16.11°القدس
15.92°رام الله
14.97°الخليل
20.94°غزة
16.11° القدس
رام الله15.92°
الخليل14.97°
غزة20.94°
الأحد 26 مايو 2024
4.63جنيه إسترليني
5.16دينار أردني
0.08جنيه مصري
3.97يورو
3.66دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.63
دينار أردني5.16
جنيه مصري0.08
يورو3.97
دولار أمريكي3.66

خبر: دحلان ودموع التماسيح على العدو الأكبر

عقدٌ كامل من الزمن مرّ على رحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، الذي اغتيل عقب حصار الاحتلال له بمقر المقاطعة برام الله عام 2004م، ورغم تشكيل السلطة الفلسطينية للعديد من لجان التحقيق المتعاقبة منذ عشر سنوات؛ إلا أنها فشلت أو "أُفشلت عمدًا" في الوصول إلى نتائج والكشف عن اسم الجناة الذين اغتالوا أحد أبرز رموز القضية الفلسطينية. وفي كل عام ومع اقتراب ذكرى استشهاد الرئيس الراحل، يخرج العديد من قيادات حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، التي كان يرأسها عرفات، يتباكون على أيامه ويذرفون الدموع عليه، وهم الذين كانوا -بحسب سجلات التاريخ- أشدّ المناوئين له في حياته. ويعدُّ كلٌ من رئيس السلطة محمود عباس والقيادي المفصول من حركة "فتح" محمد دحلان أبرز المتباكين على عرفات، فعباس فرضته الإدارة الأمريكية والاحتلال الإسرائيلي ليكون رئيساً للوزراء يمتلك صلاحيات تفوق تلك التي يملكها "أبو عمار"، ما دفع الرئيس الراحل أن يطلق عليه لقب "كرزاي فلسطين"، أما دحلان فقد استمرت الخلافات الكبيرة والتي كانت تصل إلى حد القطيعة التامة لفترات طويلة بينه وبين عرفات حتى الأيام الأخيرة في حياة الراحل. [title]تهديد بلغة السلاح[/title] اعتمد الرئيس الراحل سياسة "تقليم الأظافر" بحق العديد من قادة "فتح" الذين كانوا يحاولون الخروج من تحت عباءته، أبرزهم القيادي جبريل الرجوب الذي كان معروف بأنه صاحب القبضة الأمنية المتنفذة والباطشة في الضفة الغربية قبل أن يجعل منه عرفات "حملاً وديعاً". وحاول أبو عمار احتواء دحلان والسيطرة عليه فعيّنه مسؤولاً عن جهاز الأمن الوقائي، ثم مستشاراً له لشؤون الأمن القومي، إلا أن "أظافر" الأخير واصلت النمو بسرعة كبيرة وباتت تشكل خطراً على عرفات. استدرك "أبو عمار" هذا الخطر متأخراً، إذ واجهه دحلان بردّ "شرس"، فأطلق العنان لعناصره الأمنية وخصوصاً جهاز "الأمن الوقائي"، الذي أشرف على تشكيله وإنشائه بنفسه، ليعيثوا بطشاً في قطاع غزة ضد أجهزة الأمن الأخرى التي كانت تتبع لعرفات. كما استطاع حشد عشرات المسيرات في الشوارع ضد عرفات، لتتسع هوّة الخلافات بين الرجلين وتصل حدّ القطيعة التامة. [title]صداقة الخصوم ضد عرفات[/title] في منتصف عام 2003م، أي قبل اغتيال عرفات بعام ونصف، اجتمع المتخاصمان عباس ودحلان لمواجهة عرفات، الذي كان يشكّل لهما في ذلك الوقت "خصماً مشتركاً". فعباس الذي فرضته أمريكا و"إسرائيل" رئيساً للوزراء على عرفات، أصرّ على أن يضمّ إلى تشكيلته الوزارية محمد دحلان، رغم علمه بالخلافات الكبيرة بين الأخير وعرفات، فثار الرئيس الراحل وأعلن رفضه وغضبه، إلا أن عباس تجاهله تماماً وربط تشكيله للحكومة بضمّ دحلان إليها. هذا التطور الكبير استدعى تدخلاً عربياً ودولياً أشرف عليه وزير المخابرات المصرية عمرو سليمان، وسط أنباء تحدثت -في تلك الفترة- عن إمكانية احتمال معالجة هذه المشكلة بإرسال عرفات إلى "منفى اختياري" في منزله وأن تنزع منه كل المهام السلطوية ويبقى فقط زعيماً رمزياً للشعب الفلسطيني، فلم يجد عرفات بديلاً عن الاستسلام والخضوع للأمر الواقع بعدما تكالب عليه الجميع. [title]تبادل الاتهامات[/title] واليوم؛ وبعد عشر سنوات كاملة من اغتيال عرفات، يوجّه كلٌ من دحلان وعباس الاتهامات للآخر بارتكاب جريمة اغتيال الرئيس الراحل، بعدما وصل الشرخ بينهما حدّاً لم يسبق له مثيل. فرئيس السلطة عباس اتهم دحلان، خلال الاجتماع الأخير للمجلس الثوري لحركة فتح في رام الله، بالمسؤولية المباشرة عن اغتيال 6 أشخاص من قيادات حركة "فتح" والسلطة الفلسطينية، ملمّحاً بشكل مباشر لوقوفه وراء اغتيال عرفات أيضاً، قائلاً " لدي سؤال أساله الآن: من الذي قتل ياسر عرفات. أنا أعتقد أنها ليست إثباتات وإنما شواهد تستحق أن ينظر إليها. من الذي أوصل السم إلى ياسر عرفات؟". وبعدها بأيام خرج دحلان في لقاء تلفزيوني استمر أكثر من ساعتين شنّ خلاله هجوماً لاذعاً على عباس، واتهمه بالإفراج عن متهم رئيسي في قضية اغتيال ياسر عرفات وتهريبه إلى الخارج، وكذلك تصفية واغتيال الطبيب المختصّ الذي كان يعالج الرئيس الراحل. [title]إفشال المهرجان بغزة[/title] وأدت الخلافات بين التيارين المتصارعين، لاندلاع اشتباكات قوية بين أنصار الرجلين في قطاع غزة، الذي يحظى فيه دحلان بشعبية كبيرة في أوساط حركة "فتح" تفوق "عباس". وشهد مهرجان انطلاقة الحركة الذي أقيم بداية العام الجاري في ساحة "السرايا" وسط مدينة غزة سيطرة أنصار دحلان على المنصة وقطع التيار الكهربائي خلال إلقاء "عباس" كلمته عبر الهاتف، وطردهم لأزلام "عباس" من فوق المنصة، وهو الأمر الذي تسبب في إلغاء الاحتفال وعدم استكمال باقي فقراته. ومع اقتراب ذكرى مهرجان "أبو عمار"، كشفت مصادر مطّلعة في حركة "فتح" عن قيام "دحلان" بحجز كافة الباصات في قطاع غزة لنقل أنصاره إلى المهرجان وطباعة 100 ألف صورة له، حتى يدخل أنصاره بقوة إلى ساحة المهرجان ويسيطروا عليه، ليكون مهرجاناً ناطقاً باسمه موجهاً ضد "عباس"، إلا أن الأخير ألغى المهرجان متهماً حركة "حماس" بالوقوف خلف سلسلة انفجارات وقعت بالقرب من منازل وسيارات عدد من قيادات "فتح" المحسوبين على تياره. ويبدو أن دحلان نجح في توجيه ضربة قوية لعباس وأنصاره في قطاع غزة، وأن عباس فشل في احتواء أزمته مع دحلان وبات يدرك أنه أصبح يشكل خطراً كبيراً عليه، لكن الأكيد أن كلا الرجلين يستغلان ذكرى رحيل عرفات لتحقيق مصالحهما، فهما اللذان وقفا يداً بيد ضدّه ومهدا الطريق لحصاره وصولاً لاغتياله، ولم يبذلا جهداً حقيقياً رغم مرور 10 سنوات كاملة للكشف عن قاتله.