18.34°القدس
18.21°رام الله
17.19°الخليل
23.39°غزة
18.34° القدس
رام الله18.21°
الخليل17.19°
غزة23.39°
السبت 12 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.3دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.11يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.3
جنيه مصري0.08
يورو4.11
دولار أمريكي3.76

خبر: توقف المفاوضات.. نهاية متوقعة

يبدو أن المفاوضات غير المباشرة بين الوفد الفلسطينى, والوفد الصهيونى فى القاهرة, قد وصلت الى طريق مسدود, وعادت العملية التفاوضية برمتها الى المربع الأول. فالحكومة الصهيونية لم تبد أى مرونة فى التعاطى مع مطالب الشعب الفلسطينى, والتى يصر المفاوض الفلسطينى بدوره على تحقيقها كاملة غير منقوصة. وما بين بدء المفاوضات ووصولها الى الطريق المسدود, خاض المفاوض الفلسطينى تجربة مريرة, عانى فيها من الضغوط المختلفة التى مورست عليه من أطراف عديدة بهدف كسر عزيمته, ودفعه الى اليأس والتخلى عن مطالب الشعب الفلسطينى, و القبول بالفتات الذى يعرض عليه, بما يؤدى فى النهاية الى اجهاض الإنجاز الرائع للمقاومة الفلسطينية, وتحويله الى هزيمة سياسية. والواضح من هذه التجربة أن الوفد الصهيونى لم يكن جادا فى التفاوض للوصول الى اتفاق مع المفاوض الفلسطينى, فاستخدام اسلوب المماطلة, والمراوغة, واضاعة الوقت, من خلال التلكؤ فى اعطاء الردود, والتحجج بالحاجة الى الطيران الى "اسرائيل" لتقديم تقرير أمام المجلس الوزارى المصغر, واظهار التشدد في ما يتعلق ببعض شروط الشعب الفلسطيني, والغرق فى تفاصيل التفاصيل, وفى النهاية الإنسحاب من المفاوضات, كل ذلك يدل على أن الحكومة الصهيونية كانت تهدف الى كسب الوقت بهدف اعادة التوازن لجيشها المهزوز لما أصابه من هزيمة لم يمنى بمثلها من قبل, ولتعزيز الجبهة الداخلية المضعضعة بفعل صواريخ المقاومة, والتى ابقت معظم سكان الكيان االصهيونى فى الملاجئ لأسابيع طويلة, فى سابقة لم يعدها المجتمع الصهيونى, والى ترميم الشرخ الذى أصاب القيادة الصهيونية نتيجة لإخفاقها فى ادارة الحرب التى فرضتها هى على غزة ولم تفرض عليها. وعلى الجانب الآخر, فإن القيادة الصهيونية كانت تهدف أيضا الى تبريد الجبهة على الجانب الفلسطينى, بما يؤدى الى اضعاف الروح المعنوية لدى المقاومين, واضعاف الإلتفاف الجماهيرى حول المقاومة, واصابة القيادة السياسية الفلسطينية بالإحباط واليأس, بما يدفع فى النهاية الى الإستسلام والقبول بالشروط الصهيونية. وهم بذلك يحاولون استنساخ تجربة مضنية ومريرة, نجحوا خلالها وعلى مدى أكثر من عشرين عاما فى "تدويخ" قيادة منظمة التحرير الفلسطينية, والسلطة الفلسطينية, والتى قضى معظم رموزها أو خرجوا من الخدمة وهم يفاوضون, دون أن يحصلوا على شيئ, بل ونجحت الحكومات الصهيونية المتعاقبة خلال هذه المفاوضات فى سلبهم كل "المكاسب" التى منحتها اياهم اتفاقات اوسلو. والحكومة الصهيونية فى ذلك تنسى أو تتناسى عدة أمور: 1- أن الكيان الصهيونى اليوم غيره بالأمس ف"اسرائيل" التى كانت قبل عشرين عاما تصول وتجول دون أن يقدر عليها أحد, وتفرض ارادتها على الجميع, باتت اليوم غير قادرة على حماية مستوطنيها ومطاراتها. فكيانهم لم يعرف منذ مطلع هذا القرن الا الهزائم والإنكسار بدءا بفرارهم المخزى عام 2000 من جنوب لبنان, تاركين ورائهم دباباتهم وحلفائهم فى جيش لبنان الجنوبى غنيمة سهلة للمقاومة اللبنانية, ومرورا بالإنتصار الرائع للمقاومة اللبنانية عام 2006 والذى نقلت المعارك فيه, وللمرة الأولى فى تاريخ الصراع مع الكيان الصهيونى, الى داخله, حين غطت صواريخ المقاومة شمال كيانهم مما اضطر ثلث سكانهم الى النزوج جنوبا طلبا للأمن. وفى غزة كان الصمود الرائع للمقاومة عام 2008/2009 ايذانا بانطلاق مرحلة جديدة فى تاريخ صراعنا معهم, مرحلة تختلف عما سبقها من مراحل وتنبئ بأنها المرحلة الخاتمة التى ستتوج بالنصر والتحرير. هذه البداية التى فشل الكيان الصهيونى فى التقاط رسالتها وارهاصاتها فكانت مؤشرات النصر االقادم عام 2012 وكانت المفاجأة الكبرى عام 2014 فى حربه القائمة الآن. انجازات المقاومة فى هذه الحرب أكثر من أن يتسع لها هذا المقال ولكن لعل من أهمها, قدرة مجاهدينا على ايقاع خسائر بشرية مؤلمة وغير مسبوقة فى صفوف جيشهم, وأن المواجهات العسكرية الرئيسية دارت داخل حدود الكيان دون أن يتمكنوا من التقدم بشكل مؤثر داخل قطاع غزة, وأن كيانهم كله كان تحت مرمى النار, وأن الحرب امتدت لآكثر من شهر وما زالت مستمرة مما سيحولها الى حرب استنزاف لا يقوى عليها كيانهم, وفى ذلك كله نقلة نوعية لادارة الحرب معهم تضرب فى الصميم القواعد التى بنيت عليها نظرية الأمن لكيانهم والعقيدة العسكرية لجيشهم. 2- أن شعبنا والذى ما انفك يضحى ويقدم الشهداء منذ أكثر من ستين عاما لم ينهزم ولم تنكسر إرادته وعزمه واصراره على استرداد ارضه وحقوقه. بل انه الآن اكثر استعدادا لتقديم المزيد من قوافل الشهداء بعد أن لاحت أمامه بشائر النصر واقتراب لحظة التحرير والعودة. شعبنا يخرج بعشرات الآلاف رغم الجراح والآلام يشد أزر المقاومة والمفاوضين ويدعوهم الى الثبات فى الوقت الذى يصرخ فيه مستوطنوهم فى وجه قياداتهم السياسية والعسكرية يتهمونهم بالعجز والإنهزام. جبهتنا الداخلية قوية متماسكة وجبهتهم مهزوزة متناحرة، قلوبهم شتى, ونحن كالبنيان المرصوص يشد بعضنا بعضا. 3- أننا قيادة وشعبا, قد طوينا فى هذه المواجهة مع الكيان الصهيونى صفحة الإنقسام الحالكة, والتى راهن عليها كيانهم لضرب وحدتنا, وشرخ صفنا, وأننا نواجهه الآن صفا واحدا موحدا, مما سيضاعف قدراتنا على مواجهته, وسيتيح فتح جبهات جديدة فى معركتنا المستمرة معه تزيد من انهاكه, وتقرب لحظة التحرير, وما ارهاصات الإنتفاضة الثالثة فى الضفة الغربية عنا ببعيد. لهذه الأسباب كلها, فإن على الحكومة الصهيونية أن تدرك أن أوراق القوة ما زالت بيدنا, ونحن المؤهلون لفرض ارادتنا. ليس بإمكانها أن تفعل أكثر مما فعلت, ولكن مقاومتنا ما زال لديها الكثير. وعلى الرغم من كل تكتيكاتها فستفاجأ الحكومة الصهيونية بصمود فلسطيني لم تعهده من قبل, فالشعب الفلسطينى لن يفرط فى انجازات مقاومته الباسلة, ولا فى دماء شهدائه, وآلام جرحاه, وسيعض هو ومقاومتة على جراحهم, وسيستأنفوا معركتهم حتى يحققوا مطالبهم, والتى هى فى الأساس مطالب انسانية عادلة.