16.66°القدس
16.38°رام الله
15.53°الخليل
21.51°غزة
16.66° القدس
رام الله16.38°
الخليل15.53°
غزة21.51°
السبت 12 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.3دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.11يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.3
جنيه مصري0.08
يورو4.11
دولار أمريكي3.76

خبر: غزة انتصرت ومن حقها أن تحتفل وان نحتفل معها

من حق غزة أن تحتفل.. من حق الشعب الفلسطيني وكل الشعوب العربية والإسلامية أن تحتفل أيضا، ليس بوقف العدوان، وإنما بالانتصار عليه، وهزيمته وكل الذين يقفون خلفه أو تواطئوا معه، والعرب منهم على وجه الخصوص، سواء بصمتهم المريب، أو بانتظارهم المتلهف لسحق طائرات نتنياهو ودباباته للظاهرة الأشرف في هذه الأمة، ظاهرة المقاومة والصمود. المقاومة بفصائلها كافة انتصرت لأنها بثت الرعب وعلى مدى 51 يوما في نفوس ستة ملايين إسرائيلي، قضوا معظم وقتهم في الملاجئ خوفا من الصواريخ التي هطلت عليهم كالمطر، وهي ما لم يفعله أي نظام عربي آخر. المقاومة انتصرت لأنها حققت توازن الردع، وأظهرت قدرة على إدارة المعركة بكفاءة عالية وغير مسبوقة، فاجأت الإسرائيليين مثلما فاجأت أصدقاءهم العرب. إسرائيل تعودت احد أمرين في معظم حروبها السابقة، الأول أن يرفع العرب الرايات البيضاء ويولون الأدبار مع أول غارة إسرائيلية تستهدفهم، والثانية أن ينزح المواطنون العرب في هجرات جماعية إلى اقرب مناطق آمنة. *** ما حدث في هذه الحرب وكل الحروب الإسرائيلية السابقة هو العكس تماما، وهنا يكمن الإعجاز، فالمقاومة لم ترفع الرايات البيضاء مطلقا، ولم ترهبها طائرات (اف 16) الأمريكية الصنع والأحدث في ترسانة الدمار الإسرائيلية، والشعب الفلسطيني في قطاع غزة لم يترك أرضه، ولن يتركها حتى لو فتحوا له كل معابر الأرض ومنافذها، ولم يحاول مطلقا كسر الطوق المفروض عليه من الجانب المصري لأنه قرر الشهادة واقفا فوق أنقاض منازله. المستوطنون الإسرائيليون في مستوطنات شمال غزة هم الذين هربوا وهجروا منازلهم خوفا ورعبا بعد عملية نحال عوز التي هزت كل النظريات الدفاعية العسكرية الإسرائيلية، عندما خرج لهم المقاومون من تحت الأرض عبر النفق، وقتلوا كل الجنود الإسرائيليين، وصوروا عمليتهم البطولية هذه بأعصاب باردة وكأنهم في نزهة. هذا الانتصار تحقق أيضا ليس بصمود الشعب الفلسطيني ومقاومته فقط، وإنما المفاوضون أيضا الذين قاوموا كل الضغوط بشجاعة ورجولة، وتمسكوا بكل مطالبهم المشروعة في رفع الحصار وفتح المعابر وإلغاء المنطقة الحدودية الآمنة المحظور الزراعة فيها، ومد عمق منطقة الصيد البحري إلى حوالي 12 ميلا، وتأجيل الميناء البحري وفتح المطار إلى جولات لاحقة. نتنياهو سقط، ومستقبله السياسي انتهى مكللا بالعار، فهذه غزة التي هزمت لاسكندر المقدوني، مثلما هزمت سلفه اولمرت تلحق به والدولة التي يرأس مجلس وزرائها هزيمة مهينة ومذلة. فماذا سيقول نتنياهو للإسرائيليين المستوطنين الذين وعدهم بوقف صواريخ المقاومة التي تستهدفهم وتقض مضاجعهم إلى الأبد، وظلت تدك معاقلهم حتى الدقائق الأخيرة من وقف إطلاق النار، وكيف سيبرر لهم فشله في تدمير الأنفاق ونزع سلاح المقاومة والقضاء عليها قضاء كاملا؟ ليس غريبا أن ينقسم المجلس الوزاري المصغر، مجلس الحرب، على نفسه تجاه القبول بوقف إطلاق النار فهؤلاء يدركون أنهم خرجوا مهزومين وان ناخبيهم سيضربونهم بالأحذية، لان هذا العدوان لم يحقق أيا من أهدافه، بل خرجوا منه كمجرمي حرب سيطاردون قريبا من قبل البوليس الدولي من اجل تقديمهم أمام محكمة الجنايات الدولية. إسرائيل خسرت الرأي العام العالمي، أو معظمه، ولن تستطيع مطلقا تضليله في المستقبل مثلما فعلت دائما، فالعالم كله شاهد بالصوت والصورة أشلاء الأطفال التي قصفت منازلهم، والعجزة الذين دمرت ملاجئهم، والمستشفيات التي دمرتها فوق رؤوس جرحاها، فالصورة لا تكذب. إبطال غزة الذين طوروا هذه الصواريخ وهندسوا الأنفاق وتحلوا بأعصاب فولاذية طوال الخمسين يوما من عمر العدوان، وكانوا شرفاء يتحلون بأعلى أخلاق الحرب عندما لم يقتلوا طفلا إسرائيليا واحدا، وظلوا يحصرون قتلاهم في الجنود فقط، على عكس الجنود المتحضرين الذين لم يستأسدوا إلا على الأطفال. قادة المقاومة ورجالها في غزة انتصروا لأنهم اكتسبوا مهاراتهم العسكرية من اكاديميات الكرامة وعزت النفس والصمود، وليس من كليات التخاذل والجبن والخوف من العدو، التي تخرج منها القادة العرب وأبناؤهم، وقادة جيوشهم حملة النياشين المزورة. شكرا لأهل غزة، وشكرا لشهدائها وجرحاها لقد علمونا معنى التضحية من أجل الأوطان، مثلما علمونا معنى الاعتماد على النفس والترفع عن الاستعانة بزعماء عرب وجيوشهم كانوا يعتقدون أن هناك بقايا نخوة وكرامة لديهم. *** شكرا لتلك المرأة الغزاوية التي تمثل كل أمهات وأخوات وجدات الشهداء، التي قالت إنها من حي الشجاعية البطل الذي دمرته الطائرات الإسرائيلية وخسرت بيتها مثلما فقدت احباءها من أبنائها وجيرانها وأقاربها شهداء، ومع ذلك جاءت لكي تحتفل وتحيي المقاومة ورجالها بهذا الانتصار الذي صنعوه بأرواحهم ودمائهم وشدة بأسهم. هنيئا لها بهذا الانتصار الذي سيكون مقدمة لانتصار اكبر، فالصواريخ موجودة، والعقول التي طورتها وهندسة الأنفاق وخططت وقادت المعارك، موجودة أيضا، وستفاجئ إسرائيل بمعجزات جديدة أكثر خطورة مثلما فاجأتهم في العدوان الأخير. ثقافة المقاومة عادت بقوة، وجيل جديد من القادة المقاومين اطل برأسه بقوة من وسط الركام وهو قطعا سيجب كل ما قبله، ويزيح كل “الديناصورات” من طريقه ويقود هذا الشعب لنيل كل حقوقه المشروعة من النهر إلى البحر، وقيام دولة التسامح الواحدة التي يتعايش على أرضها الجميع، في إطار العدالة والمساواة. غزة انتصرت لأنها تستحق هذا الانتصار في زمن تكاثرت فيه الهزائم، وتعاظمت فيه المؤامرات على هذه الأمة وعقيدتها، فشكرا مرة أخرى لها ولأهلها ولشهدائها، وكل حبه رمل على شاطئ بحرها الذي يشهد بهديره على كل هزائم الغزاة على مر عصور التاريخ.