16.66°القدس
16.38°رام الله
15.53°الخليل
21.51°غزة
16.66° القدس
رام الله16.38°
الخليل15.53°
غزة21.51°
السبت 12 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.3دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.11يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.3
جنيه مصري0.08
يورو4.11
دولار أمريكي3.76

خبر: خـيـارات عبـاس وحـركـة فـتـح

من اطلع على المحضر المسرَّب للقاء محمود عباس مع أمير قطر وخالد مشعل برفقة وفد من الحركتين، والذي يبدو صحيحاً، سيعثر على رئيس مأزوم ، إذ يكرر في أكثر من موضع بأنها "واصلة معه لهون" مشيراً إلى أرنبة أنفه. حدث ذلك في معرض الإشارات المتكررة والمملة في الحوار إلى محاولة الانقلاب الحمساوية في الضفة من جهة، وإلى قصة قديمة عن نفق حفرته حماس تحت بيته، يعتقد هو أنه كان بهدف اغتياله. وفيما كشفت صحيفة "هآرتس" عن عدم صحة القصة الأولى، وأنه لم يثبت من التحقيقات مع القيادي الحمساوي المعتقل أن محاولة انقلاب على السلطة كانت تُعد بالفعل، فإن الثانية لا تعدو أن تكون كلاماً قيل في معرض المزاح بين عناصر من حماس في توصيف نفق لا يعدو أن يكون جزءا من الأنفاق التي حفرتها الحركة في قطاع غزة. والحال أن عاقلاً لا يحتاج إلى دليل من "الشاباك" أو سواه كي يدرك أن حكاية الانقلاب في الضفة هي محض خيال، ذلك أن الحركة ليست بهذه الخفة السياسية كي تتجاهل واقع الضفة المستباح من قبل الاحتلال، والذي يجعل أي محاولة انقلاب هي محض انتحار أمني سينتهي سريعاً، لاسيما أن سلاحاً لا يتوفر للحركة في الضفة التي تطاردها فيها أجهزة الاحتلال وأجهزة السلطة معاً بشكل محموم منذ 2004، وقبل ذلك بعد عملية "السور الواقي" ربيع العام 2002. أما اتهام حماس بأنها تسعى إلى تفجير انتفاضة في الضفة الغربية، فهو باطل أيضاً، لأن كل شرفاء الشعب الفلسطيني يريدون ذلك، وحين يقول عباس إنها تريد انتفاضة شعبية، فإن أي مؤشر لا يتوفر أبداً على وجود نية من هذا النوع، وهو يعيد ويكرر يومياً بأنها لن تحدث ما دام على قيد الحياة، اللهم إلا إذا كان يرى أن الانتفاضة هي بضع وقفات احتجاجية موسمية ضد الجدار في هذه القرية أو تلك، وليست مظاهرات عارمة واشتباك مع حواجز الاحتلال ونقاط تواجده، وصولاً إلى عصيان مدني. عباس في هذا السياق كمن يريد أن يدخل معركة ولا يصاب بأي خدوش، وقبل عام أو أكثر اندلعت مواجهات أسفرت عن عدد من الشهداء في الضفة، فخرج يصفها بأنها مؤامرة من نتنياهو الذي يريد تفجير الوضع في الضفة الغربية كي يبرر قتل أبناء الشعب الفلسطيني (كذا!). هل سمعتم بكلام من هذا النوع قاله قائد حركة تحرر في العالم؟, فكيف والكل يدرك أنه ما من شيء يثير مخاوف نتنياهو وجهاز الأمن الصهيوني أكثر من انتفاضة؛ ولو سلمية في الضفة تضرب واقع الأمن والرفاه الاقتصادي في الكيان الصهيوني الذي كان جزءًا أساسياً منه بسبب الأمن الذي توفّر عبر التنسيق الأمني من خلال أجهزة أمنية أنشأها الجنرال دايتون على عقيدة أن لا دور لها أبداً في مقارعة الاحتلال، وهي لا تزال وفيّة لذلك، إذ يدخل جيش الاحتلال حتى إلى مناطق (أ)، فيعتقل من يشاء، بل يقتل أحياناً، من دون أن تحرك تلك الأجهزة ساكنا. في المحضر إياه يُظهر عباس مستوى من العصبية غير مسبوق، ويتبدى للقارئ كيف أن عقدة دحلان تسيطر عليه (طبعا لأن الأخير يسيطر عملياً على فرع حركة فتح في قطاع غزة)، إذ وصفه بالحقير، وتحدث بالكثير من الاستفاضة عن علاقة حماس به، مستنداً إلى علاقة لنجل الشهيد نزار ريان معه، وهو شاب صغير لا يمثل سياسة الحركة بأي حال، كما رد أحد أعضاء وفد حماس في اللقاء. من الواضح أن الرجل يتعامل كزعيم دولة كاملة الأركان، وليس كزعيم حركة تحرر، وبالتالي يغدو المنافس المحتمل دحلان هاجساً يسيطر عليه، ومنافسة حماس له هاجس آخر. يحدث ذلك رغم أن مستوى تحكمه العملي بالسلطة والمنظمة وحركة فتح لم يكن حتى لياسر عرفات رحمه الله في أيام عزه، ورغم قبول حماس بحكومة الوحدة واتفاق المصالحة. ما يمكن أن يستنتجه من يقرأ المحضر، الأمر الذي يدركه المعنيون من مجمل سلوك الرجل؛ هو أن خياره الوحيد يتمثل في الحفاظ على السلطة/ الدولة التي يتمتع بزعامتها، مع الإبقاء على مساعي تحسينها عبر المفاوضات ، وهو لا يفكر أبدا في تغيير مساره، وفي المرحلة الراهنة يريد أن يضم قطاع غزة إلى دولته العتيدة، مع مواصلة النضال السياسي الذي لا يُستبعد أن يفضي إلى اعتراف بفلسطين كعضو دائم في الأمم المتحدة من دون أن يغير ذلك شيئاً في واقعها على الأرض، فيما يبقى النزاع حدودياً يُطرح بين حين وآخر في الأروقة الدولية، ويمنحه الآن فرصة القول إنه لم يتنازل عن الثوابت (أية ثوابت؟!). سيظل بين حين وآخر يخترع قصة يلهي الناس بها، مثل قصته الأخيرة عن مطالبة أمريكا بالاعتراف بحدود 67، أو مطالبة مجلس الأمن بذلك (يتجاهل الفيتو الأمريكي)، كأن قراراً لم يصدر من محكمة "لاهاي" ضد الجدار أقوى من قرار 242، ولم يتابعه أحد، ولم يترتب عليه تطور ذو قيمة. من هنا يمكن القول إن التعويل على تغيير الرجل لمساره ليس وارداً بأي حال، وليس أمام القضية كي تخرج من حالة التيه الراهنة سوى تفجير الشعب لانتفاضته، أو رحيل (عباس) بنهاية الأجل ومن ثم تصحيح فتح لمسارها، أو مبادرة حماس وقوى المقاومة بعد انتصارها التاريخي في غزة إلى قلب الطاولة وإعلان تحالف وطني موسع للداخل والخارج عنوانه رفض المفاوضات وتأكيد برنامج المقاومة، وجعل السلطة إدارية فقط، وليلتحق به من يشاء من حركة فتح والمترددين بعد ذلك