19.38°القدس
19.02°رام الله
17.75°الخليل
23.56°غزة
19.38° القدس
رام الله19.02°
الخليل17.75°
غزة23.56°
الجمعة 11 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.77

خبر: الحرية أغلى من الحياة

لو جئنا نختزل مشكلاتنا ومسبباتها في كلمة لقلنا إنها انعدام الحرية أو الانتقاص الشديد منها، ولو جئنا نلخص رسالة الدين إلى الناس وإلى العالمين كما صوّرها الصحابة لربما لم نجد أجمع من كلمة الصحابي ربعي بن عامر رضي الله عنه: "الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة».. ولو اختصرنا كلمته رضي الله عنه لقلنا: «رسالتنا تحرير الشعوب".. ولو أردنا أن نتخذ من كلام عظمائنا سوى النبي صلى الله عليه وسلم كلمة شعاراً جامعاً معبراً عنا وعن وظيفتنا ورسالتنا، ربما لا نتردد في اختيار كلمة العبقري العظيم الفاروق عليه الرضوان الأكمل والأتم والأعظم، إذا قال عندما بلغته شكوى القبطي: "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً».. ما أعظمها وأجملها وأجمعها من كلمة.. ووالله كأنها كما قيل عن بيان الرافعي، كأنها تنزيل من التنزيل.. وحاشا بالطبع، لكن لعظمتها.. فإذا رجعنا إلى ينبوعها العظيم ودستورنا الجامع القرآن الكريم، فماذا يمكن أن نتوقف عنده من نصوصه المعجزة الجامعة العظيمة.. ويكفينا كلمة التوحيد، فهي رسالة التحرر والتحرير من كل القيود والعبوديات التي ترزح تحتها البشرية ويظن الناس واهمين أنهم تحرروا وأنهم أحرار، وإنما الحرية المسموحة لهم حرية تدمير حاضرهم ومستقبلهم وهم لا يشعرون.. ولو اقتربوا من منطقة رأس المال وتغوّل الشركات لقُمعوا قمعاً شديداً.. ألا تذكرون عندما فطن الشعب الأمريكي لمن يستعبدونه -أعني الشركات- ورفعوا شعار (occupy wall street): أي احتلوا وول ستريت، فإن الشرطة حينئذ أرتهم ما لم يكونوا يتوقعون ولا يحتسبون، ورجعت أمريكا دولة من دول العالم الثالث أو العالم العربي؛ فالحرية إذاً عندهم هي حرية تعاطي المخدرات والجنس والإلحاد والتعري والشذوذ، أما الاقتراب من حقول الألغام -أعني أصحاب الاحتكارات والامتيازات- فإنها تنفجر في وجوه من يتخطون الحدود.. ويظهر لك كم أمريكا متوحشة ومستعبِدة ومستعبَدة من قِبل هؤلاء الحيتان.. أقول بعد هذا الاستطراد، إنّ قرآننا العظيم عبّر عن المعنى الذي نحوم حوله في نصوص معجزة جامعة رائعة عندما قال: {والفتنة أشدُّ مِنَ القتل}، ومن أجل أن نحرم أنفسنا من المعاني الجوهرية ومن الكنوز، قمنا نفسّر النص تفسيرات تذهب بهاء معناه.. ومعنى النص: الفتنة التي هي سلب الناس حرياتهم أشد من القتل.. هذا هو المعنى حرفياً وبدقة.. وقوله تعالى: {وقَاتِلُوهُم حتّى لا تكونَ فِتنة} لم نقدّمها للناس في بُعدها الحضاري الجمالي الرائع، إنما قدّمناها في هذا العصر ذبحاً وتشويهاً للإسلام، وما معنى الآية إلا: قاتِلُوهُم من أجل تحرير الشعوب ممن يستعبدونهم من قوى الاستكبار وأصحاب الاحتكارات ومن يوظّفونهم من الساسة؛ فالشركات تحكم العالم وتتحكّم في مقدّراته ولا تسمح بالاقتراب من امتيازاتها.. وإذا كان سلب الحرية أشدّ من القتل فالحرية إذاً أغلى من الحياة.. هذا دينكم، وهذه رسالتكم، فمتى نقدّم ديننا للناس بصورة حضارية.