16.66°القدس
16.38°رام الله
15.53°الخليل
21.51°غزة
16.66° القدس
رام الله16.38°
الخليل15.53°
غزة21.51°
السبت 12 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.3دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.11يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.3
جنيه مصري0.08
يورو4.11
دولار أمريكي3.76

خبر: أيّ خلافات أميركية – إسرائيلية؟!

من المتوقع أن يصل قريباً وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948م، وسط دفق من التقارير الإعلامية عن خلافات قديمة جديدة سياسية وشخصية، تتسم بعدم الثقة بين الإدارة الأميركية ورئيسها باراك أوباما وحكومة الاحتلال ورئيسها بنيامين نتنياهو، وقد استفحلت هذه الخلافات بسبب تباين وجهات نظر الطرفين بشأن إدارة العدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. ومن المؤكد أن الاحتلال قد فشل في تحقيق أهداف عدوانه الأخير على قطاع غزة، الذي وصل إلى طريق مسدود، ومن المرجح أن تستهدف زيارة كيري إيجاد مخرج له من فشله. قبل أيام كتب الإعلامي الإسرائيلي بن كاسبيت أن زيارة كيري سوف تكون محاولة للتغطية على هذا الفشل، الذي دفع الاحتلال "ثمنًا باهظًا" له، ولم يحصل على "أي شيء في المقابل"، وتوقع أن الكيان العبري سوف يخرج من هذه القضية وهو يرفع راية بيضاء، واقتبس من "مسؤول إسرائيلي رفيع" كان إلى ما قبل مدة وجيزة جزءًا من حكومة صنع القرار المصغرة قوله: "من وجهة نظر إستراتيجية تكبدت الدولة ضررًا فادحًا، فمبدأ الدفاع الإسرائيلي الذي صاغه ديفيد بن غوريون يقوم على أساس مبادئ بسيطة، هي: تحقيق نتيجة حاسمة، ونقل سريع للقتال إلى أرض العدو، والردع (...) ولم يكد يظل أي شيء من هذه المبادئ"، فقد بددها صمود المقاومة في مواجهة العدوان، الذي أفقد الكيان العبري الشهرة التي كانت له طوال 40 سنة. وظهرت هذه الخلافات إلى العلن مجددًا عندما شددت إدارة أوباما في تموز الرقابة على إرساليات الأسلحة الأميركية إلى الكيان، بعد أن علم البيت الأبيض أن (البنتاغون) كان يزوده بها من دون موافقته، فشنت وسائل إعلام الكيان حملة ضد إدارة أوباما، اتهمتها فيها بالتخلي عن حليفها الإسرائيلي "في زمن الحرب"، متجاهلة تمامًا استمرار تدفق السلاح الأميركي إلى الكيان خلال عدوانه على غزة، ومتجاهلة تمويل تطوير "القبة الحديدية" بمبلغ يزيد على مائتي مليون دولار خلال العدوان أيضًا. وما زالت عملية تضخيم الخلافات الأميركية مع الكيان العبري مستمرة إلى حد المبالغة؛ كي يصفها المتخصص في العلاقات الثنائية بجامعة (بار إيلان) في تل الربيع إيتان جيلبوا في العشرين من الشهر الجاري بقوله: "انفجار من النوع الذي شهدناه في الأيام الأخيرة". ويوم الخميس الماضي اقتبست (جيماينر) اليهودية الأميركية من إليوت إبرامز مستشار الأمن القومي للرئيس السابق جروج دبليو. بوش قوله: "لسوء الحظ يبدو أن التوتر (الأميركي – الإسرائيلي) في ازدياد، ولن يخف ما ظل فريق أوباما في الحكم". لذلك لم يسهل الاحتلال الوساطة الأميركية في التوصل إلى اتفاق على وقف إطلاق النار في القطاع، واعتمد الوساطة المصرية بدلًا منها، ليظل الدور الأميركي مخفيًّا وراء الكواليس في المفاوضات الفلسطينية غير المباشرة معه في العاصمة المصرية، وتجاهلت وسائل إعلامه دور مبعوث "السلام" الأميركي فرانك لونستين الذي كان في القاهرة في أثناء المفاوضات طوال أسبوع كامل، قبل أن يغادرها إلى الأردن في الرابع عشر من الشهر الجاري. ويستخدم الاحتلال تضخيم الخلافات للضغط الداخلي على إدارة أوباما؛ لانتزاع المزيد من المساعدات الأميركية، وتستفيد الإدارة الأميركية من تضخيمها في التغطية على حقيقة أن الدعم العسكري والأمني الأميركي للكيان العبري في عهد أوباما "غير مسبوق"، كما قال أوباما نفسه في أكثر من مناسبة، ويستفيد منها "معسكر السلام" العربي والفلسطيني مسوغًا لمواصلته الرهان على احتكار الولايات المتحدة عملية حل الصراع العربي – الإسرائيلي في فلسطين "سلميًّا". لكن الأهم أن تضخيم الخلافات الأميركية – الإسرائيلية يستخدم للتغطية على حقيقة أن الولايات المتحدة لم تكن فقط شريكًا أساسيًّا في تحويل المشروع الصهيوني إلى دولة على الأرض في فلسطين، بل كانت شريكًا أساسيًّا في احتفاظ الكيان العبري بالمكاسب الإقليمية التي انتزعها بالقوة الغاشمة والاستعمار الاستيطاني، منذ احتل ما هو مخصص للدولة العربية بموجب قرار التقسيم عام 1948م، ثم ما اكتسبه بالاحتلال العسكري عام 1967م. في تشرين الثاني 1947م كتب الملك الراحل عبد الله مؤسس المملكة الأردنية الهاشمية _وكان أميرًا على شرق الأردن آنذاك_ مقالًا في (ذا أميريكان ماغازين) قال فيه: "إن الولايات المتحدة مسؤولة تقريبًا بقدر مسؤولية بريطانيا عن وعد بلفور هذا؛ فالرئيس وودرو ويلسون أقره قبل إصداره، وتبناه (الكونجرس) كلمة كلمة في قرار مشترك لمجلسي النواب والشيوخ بتاريخ 30 حزيران (يونيو) 1922م، إنه مال أميركي بالكامل تقريبًا الذي يستأجر أو يشتري سفن اللاجئين اليهود التي تبحر بطريقة غير قانونية نحو فلسطين، إنها الدولارات الأميركية التي تدعم الإرهابيين الصهاينة في فلسطين". وفي التاسع عشر من هذا الشهر كشفت صحيفة (هآرتس) العبرية أن قيمة المساعدات العسكرية الأميركية للكيان العبري خلال السنوات العشر الماضية، التي شن خلالها أربع حروب عدوانية على الشعب الفلسطيني الخاضع لاحتلاله، عدا عدوانه على لبنان عام 2006م؛ بلغت (28،9) مليار دولار أميركي، وبلغ إجمالي قيمة هذه المساعدات منذ عام 1962م (100) مليار دولار، وكل هذا الدعم المادي يردفه دائمًا الدعم السياسي. في افتتاحية لها يوم الأربعاء الماضي قالت (ذا جويش برس) اليهودية الأميركية: "الرئيس أوباما ووزير الخارجية كيري نادرًا ما فوتا فرصة لإعلان حق (إسرائيل) في الدفاع عن نفسها، وإن ترافق ذلك مع التحذير ببذل كل جهد لخفض الخسائر في أرواح المدنيين إلى الحد الأدنى، وحثها على ضبط النفس"، لينفي مكتبا أوباما ونتنياهو وجود أي ضغط أميركي على الكيان العبري في الخامس من هذا الشهر، لتظل أي خلافات بينهما مجرد تباين ثانوي في الآراء بشأن طرق التخلص من المقاومة الفلسطينية بكل أشكالها الهدف الإستراتيجي لكليهما.