17.77°القدس
17.48°رام الله
16.64°الخليل
22.52°غزة
17.77° القدس
رام الله17.48°
الخليل16.64°
غزة22.52°
السبت 12 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.3دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.11يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.3
جنيه مصري0.08
يورو4.11
دولار أمريكي3.76

خبر: واشنطن تقبل الأسد في حلفها

مشهد بالغ الضبابية يمر بالمنطقة العربية، في وقت تحقق فيه إيران انتصارا هائلا في اليمن، فيما ينشغل النظام العربي بخوض معركة ضمن التحالف الأميركي ضد خصم إيران الأول (تنظيم داعش)..! لقد أثبت اقتحام "الحوثيين" للعاصمة اليمنية صنعاء (الاثنين 22/9/2014)، صدق التحليلات التي ظلت تؤكد أن إيران أكثر خطورة على العرب.. أرضا ونظاما، من إسرائيل". ولم يتوانى عضو في مجلس النواب الإيراني، عن التصريح علنا بأن طهران أصبحت مسيطرة على أربع عواصم عربية (بغداد، دمشق، بيروت، وصنعاء)..! وهو لم يتحدث عن تحالف مع بغداد ودمشق، وبيروت.. أو تنسيق.. بل هي سيطرة وتحكم..! في الأحوال العادية والطبيعية، يفترض أن يتحالف النظام العربي مع مختلف القوى التي تقاتل إيران، بما في ذلك "داعش".. لكن ما حدث هو اختيار النظام العربي في كليته، التحالف تحت القيادة الأميركية، لمحاربة خصوم إيران..! مثل هذا السلوك غير المفهوم للنظام العربي لا يمكن فهمه، إلا في حالة: أولا: أن يكون التحالف الإيراني، يستهدف إلى جانب السلفية الجهادية محور إيران في المنطقة. ثانيا: أن يكون هذا التحالف قائم أيضا على عمل متفق عليه لمحاربة نظام بشار الأسد في سوريا، وإسقاطه، وإفشال كامل المخطط الإيراني، وتقديم ضمانات أميركية موثوقة بعدم التراجع عن ذلك.. وهو ما لا توجد أية مؤشرات عليه. المؤكد أن كلا من إيران ومحورها، كما تنظيمات السلفية الجهادية في المنطقة، تمثل إخطارا على المصالح الأميركية، واستقرارها في المنطقة. لكن الثابت والظاهر للعيان، هو أن واشنطن بقيت حتى اليوم السابق ليوم لثلاثاء (23/9/2014) تتدخل عسكريا ضد خصوم إيران دون الجانب الآخر. لقد تدخلت أميركا عسكريا، ودعت إلى تشكيل حلفها الأربعيني الجديد ضد "داعش" بعيد بدئها عمليات عسكرية ضد نظام الحكم في العراق، الذي يمثل قاسما مشتركا بين واشنطن وطهران، في حين أنها التزمت الصمت طوال الوقت، الذي كانت "داعش" تحارب في سوريا.. فصائل المعارضة السورية الأخرى دائما، وقوات النظام السوري احيانا". بالتزامن مع ذلك، ظلت واشنطن تفرض حظرا تسليحيا على فصائل المعارضة السورية، بما في ذلك الفصائل المعتدلة.. معززة قدرات وإمكانات النظام السوري و"داعش" معا.. على الرغم من تصريحات عديدة أشرت (غمزت) نحو اليسار، لكنها توجهت فعليا نحو اليمين. يحق هنا للمراقب ما لا يحق للمحلل، أن يرى دون بحث عن الأسباب أن واشنطن وطهران تقفان في خندق واحد.. خصوصا وأن تقاربا معلنا بين الجانبين قد تم منذ قرابة العام. لهذه الرؤيا ما يعززها من شواهد التاريخ السياسي في المنطقة: أولا: تسليم بريطانيا الحكم في جنوب اليمن للجبهة القومية، سنة 1967، مع أنها لم تكن التنظيم الأقوى أو الأكبر، رغم أنها من فجّر الثورة ضد الاحتلال البريطاني، حيث أن عبد الناصر اصطف يومها بكل إمكانيات مصر إلى جانب جبهة التحرير بقيادة عبد الله الأصنج. ثانيا: تخلي واشنطن، والغرب عموما، عن شاه إيران سنة 1979، ما فسح المجال أمام الخميني للسيطرة على الحكم في إيران. ثالثا: استدراج عراق صدام حسين إلى احتلال الكويت سنة 1990. رابعا: سعي واشنطن والغرب طوال سنوات الحرب الثمان بين العراق وإيران، إلى إطالة أمد هذه الحرب ما أمكن. خامسا: تطبيق الإستراتيجية الأميركية (الإحتواء المزدوج)، في صورة احادية استهدفت احتلال العراق واسقاط نظام صدام حسين سنة 2003، وإطلاق يد ايران في العراق، كما في مجال التصنيع العسكري. سادسا: سعي الغرب للتصدي لنشاطات المعارضة الإيرانية في الخارج، وعلى رأسها منظمة مجاهدي خلق، لمصلحة النظام الإيراني. لقد تمثلت المساعي الغربية هذه في امرين رئيسين: 1. إدراج مجاهدي خلق في قائمة الإرهاب الأميركية. 2. اعتقال قادة مجاهدي خلق في باريس سنة 2003، واتهامهم بالإنخراط في الإرهاب. وهو الملف الذي أغلقه القضاء الفرنسي مؤخرا فقط، بإعلان براءة المقاومة الإيرانية من التهم التي ألصقت بها، بالضد من رغبة الحكم الفرنسي الذي لفق التهم للمعارضة الإيرانية بالإتفاق والتنسيق مع مخابرات النظام الإيراني. أحد عشر عاما ظل طوالها سيف الإتهام الإيراني يلاحق قادة المعارضة الإيرانية في فرنسا، حتى أنصفها القضاء، ولكن هل تغيرت الإستراتيجية الغربية..؟ كل هذا وأكثر من المواقف والممارسات الأميركية، والغربية، هدف في الواقع إلى أمرين رئيسين: الأول: جعل أنظمة الحكم العربية المتضررة من التحولات السياسية في عدن، ثم في طهران، ثم في احتلال الكويت، أكثر التصاقا بالحضن الأميركي، بحثا عن الأمان. الثاني: زرع عامل صراع دائم في الإقليم، وسلخ قوى ذات بعد ديني، مدعوم بحكايات التاريخ، عن الإسلام. علينا أن نستحضر هنا أن واشنطن، وفور أن سقط الإتحاد السوفياتي مطلع تسعينيات القرن الماضي، وبدء تفكك الإتحاد السوفياتي، غيّرت هوية "العدو الضرورة"، مستبدلة الإسلام، الذي تحالفت مع تنظيماته التي قاتلت معها في أفغانستان، بالسوفيات ومنظومتهم الإشتراكية. وفي إطار رؤية واشنطن الجديدة لعدوها الإستراتيجي الجديد، كان تحالفها العملي، غير المعلن مع طهران، التي سهلت لها احتلال افغانستان، ثم العراق. واشنطن أرادت من ذلك، تفكيك واضعاف الإسلام في غالبيته السنية. وطهران ارادت أن تعزز قوتها ونفوذها عبر تصدير ثورتها للمحيط النفطي العربي عبر قناتها المذهبية.. وهي قناة تجعل الاقلية الشيعية (ضمن الكل الإسلامي) غير قادرة على الخروج عن السياسة والمصالح الإستراتيجية الأميركية..! هذا ما يقدم تفسيرا عمليا ومنطقيا، للسياسات الأميركية، التي تبدو منحازة إلى طهران..! لقد أدت هذه السياسة إلى عزل دول النفط العربي، قليلة السكان، ضعيفة القدرات القتالية، عن التحالف الإيراني.. مبقية هذه الدول في حالة حاجة ماسة إلى دعم اميركي من الطموحات والأطماع الإيرانية.. وهي حاجة تجعل منها "صندوق نقد نفطي".. "بترودولار" ينفق دون حساب، أو قدرة على التقنين، على تمويل المخططات الأميركية. لقد شاركت هذه الدول جراء اختلال معادلة علاقاتها مع اميركا، في تنفيذ مخططات انعكست سلبا عليها: أولا: العمل على اضعاف العراق اقتصاديا، وقدرة عسكرية. ثانيا: الترحيب بإسقاط نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. ثالثا: وها هي الآن تنخرط في حرب على "داعش"، التي لا يجادل عاقل في ظلاميتها وتخلفها، وتشكيلها خطرا على كامل دول الإقليم.. ولكن، تظل ايران أكثر خطورة على كامل النظام العربي، بما لا يقارن بـ "اسرائيل" و "داعش"..!!! لا أحد يستطيع رفض مبدأ التحالفات المرحلية، وإن ما يناقش الآن هو مبدأ اولوية التحالفات زمنيا.. بمعنى أن التحالف ضد الخطر الأكبر الآن، هو الواجب الأخذ به في هذه المرحلة.. وتأجيل التحالف ضد "داعش" لزمن قادم. أكثر ما يتجلى ذلك وضوحا الآن هو الإنخراط الأردني في التحالف ضد "داعش". إن الغارات التي شنها سلاح الجو الأردني (الثلاثاء) على مقاتلي "داعش" في سوريا، يجلب مخاطر على الأردن، لا حاجة له بها: أولا: احتمال استيقاظ خلايا "داعش" النائمة داخل الأردن. ثانيا: احتمال، تعرض الأردن لرد عسكري من كل من "داعش" من داخل وخارج الأردن، وكذلك النظام السوري، الذي كان أعلن صراحة بأنه سيتصدى لكل تدخل ضد "داعش" داخل الأراضي السورية، دون سابق تنسيق مع دمشق، وهو ما لم يحدث، رغم تلميح دمشق إلى ذلك.. ورغم إعلان بشار الأسد أن نظامه مع أي جهد دولي لمحاربة الإرهاب. مهم هنا التوقف أمام التناقض ما بين تصريح الخارجية السورية الذي أعلن اولا أن واشنطن أبلغت ممثل سوريا في الأمم المتحدة بأنه سيتم البدء بتوجيه ضربات جوية لمواقع تنظيم داعش الإرهابي في "الرقة"، وهو ما أكده لاحقا مصدر اميركي، ثم إعلان الأسد أن نظامه مع أي جهد دولي لمحاربة الإرهاب. الثالث: توحد جميع التيارات الإسلامية في المنطقة. في هذا السياق، قال زكي بني ارشيد، نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين "إن مشاركة الأجانب ومساعدتهم في أي عمل عسكري هو أمر مرفوض ومدان من كل القوى الشعبية، وليس للأردن أي مصلحة في ذلك". وعودة إلى تصريح الأسد فإنه يهدف إلى ثلاثة أمور: الأول: إعلان أن واشنطن، أخذت بوجهة نظر نظامه لهذه الجهة، وهو ما يفسر عدم تصديه لخرق السيادة السورية. الثاني: التحضير لإعلان انخراط النظام في التحالف الأميركي. الثالث: اخراج النظام السوري من قائمة الأهداف الأميركية. باختصار: إن واشنطن، بقبولها العرض السوري الانخراط في التحالف ضد "داعش" تكون قد استثنت النظام السوري والمحور الإيراني من أهداف هذا التحالف.. بل إنه يعني أن طهران هي الأخرى قد أصبحت ضمن هذا التحالف. هذا تحول يستحق التوقف عنده مليا، والبناء عليه.