16.66°القدس
16.38°رام الله
15.53°الخليل
21.51°غزة
16.66° القدس
رام الله16.38°
الخليل15.53°
غزة21.51°
السبت 12 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.3دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.11يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.3
جنيه مصري0.08
يورو4.11
دولار أمريكي3.76

خبر: منشطات سياسية

كل هذه الأخبار السيئة التي تأتيك عن المسجد الأقصى، لم تعد تحرك في الناس، شيئاً، وهذه التدفقات الإخبارية المصورة والمكتوبة، أدت إلى بلادة الكثيرين، بدلا من تحريك مشاعرهم. في الإعلام سر خطير، فكثرة الإعادة، على أهميتها، تتحول في مرات إلى أداة لتجميد المشاعر، والخبر المؤلم يصير عاديا، من القتل إلى القصف، مرورا بكل ما نراه في المشرق الذبيح، ومغربه قيد الالتحاق، والعقدة هنا ليست في الإعلام، لكن في الوجدان الشعبي الذي يتبلد بطريقة غريبة. ليس أدل على ذلك أن اغلبنا اليوم، يتابع شاشة التلفزة، وبعضنا يتناول العشاء أو الحلويات أو المشروبات، بكل استرخاء، وهو يتفرج على آلاف الجثث المنثورة في العالم العربي، وتلك الجثث التي تنتظر دورها، وما بدلت تبديلا، وان كانت مازالت تسعى على قدمين. في مقالة لامعة لكاتب صحفي موريتاني، فكرة مهمة، يسأل الأستاذ عبدالله اسحق عن ذكرى حرق منبر صلاح الدين في المسجد الأقصى وكيف مرت، دون أي تفاعل، على الرغم من كل تهديدات إسرائيل للأقصى، وفي ظل هذا الانهمار للأخبار ولوسائل الإعلام المصورة والمكتوبة، وتدفقات الأخبار عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟!. يستذكر بألم كيف أن كل أهل قريته الموريتانية نهاية الستينيات انخرطوا في بكاء وكأنهم في حالة حداد، اثر تدفق الأخبار يومها، عن حرق الأقصى، برغم ضعف الإعلام يومها، وبعد المسافة بين شقيقين؟!. الفكرة لافتة للانتباه، لان الشبكة العصبية الوجدانية بين العرب والمسلمين في تلك الأيام، كانت حية وتتسم بالقوة والطهر والحيوية والنقاء، ولم تكن تلك القرية الموريتانية بحاجة إلى ألف نشرة أخبار لإدراك حجم الكارثة والمصيبة، ولم يكونوا بحاجة إلى مليون بوست عبر الاتصال الاجتماعي، لتنهمر دموعهم على الأقصى، ولا لكل هذه المنشطات السياسية التي نراها اليوم، ولم تعد تجدي نفعاً. الشبكة العصبية الوجدانية بين العرب والمسلمين هذه الأيام، ضعيفة، منسوب الاتصال عبرها منخفض جدا، فوق تدفقات الكراهية والتنابز الجهوي والإقليمي والديني والطائفي والمذهبي والقبلي، ومثل هذه الشبكة المقطعة، غير مؤهلة أساسا لانسياب أي هم قومي ولا ديني، ولا قادرة أيضا على تحمل أي نبضات ألم، تتجاوز نبضات الفرد وأنانيته وأطماعه وهمومه الشخصية. تهديد الأقصى بات خبراً عادياً، مثلما بات خبر القتل يوميا في كل مكان، بل إن الفروقات فقط، تتجلى بالاستغراب مرات إزاء عدد القتلى وكيف تجاوز المعدل اليومي، أو لان القتل شمل عاصمة هادئة، وبات عادياً جداً، أن يتعامل الإعلام مع تسع عواصم ذبيحة في ليلة إخبارية واحدة؟!. ما يراد قوله اليوم، إن إنعاش الشعور بكوننا امة واحدة، وتنظيف العصب العام من كل الآثام والخطايا والأمراض، مهمة مقدسة، لان إتلاف الشبكة الوجدانية كان مقصودا ومدروساً حتى تتفرق هذه الأمة إلى بقايا بشرية في الجبال والوديان لا يربطها رابط، ولا تقوم لها قائمة، ولا تهدد أحداً. هذا هو حالنا اليوم، ودليله الساطع هذا الموت السريري إزاء تهديد مقدس، مثل الأقصى، فلا يثير أي رد فعل، ولا عصبية، ولا غيرة، قد تثيرها كلمة بين جارين، أو خلاف على ناقة شاردة.