18.92°القدس
18.71°رام الله
18.6°الخليل
24.84°غزة
18.92° القدس
رام الله18.71°
الخليل18.6°
غزة24.84°
الإثنين 07 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

خبر: "السحلب" تدفئة مركزية.. من نبتة طبية إلى "مهلبية"

المنخفض الجوي يتهادى قادماً إلينا بعد أن أشبعتنا القنوات التلفزيونية ومواقع الشبكة العنكبوتية والبوستات الفيسبوكية عنه حديثاً .. اشتدت سرعة الرياح، وبدأت قطرات المطر تداعب أوراق الأشجار في حينا الهادئ إلا من صوت الرعد، المعتم بفعل انقطاع التيار الكهربائي إلا من ومضات البرق. إمام مسجدنا وقبل أن يرفع يديه مكبراً لصلاة المغرب نبه المصلين بنيته جمع المغرب والعشاء جمع تقديم، تهللت وجوه الكثيرين ممن حضروا إلى مسجدنا خصيصاً للجمع فهم يعلمون أن إمام مسجدنا متساهل في الأمر ويجمع الصلوات بشكل مستمر في أوقات نزول المطر والبرد والخوف أيضاً. الشتاء له طقوسه في كل مكان، لكنه في غزة مختلف بعض الشيء، فلن تجد في أوقات كثيرة مدفأة كهربائية تخفف من وطأة برد المكان ولكن لهم للحصول على الدفء وسائل أخرى. أشتم رائحة شيء يحبنا ونحبه يقول أحدهم.. نعم إنه السحلب.. تسارعت خطواتنا فإذا بالمشروب الأبيض المزين بالمكسرات وما طاب جاهز ينتظرنا في بيت العائلة. نعم لا تستغربوا فالسحلب اليوم وإن كان له تاريخ طويل، إلا أنه بمثابة وحدة التدفئة المركزية لأهل غزة، فقليل من الحليب المغلي يضاف إليه السكر والنشا ومع قليل من التحريك حتى يصبح المزيج كثيفاً بعض الشيء، نحصل على هذا الشراب الذي أصبح علامة مميزة من علامات شتائنا الذي نحب. بعض الناس يستطيعون تزيينه برش وجه الأكواب ببعض المكسرات مضافاً إليها القرفة والزنجبيل لمن يرغب. لكن هل تعلمون أن ما نشربه اليوم ما هو إلا محاكاة للسحلب النباتي الذي لا نستطيع اليوم شراءه لغلاء ثمنه، فهو في أصله نبات وله مسميات عديدة فيعرف شعبياً باسم "خصي الثعلب"، وأخذت هذه التسمية من الاسم العلمي للسحلب الذي يعرف باسم "orchis mascula". لا تستغربوا فالسحلب الأصلي هو عشب معمر ينمو بارتفاع 60 سم، ويحتوي على أوراق ضيقة ملطخة بلون أسود، وللساق أزهار بنفسجية، الجزء الذي يستخرج منه السحلب هو الجذور التي تطحن فتصبح نشا حقيقي. وما لا تعرفونه عن السحلب الأصلي أنه منشط عام للجسم، ومقوي للدورة الدموية، وهو مشروب قابض لذلك يعتبر مفيد جداً في حالات الإسهال ووقف نزيف المعدة وعلاج للقرحة والاثنى عشر والأمعاء، كما يستخدم كعلاج للمصابين بالمغص المعوي ونزلات القولون والسل. يعني بالمختصر ما يعرف حالياً بالسحلب ما هو إلا (مهلبية) سائلة لا تحوي أياً من فوائد السحلب النباتي الأصلي، سوى أنها قد تكون قابضة للأمعاء؛ لاحتوائها على النشا، وطبعاً وسيلة فعالة للتدفئة الأسرية في غياب المدفئة الكهربائية بفعل غياب الكهرباء عن بيوت غزة لأكثر من 16 ساعة يومياً. بالمناسبة اليوم صناعة السحلب لا يشترط أن يكون معده صاحب مهارة خارقة، فعلى خطى "هين مالك ولا تغلب حالك" أصبح لدينا اليوم سحلب جاهز يباع في الأسواق بأثمان قد تبدو للبعض زهيدة ولكثيرين رأي آخر. لكن في المحصلة أصبحت صناعتها لا تحتاج لمهارة فائقة فغلي بعض الماء أو الحليب وإضافة المسحوق الجاهز وغليه قليلاً يخرج الإنجاز وتتفاخر هذه وتلك بصناعته وكأنها "صنعت صاروخاً". في النهاية نتمنى لكم شتاء دافئاً بدفء علاقاتكم الأسرية الرائعة وبطعم السحلب اللذيذ.. دمتم دافئين.