18.34°القدس
18.21°رام الله
17.19°الخليل
23.39°غزة
18.34° القدس
رام الله18.21°
الخليل17.19°
غزة23.39°
السبت 12 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.3دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.11يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.3
جنيه مصري0.08
يورو4.11
دولار أمريكي3.76

خبر: تغيرات ستراتيجية وتكتيكية لدى "حماس" وعباس

هل هي آخر الحروب التي وضعت أوزارها في غزة مساء الثلاثاء (26/8)..؟ قد يكون الأمر كذلك، إن أدركت القوى والأحزاب السياسية الإسرائيلية أن الناخب الإسرائيلي سيعزف من الآن فصاعدا عن انتخاب مشعلي الحروب، وسينتخب أصحاب البرامج السلمية، التي تسلم بحقوق الفلسطينيين، وتجنب الإسرائيليين ما تعرضوا له خلال حرب الـ 51 يوما..؟! نتنياهو الذي تراجعت شعبيته خلال الأيام الأخيرة من فوق الثمانين بالمئة، حين بدأ العدوان، إلى تحت الخمسين بالمئة، مع هزيمة أهداف العدوان، لن يفكر بشن عدوان واسع آخر على قطاع غزة.. بل إن حكومته تتأرجح الآن على حبال السقوط. لقد خلفت حكومة نتنياهو، حكومة ايهود اولمرت، التي أسقطتها هزيمة عدوان 2008/2009، على قاعدة الاستعداد العسكري للانتقام من قوات المقاومة في قطاع غزة، وكسر شوكتها، فكانت النتيجة أن نتنياهو، وأطراف التحالف الذي تتشكل منه حكومته، جاؤوا لإسرائيل بهزيمتين أخريين في سنتي 2012، و2014. هزيمة 2014 أوغلت في الحاق الأذى بالجيش الإسرائيلي وقدراته، الذي لم يتمكن من تقديم أي أداء ذي بال. ووفقا لمحلل عسكري اسرائيلي (روني دانيال)، فإن "حماس" أظهرت قدرة على التمسك بشروطها التي أعلنتها في اليوم الأول للحرب، حتى النهاية.. ويؤكد "لقد خرجت حماس بإنجاز كبير". ويخلص المحلل العسكري الإسرائيلي إلى أن "حماس".. "أملت علينا طيلة هذه الفترة كيفية إدارة حياتنا". الدكتور محمود الزهار، القائد البارز في حركة "حماس" عبّر عن ذات الخلاصة، بصياغة أكثر تحديدا قائلا "ضربنا نظرية الأمن القومي الإسرائيلي التي ضحكوا بها على العالم 66 عامًا، وأسسنا أنه لا ردع لنا، بل الردع لهم بعد أن طالت صواريخ المقاومة كل شبر في إسرائيل". ومع أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه، دون توقيعه، يؤجل بناء ميناء غزة، وإعادة تشغيل مطار ياسر عرفات، للبحث، لى ما بعد شهر من الآن، إلا أن ميزان القوى الذي أفرزته هذه الحرب سمح له القول "سنبني مطارنا وميناءنا ولن نأخذ إذنا من أي أحد، ومن يعتدي على مينائنا ومطارنا سنعتدي على مينائه ونقصف مرة أخرى مطاره"..! إنه الردع المقاوم إذا..! كما أن هذا الإنتصار سمح بتفكير فلسطيني متقدم، يرى كما ذهب الدكتور رمضان عبد الله شلح، أمين عام حركة الجهاد الإسلامي، إلى أن "العصف المأكول" ليست آخر الحروب.. وتحدث آخرون صراحة بأن هذه النتائج، تحفز على نقل تجربة غزة للضفة الغربية، ومن ثم لتبدأ حرب التحرير.. تحرير فلسطين. قد يكون في هذا القول مبالغة، غير متوفرة في توقع آخر يبدو أكثر منطقية وواقعية.. وينسجم مع ما ورد في بيان وزارة الخارجية المصرية، الذي وصف الاتفاق بأنه "اتفاق وقف إطلاق نار شامل ونهائي". وهي صيغة تحمل بين ثناياها رغبة في تحقيق حل نهائي للقضية الفلسطينية. بتعبير مختلف، يعبر بانكي مون، أمين عام الأمم المتحدة، عن أمله في أن يكون وقف إطلاق النار في غزة "دائما"، وأن يمهد الطريق أمام "عملية سياسية" بين الطرفين. عباس يلامس ذات الأمر بقوله "إن الفلسطينيين لن يقبلوا بعد اليوم الدخول في مفاوضات غائمة مع الحكومة الإسرائيلية"، مضيفا أنه سيضع "رؤيا لحل القضية الفلسطينية لمناقشتها".. مضيفا أيضا "إننا سنضع أمام القيادة رؤيتنا لحل القضية الفلسطينية، وسنستمر في التشاور فيه مع الأشقاء والمجتمع الدولي". هو وقف لإطلاق النار إذا، يفتح أبواب المفاوضات على مصراعيها، وصولا إلى حل نهائي للقضية الفلسطينية. لقد أدرك عباس أخيرا أن النار الفلسطينية مدخل لتفاوض جدي، يحقق أهدافه في التوصل إلى حل سياسي للصراع.. لقد غيرت "حماس" قناعات عباس، التي أخفق ياسر عرفات في تغييرها.. وأعادت تلقينه الدرس الإستراتيجي الأكبر "الحرب هي ممارسة السياسة بالنار"، وإن في معرض تغيرات تكتيكية اعترت تفكيره. وهو استنادا إلى قوة المقاومة الفلسطينية، يستطيع الآن أن يفاوض ويحقق نتائج بشكل أفضل وأسرع. وهذا يتطلب منه أمرين: الأول: وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل. الثاني: وقف التزامه بالإستحقاقات الفلسطينية المنصوص عليها في المرحلة الأولى من خارطة الطريق (نزع أسلحة الإرهابيين، وتفكيك بنيتهم التحتية).. طالما أن إسرائيل ترفض الالتزام بالإستحقاقات التي ترتبها عليها ذات المرحلة الأولى من خارطة الطريق (الوقف الكامل للاستيطان وتوسعة المستوطنات). مهم هنا ملاحظة عدم جواز التفاوض مع إرهابيين والتوصل معهم إلى حلول سياسية، وهدنة عسكرية.. وعلى ذلك، فإن المقاومة الفلسطينية في غزة، يفترض أن تكون قد أبطلت التنازل الكبير الذي أقدم عليه ياسر عرفات في إعلان القاهرة، الذي أعلن فيه، استجابة لإملاءات أميركية إسرائيلية، "نبذ الإرهاب".. في إشارة إلى المقاومة الفلسطينية..!! إلى ذلك، فإن التصريحات التي تصدر عن قادة في "حماس" تترك حيزا من التوقعات، بأن الحركة أصبحت جاهزة أكثر من أي وقت مضي للقبول بالتفاوض مع الجانب الإسرائيلي، والتوصل إلى حل مرحلي. فهل يتزامن التغير التكتيكي لدى عباس مع تغير استراتيجي لدى "حماس"..؟! في إطار التغير التكتيكي لدى عباس، فإنه لم يعد يراهن على العمل على هزيمة "حماس"، وإلغاء دورها السياسي والمقاوم. لقد سعى عباس في فترة مبكرة إلى تحقيق ذلك من خلال: أولا: ممارسة كل السياسات التي تحول دون انتصار المقاومة على إسرائيل. ثانيا: العمل على إطالة أمد الحرب، ومنع إسرائيل من الإقرار بالهزيمة. وتحدث قادة إسرائيليون صراحة ، بأنهم لا يريدوا أن يخذلوا حلفاء عرب..! لكن تراخي وتآكل القدرات الإسرائيلية على الصمود، حال دون ذلك. الآن، تغير تكتيك عباس إلى: أولا: توظيف انتصار المقاومة من أجل تحقيق تقدم تفاوضي مع إسرائيل. ثانيا: التنسيق السياسي مع قادة المقاومة، ما دامت الحرب تدفع باتجاه إحداث تغير استراتيجي في نظرتهم للأمور. يفترض أن يتعزز ذلك، في ظل حرص فصائل المقاومة على النأي بنفسها عن الاشتراك مباشرة في العملية التفاوضية، وإدراكهم أكثر من أي وقت مضى، أهمية التنسيق السياسي مع عباس..! ما سبق يبشر بتبادل أدوار منتج بين خصوم الأمس. يعبر عما سبق، ما ورد في البيان الذي صدر عن اجتماع القيادة الفلسطينية، في رام الله، عشية إعلان وقف إطلاق النار النهائي: "وتأمل القيادة الفلسطينية أن تكون دروس ونتائج العدوان الإسرائيلي حافزا لتعزيز وحدة القرار والموقف الفلسطيني، بما فيها تعزيز دور حكومة التوافق الوطني، لكي تضطلع بكامل دورها في جميع أرجاء الوطن". ويضيف البيان بلغة أقرب إلى الوضوح: "ضرورة العمل لتطبيق خطة وطنية فلسطينية تقود إلى إنهاء الإحتلال، وإلى التزام المجتمع الدولي، ومجلس الأمن الدولي بمسؤولياته في هذا الصدد، وفق جدول زمني محدد". مهم في هذا المقام أيضا، ملاحظة التغير في هدف اسرائيل، من القضاء على المقاومة في قطاع غزة، ونزع سلاحها، إلى ضمان ردع المقاومة عن العودة إلى استخدام السلاح..! قال مارك ريغيف، الناطق بلسان نتنياهو، في أول تعليق على بيان القاهرة بالتوصل إلى وقف نهائي لوقف النار: "بالإمكان تطبيع العلاقات مع قطاع غزة في حال ثبات وقف إطلاق النار الآخير برعاية مصرية".. "وفي حال توقف الهجمات فبالإمكان فتح المعابر وتحسين حياة الناس".