22.78°القدس
22.48°رام الله
21.64°الخليل
26.32°غزة
22.78° القدس
رام الله22.48°
الخليل21.64°
غزة26.32°
الأحد 06 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

خبر: "زهر" حولّت اليُتمَ إلى تحدٍ وأملٍ

شاردة الذّهن، واضعةً يّدَهَا علَى خدِّها، وكأنّها تَسبَحُ في أعْماقِ الذّكرياتِ، تناظرُ صورةَ أباهَا الشهيدَ الذّي ارتحَل في حَرْبِ "العصف المأكول"، في قلبِها يتدفقُ الحنينُ وكأنّهُ نهرٍ جارٍ عصيٌ على التوقفِ والرّكُود، وترسمُ في مخيّلتها كثيراً منْ المواقفِ والأحداثِ مع أبيهَا الشهيد. يُتّمتْ مبكراً، فهي قضتْ ثماني سنواتٍ هي الأجمل بين أحضانِ والدِها الذي كان حنوناً عليها، يُحبَها إلى حدّ الجنونِ، يُقبّلها في الصباحِ ويحضنُها بين أضلاعِه، راسماً أروع الصورِ في الحُب والشوقِ والحنين بين أبٍ وابنته. [title]همٌّ مبكرٌ وذكرياتٌ أليمة[/title] "زهر" اسمٌ على مسمى، تروي لنَا حكاياتِ الجهادِ والعزة والكرامةِ، وكيفَ كان تلامسُ سلاحَ أبيها عند الخروجِ من المنزل، وتقبلُه "اللهم إني أستودعك أبي الغالي" وكيف كانت تتمنى أن تكبرَ سريعاً لتنظفَ سلاحَ أبيها، حتى أنها تمنت الانتماء لكتائب القسامِ، وتحدث والديها بذلك. تُداري الأحزانَ بابتسامةٍ خلّفت وراءها آلافاً من العذاب، متفوهةً بكلماتٍ أكبر من عمرِها الوردي، فقد علَمها الفراقُ كثيراً من الصبرِ والجلد، وحملتْ هماً لا يتحملُه الكبارُ، وعلى الرغم من ذلك كله، إلا أنها تمضي بثباتٍ في طريقِ أبيها، معاهدة ربها وأباهَا "رائد" على المضيِ على ذاتِ الدرب. رحَل أبوهَا فبكتْ بشدةٍ عليه، وأقبلت عليه لتقبله قبلةَ الوداع، لتكون المشهد الأخير من حياةِ أبيها معها، وكيف لا تبكي أباهَا الحنونَ الجميل، الذي كان يصحبها معه في كثيرٍ من المشاوير على حد تعبيرها، يسبحُ معها في البحرِ ويشاركها الطعام على رمالِ الشاطئ الصفراء التي كانت تزيدها أشعةُ الشمس جمالاً، يوصلها إلى مدرستها في بعض الأحيان، ويساعدها في حل واجباتها المدرسية، ويحضر لها الألعاب الترفيهية. لقد أرقها البعدُ والفراقُ، فاشتاقتْ إلى أبيها الشهيد، فاعتادت أن تزورَ قبره مع أختها الكبرى، لتطفئ لهيبَ الشوقِ والحنين، ولكن أنىّ لها ذلك، وهل تسكنُ الزيارة وداعاً أبديّاً؟! حتى دفتَرها المدرسي، مليء بالذكرياتِ، ترسمُ ابتسامةَ أبيها، وترسمُ أباً يمسك بيد ابنته ويأخذها إلى مدينة الألعاب، تكتبُ اسم أبيها باستمرارٍ على صفحاتِ دفترِها، وكأنها تقول " لن أنساك يا أبي لطالما كان هناك عرقٌ ينبضُ في جسدي" [title]تساؤلاتُ يتيمة ؟[/title] أطل العيدُ على "زهر" تلك الوردة الجورية والياسمينة الجميلة ابنة الثمانية أعوام، بآلام تهدُ الجبال الراسياتِ وتجففُ مياه البحارِ، فالعيدُ له أجواؤه الخاصة، وخاصة مع الآباء، فتتساءل العصفورة الصغيرة وهي تقف أمام نافذة غرفتها وهي تستمعُ إلى تكبيراتِ العيد تصدحُ بها مآذن المساجدِ، من يحضر لي الألعاب بعدَكَ يا أبي ؟! .. من يصحبني إلى الملاهي في يومِ العيد؟! كيف لي أن أفرح دونك يا أبي ؟! كيف لي أن أتذوق طعمَ الفرحِ، وأمي تبكيكَ الليالِ الطوالِ وأنت بعيد عنّا، لا أتخيل أنك لن ترجع إلينا يا أبي الغالي الحبيب، من يخفف عني جراحي؟! من يرسم البسمة على شفتاي صباحَ العيد؟! [title]ألمٌ وأملٌ[/title] "لقدْ سرقُوا منّي كل شيء، لقد قتلوا أجمل ما في حياتِي، قتلوا أبي بدمٍ ساخنٍ غيظاً منه، لأنه إنسانٌ يدافع عن وطنه وكرامته وعرضه، أرادوا أن يقتلوا "حب الجهاد" ولكن باقٍ بإذن الله، ولن يستطيع أي إنسان في الدنيا مهما كان أن ينزع منا حبَ الإسلام والدفاع عنه" ... بكلماتٍ أكبر من عمرِها الوردي، و دلت على وعيِها وذكائها قالت ابنة الشهيد رائد الحلبي لــ "فلسطين الآن" وارتقى الشهيد رائد سمير الحلبي "38عاماً" وهو من سكانِ مشروع بيت لاهيا في قصفٍ إسرائيلي غادر، حيث أطلقت طائرة استطلاع إسرائيلياً صاروخاً عليه أثناء تواجده في بيته، فأصيبَ إصابة بالغة، واستشهد متأثراً بجراحه بعد أيامٍ من إصابته، كما أصيب ابنه "سمير" في القصف. [title]أمنياتٌ وأنموذجٌ رائعٌ[/title] وتضيف: "لقد قتلوا فيّ العيد والفرحةَ والسعادة واللقاء، ولكنهم أبداً لن يقتلوا الأمل بالله ومواصلة الطريق وتحقيق حلمي، الذي رسمه لي والدي بأن أصبح مدرسة تعليم أساسي، وأبني جيلاً من الأطفالِ الذي سيكبرون ويدافعون عن وطنهم فلسطين ودينهم الإسلام، وأربيهم تربيةَ إسلامية سليمة" وتقولُ زهر: " سأكونُ على العهدِ يا أبي، سأكون متفوقة كما عودتُك في دراستي، وسأكمل تعليمي الجامعي، وسأرفعُ اسمك وأنت في السماءِ، كما رفعته وأنت على الأرض" وينتمى والدُها الشهيد إلى كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس منذ سنواتٍ عديدة، وهو عضو فاعلٌ وله باعٌ طويلٌ في مسيرةِ الجهادِ والمقاومة، وهو من خيرة العاملين في حقل الدعوة الإسلامية. "زهر" أنموذجٌ من مئات النماذج الفلسطينية، التي تسطرُ أروعَ آياتِ الصبر والصمودِ، ولسانُ حالِها يقول .. قتلتم آباءنا نعم، لكننا باقون صامدون ولن تقتلوا فينا مواصلة الطريق والأمل نحو تحرير بلادِنا من دنس المحتلين الجبناء.