18.34°القدس
18.21°رام الله
17.19°الخليل
23.39°غزة
18.34° القدس
رام الله18.21°
الخليل17.19°
غزة23.39°
السبت 12 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.3دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.11يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.3
جنيه مصري0.08
يورو4.11
دولار أمريكي3.76

خبر: حماس حركة ولاّدة للقادة الأشداء والعقول المبدعة

في عام 1995 وبعد أيام معدودة من استشهاد مهندس المقاومة يحيى عياش، كنت في زيارة إلى العاصمة الأردنية عمان لإلقاء محاضرة سياسية واللقاء مع الفعاليات الفكرية والسياسية على هامشها، في اليوم الأخير اتصل بي أحد أعضاء المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس″ طالبا اللقاء لطرح وجهة نظر الحركة حول بعض القضايا الملحة في حينها. الرجل جاء متخفيا، والتقينا في سيارته الحمراء القديمة المتهالكة من نوع “تويوتا” في شارع جانبي للفندق الذي أقيم فيه، على ما اذكر، فالحركة كانت محظورة من العمل في الأردن في حينها بعد تصاعد عملياتها الاستشهادية واتهام السلطات الأردنية بالتستر عليها، التفاصيل كثيرة، ولكن ما أريد ذكره منها، أنني خطأته، والحركة، في الإعلان عن تنفيذ الحركة أربعة عمليات استشهادية ستهز كيان العدو ثأرا وانتقاما لاغتيال الشهيد المهندس عياش، فوجهة نظري تقول في حينها إن عدم ذكر عدد العمليات الانتقامية مسبقا أفضل تحسبا لعدم القدرة، لأمر ما، على تنفيذها جميعا، وهنا قال لي الرجل، وبكلمات حاسمة، إن الحركة ستنفذ ما تعهدت به بإذن الله، وستلقن الإسرائيليين درسا لن ينسوه انتقاما لقائدها يحيى عياش والأيام بيننا. الحركة نفذت خمس عمليات استشهادية في فترة زمنية قصيرة أولها في بلدة الخضيرة وثم القدس المحتلة، وتل أبيب، على ما اذكر، وليس أربع عمليات مثلما وعدت وتعهدت، وأوقعت خسائر بشرية ومادية ومعنوية هائلة في الجانب الإسرائيلي، ويمكن الرجوع إلى تلك العمليات الموثقة على الشبكة العنكبوتية (الانترنت) للمزيد من التفاصيل لمن أراد. *** تذكرت الواقعة عندما ارتكبت الطائرات الإسرائيلية مجزرة في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، راح ضحيتها ثلاثة من قادة الذراع العسكري لكتائب القسام هم الشهداء رائد العطار، محمد أبو شمالة، ومحمد برهوم الذين شكلوا الخلية القيادية الميدانية للمنطقة الجنوبية، وكانوا خلف التطور النوعي لهندسة الأنفاق والصناعات العسكرية الصاروخية، وخطف الجندي الإسرائيلي غلعاد شاليط، واسر الضابط هدار غولدن في عملية أنفاق مماثلة أثناء العدوان الحالي. حركة “حماس″ توعدت بالانتقام لشهدائها هذه المرة مثلما تعهدت في المرات السابقة، وهي حتما ستنفذ هذه المرة مثلما نفذت في كل المرات السابقة، وستعوض هؤلاء الرجال حتما، فهي حركة “ولاّدة” للمقاتلين الأشداء مثل أبناء شعبها الفلسطيني، ثم إن هؤلاء الرجال الثلاثة الذين انضموا إلى قافلة الشهداء الطويلة عددا ومقاما، كانوا يتطلعون إلى الشهادة ويتمنونها بل يستعجلونها ونالوها عن جدارة، وهذا ما لم تفهمه إسرائيل وحلفاؤها العرب والغربيين معا. ما لا تدركه القيادة الإسرائيلية بشقيها السياسي والعسكري، أن التجارب أثبتت أن البدائل للقادة الشهداء يأتون أكثر تشددا وتصميما على المضي في المقاومة وتطوير أدائها وأدواتها، فالمجاهد محمد الضيف جاء عوضا للمهندس يحيى عياش وحمل الراية بعده وبعد استشهاد أحمد الجعبري عام 2012 وكان خير خلف لخير سلف، مثلما تقول أدبيات جناح القسام، مقرونة بالحقائق العسكرية المتمثلة في القفزة الكبيرة في التسليح وحرب الأنفاق وتطور إبعاد ومدى الصواريخ وفعاليتها، ويمكن القول نفسه على الفترة التي تولى فيها الشهيد أحمد الجعبري قيادة كتائب القسام بعد استشهاد صلاح شحادة في غارة إسرائيلية عام 2002 نسفت منزله، وقتلت جميع أفراد أسرته ودمرت ثلاث عمارات مجاورة ومن فيها، في واحدة من أبشع المجازر في حينها. ما لا يدركه نتنياهو وجنرالاته، وأدركه شارون ورابين من قبلهم، أنهم لن يستطيعوا هزيمة قطاع غزة وشعبها، مهما امتلكوا من أسباب القوة، فهؤلاء يعيشون من اجل المقاومة والشهادة، ومن استمع لنساء القطاع العظيمات يؤكدن هذه الحقيقة، وهن يشيعن أطفالهن الشهداء وأزواجهن، ويقدمن درسا في الوقت نفسه في الكرامة والشهامة والصمود والإيمان لكل قادة الجيوش العربية وزعمائهم دون أي استثناء. *** غزة ليست دولة عظمى حتى يهدد نتنياهو بأنه سيشن حرب استنزاف ضدها، وحماس لا تملك الجيش الذي يحتل الترتيب الرابع على قائمة أقوى الجيوش في العالم، كما أنها تقاتل وحدها بلا عمق عربي، فقد تواطأت ويتواطأ العمق العربي مع العدو الإسرائيلي ضدها، ولكنها قادرة، ببأس رجالها وإيمانهم، على الصمود والانتصار بإذن الله، مثلما انتصرت على شارون الذي سحب جنوده ومستوطنيه هاربا في ليلة ظلماء، وقبله اسحق رابين الذي تمنى أن تغرق في البحر لاستعصائها عليه وجيشه وأجهزته الأمنية. الانتصار أمر نسبي، والصمود كذلك، وإسرائيل وكل داعميها العرب تورطوا في هذا العنوان الأبرز للمقاومة في القطاع لا تزيد مساحته عن 150 ميلا مربعا واسمه قطاع غزة، فالعبرة ليست بالمساحة الجغرافية صغرت أو كبرت، وإنما في عزائم الرجال الذين يحمونها ويدافعون عنها وإراداتهم الحديدية، ولعمري إنهم الرجال الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، واكرر في الختام مقولة عضو المكتب السياسي لحركة “حماس″ في سيارته الحمراء القديمة المتهالكة والعرق يتصبب من جسمه وجسمي من شدة الحر: والأيام بيننا