في الغرفة التي شهدت آخر لقاء جمعهما، آثرت أميرة العكاري الجلوس لتروي لمراسل [color=red]"فلسطين الآن"،[/color] جانبًا لا يعلمه كثير من الناس عن حياة زوجها الشهيد إبراهيم العكاري ، منفذ عملية الدهس في حي الشيخ جراح بمدينة القدس قبل نحو أسبوع . لم تلاحظ زوجة الشهيد أي شيء غريب على زوجها قُبيل تنفيذ العملية ، فقد أمّ المصلين في صلاة الفجر ، لكنّه لم يصحب معه كالعادة ابنيه حمزة وأنس لبرودة الطقس، و عاد للبيت ليوقظهم لأداء الصلاة . تواصل أم حمزة حديثها وهي تحبس دموعها فتقول : استيقظ إبراهيم على خبر اقتحام أعداد كبيرة من المستوطنين وعناصر شرطة الاحتلال للمسجد الأقصى ، ودخولهم بأحذيتهم إلى المصلى القبلي وإلقاء قنابل الصوت والغاز في محرابه ، والاعتداء على المصلين والمرابطين بداخله . وتضيف قائلة : لقد شعر زوجي باستفزاز كبير مما شاهده ، وخصوصاً عندما سمع صوت إحدى المرابطات وهي تُكبر في وجه ضباط الاحتلال ، وتصيح ( أين أنتم يا عرب )، عندها ارتدى ملابسه وصلّى صلاة الظهر ثم استقل سيارته متجها إلى مدينة القدس . بعد ربع ساعة من مغادرة الشهيد لبيته ،وفي تمام الساعة الثانية عشرة إلا ربعا ، انتشر الخبر عن عملية دهس فدائية قُرب محطة للقطار الخفيف بحيّ الشيخ جراح بمدينة القدس المحتلة ، أسفرت عن مقتل مجندين في جيش الاحتلال وإصابة ثلاثة عشر آخرين ، وأن المنفذ من مخيم شعفاط . تقول زوجة الشهيد : لم أتفاجئ أن يكون زوجي هو المنفذ . وعن علاقة الشهيد بالمسجد الأقصى تقول زوجته : كان متعلقا بالأقصى لأبعد الحدود ، فقد كان يتواجد في الأقصى كلما سمحت الظروف بذلك ، خصوصا في العطلة الصيفية للمدارس ، حيث كان يصطحب أبناءه معه إلى الأقصى للصلاة والرباط فيه . وضع الشهيد العكاري هدفا في حياته ، وهو حفظ كتاب الله غيبا ، وقد عمل بكل جهده لتحقيق ذلك الهدف ، مبتغيا بذلك رضا الله سبحانه وتعالى . فكان يحفظ يوميا صفحتين من القرآن الكريم ، فيستيقظ عند منتصف الليل ويبدأ بالحفظ حتى صلاة الفجر ، ويراجع ما حفظه في الصلاة ، وقد خصص الشهيد جلسات مع أبناءه لتدارس آيات القرآن وشرحها وتفسيرها ، وكانت آخر جلسة قبل أيام من استشهاده ، حيث أتم حفظ خمسة عشر جزءا من القرآن الكريم . ولم يكتف الشهيد بالحفظ ، بل اهتم أيضا بالقرآت وأحكام التجويد ، فأنشأ علاقة قوية مع إمام المسجد الأقصى المبارك فضيلة الشيخ سعيد القلقيلي والذي يتقن القرآت العشر ،فتابع مع الشيخ برنامجا لحفظ وتجويد القرآن عن بُعد من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ، وعند نهاية كل مرحلة من مراحل الحفظ كان الشهيد يسافر من مخيم شعفاط لقراءة ما حفظ على شيخه في جامعة النجاح بمدينة نابلس . ومن الجدير بالذكر أن الشهيد إبراهيم هو الشقيق الأصغر موسى العكاري الذي تحرر في صفقة وفاء الأحرار بعد أن أمضى في السجن تسعة عشر عاما ، وكان محكوما بالسجن المؤبد لمشاركته في أسر الجندي الإسرائيلي "نسيم طوليدانو" في ضواحي القدس قبل نحو عشرين عاما على يد خلية تابعة لكتائب القسام الذراع العسكري لحركة حماس.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.