الطلاق , وهكذا صار ولما ذهب الرجل ليستعيد زوجته رفض الدجال وجمع اهل القرية لضربه كونه يتعدى على أعراض الناس ونواميسهم . فهم الرجل اللعبة وترصد للدجال ورآه يوما يبصق هو الآخر باتجاه القبلة فانقض عليه قائلا :ها قد أتيت نفس عملي وعليه فقد أصبحت زوجتك حراما عليك ووجب أن تطلقها. ضحك الدجال وقال : صحيح أني كنت باتجاه القبلة عندما بصقت ولكني اعوجت لساني إلى اليمين فجاءت البصقة باتجاه أخر ولن تنال مني. هذه القصة تذكرني بسيدة الديمقراطية أمريكا التي طالما تغنت بديمقراطيتها وعدالتها وكونها الحامي الأول للديمقراطية في كل أرجاء كوكب الأرض بل وحتى الكواكب الأخرى أيضا وكما قال رئيسها السابق بوش أن الله أرسله ليقود أمريكا في مهمة مقدسة هي إحلال الديمقراطية في كل العالم . وكانت الديمقراطية دوما سيفا مسلطا على رأس أي دولة في العالم تعادي أمريكا ورخصة لها كي تدس الدسائس وتعلن الحروب من اجل الديمقراطية مثلما فعلت في فيتنام في حرب أكلت الأخضر واليابس ونفس الشيء في كوريا وغرينادا وكوبا وباناما وصولا إلى العراق وأفغانستان وللعجب فأن أي من هذه الدول لم تر خيرا من ديمقراطية أمريكا سوى الويلات والثبور وعظائم الأمور. ولكن الغريب أن هذه المستميتة لإحلال الديمقراطية في كل مكان ضاق صدرها بتحققها على أرضها وبين شعبها وبعد أن كانت تنادي بحق الشعوب بالتظاهر لسبب أو بدون سبب حتى لو كانت هذه المظاهرات لدوافع غير سليمة أو غير ديمقراطية وتطالب الحكومات بأن تتفرج على المتظاهرين يفعلون ما يشاءون دون أن تتعرض لهم أظهرت وجهها القبيح في مواجهة التظاهرات التي قام بها الشعب الأمريكي ضد مركز البورصة في وال ستريت الذي جعل من مقدرات الشعب الأمريكي حلبة قمار يلعب بها المضاربون فيربحون المليارات بينما يخسر المواطن العادي وظيفته ومنزله بلا ذنب . وبدلا من أن تقف الحكومة الديمقراطية موقفا حازما من وال ستريت وتستجيب لمطالب المتظاهرين في كشف التلاعبات والمضاربات الغير مشروعة فإذا بها تمنع المتظاهرين بوحشية طالما انتقدتها عندما تحصل في دول أخرى بل ووصل الأمر إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى واعتقال المئات من المتظاهرين . وكعادتها في وضع معاني جديدة للمعايير المزدوجة في العالم أدعت أمريكا بأن أي تظاهرات فيها هي فعل غير مشروع لان أمريكا دولة ديمقراطية ودولة مؤسسات لا حاجة لأحد فيها بالتظاهر !!!! وهكذا نرى أن دجال القرية قد أصبح رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية ويصدر الفتاوى بتحريم الأفعال على الحكومات الأخرى بينما يحللها على نفسه وطبعا على حبيبة قلبه (إسرائيل) , بينما نحن كأهل القرية البسطاء مازلنا نطلق مقدراتنا وثرواتنا وأرضنا واستقلالنا ونعطيها بيدنا للدجال حرصا منا على أن يكون راض عنا وغير زعلان !! فهل نتعظ ونبصق بوجه الدجال هذه المرة ؟
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.