19.68°القدس
19.38°رام الله
18.3°الخليل
23.84°غزة
19.68° القدس
رام الله19.38°
الخليل18.3°
غزة23.84°
الجمعة 11 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.77

خبر: قانون "القومية": عدة عصافير بحجر واحد

فتح قانون «الدولة القومية» الذي صادقت عليه الحكومة الصهيونية مؤخراً صفحة جديدة في الصراع بين الشعب الفلسطيني والأمتين العربية والإسلامية من جهة والكيان الصهيوني من جهة أخرى. لا يضمن سن هذا القانون المزيد من العدوان على الشعب الفلسطيني ويمنح مظلة قانونية لتمكين حكومة اليمين المتطرف في تل أبيب من استنفاذ مخططاتها لاستكمال تهويد فلسطين، بل أنه يفتح أيضاً مواجهة لا نهائية مع فلسطينيي الداخل، الذين يقلص القانون هامش المناورة المتاح أمام قياداتهم السياسية ونخبهم المثقفة. ونحن هنا سنناقش التداعيات التي تترتب على سن القانون: أولاً: يعتبر القانون فلسطين أرض يهودية خالصة لليهود، ولأنها كذلك، فإنه لا يحق فقط للحكومات الصهيونية ضمان تهويد هذه الأرض عبر بناء المستوطنات وتكريس الوقائع على الأرض، بل أن عدم قيام هذه الحكومات بذلك يعد مخالفة لهذا القانون، الذي سيضاف إلى قائمة قوانين الأساس، التي تعتبر بمثابة الدستور. إن التجسيد الأبرز لتطبيق هذا القانون يعني أن الحكومات التي ستتولى إدارة شؤون الكيان الصهيوني ستكون ملتزمة في الواقع ببرنامج اليمين المتطرف. ومن نافلة القول ان هذا يعني أنه لن يكون هناك أي مجال للحديث عن تسوية سياسية للصراع، على اعتبار أن تجسيد هذا القانون ينسف وجود مثل هذا الصراع في نظر القيادة الصهيونية، فكيف يكون صراعاً على أرض تعود أصلاً لليهود، كما ينص القانون. ولا حاجة للقول أن القانون سيعفي أية حكومة إسرائيل من دفع أي ثمن مقابل أية تسوية أو اتفاق مع الفلسطينيين والعرب. ثانياً: يضمن القانون ما يسميه قادة اليمين في الكيان الصهيوني، «النقاء العرقي والديني» في ما يسمى بـ»أرض إسرائيل». بمعنى أنه سيكون من حق «إسرائيل» القيام بكل الخطوات التي تضمن تحقيق هذا «النقاء» عبر عمليات طرد الفلسطينيين. وعلى الرغم من أن الدعوة لطرد الفلسطينيين من أرضهم لم تكن مستجدة، إذ سبق لحركة «كاخ» أن دعت لذلك، فإن القانون الجديد يجعل الدعوة لطرد الفلسطينيين جزءاً من النسق الفكري للتيار الصهيوني. لذا لم يكن من الغريب أن يقترح وزير الخارجية الصهيوني أفيغدور ليبرمان أن يتم الشروع في طرد فلسطينيي 48 عبر تقديم مسوغات اقتصادية. وعلى الرغم من أن ليبرمان يقترح أن تتم عملية الطرد ضمن تسوية اقتصادية، إلا أنه في الواقع ينطلق من أرضية قانونية ودستورية تضفي شرعية على عملية الطرد القسري. وإن كان ليبرمان يجرؤ على طرح طرد فلسطينيي الداخل، الذين يعتبرون «مواطنين إسرائيليين» حسب القانون الصهيوني، فإن الترويج لطرد الفلسطينيين في الضفة الغربية سيكون أسهل. ثالثاً: مما لا شك فيه أن القانون سيفتح صفحة جديدة في التعامل مع فلسطينيي الداخل، حيث ان نتنياهو يجاهر بالقول ان فلسطينيي الداخل يمثلون «قنبلة موقوتة» بالنسبة للمشروع الصهيوني، يتوجب إبطال مفعولها في أقرب فرصة ممكنة. ومما لا شك فيه أن سن القانون جاء لنزع الشرعية عن أي محاولة يمكن أن تقدم عليها نخب فلسطينيي 48 للمطالبة بحكم ذاتي يضمن تحقيق خصوصيتهم القومية والاجتماعية والثقافية. مع العلم أنه حدث أن رفعت نخب من فلسطينيي 48 لواء المطالبة بحكم ذاتي، في مبادرة مشهورة نالت قبول الأغلبية الساحقة من فلسطينيي الداخل. وتأمل إسرائيل أن يتم تجاوز هذا الخطر بعد سن قانون الدولة القومية، لأنه ينص بالحرف الواحد على أن «الشعب اليهودي هو: «الشعب الوحيد الذي يحق له تحقيق مصيره في أرض إسرائيل». ومن الواضح ان جنون التطرف قد دفع النخب التي صاغت القانون إلى إغلاق الباب أمام مشاركة فلسطينيي 48 في الانتخابات الصهيونية. فاستناداً إلى هذا القانون، فإن بعض نواب الكنيست من كتل اليمين يعدون العدة لطرح مشروع قانون آخر ينص على أن كل نائب في الكنيست يجب أن يعلن ولاءه لـ»الدولة اليهودية». وهذا يعني أنه لن يكون بإمكان حزب أو حركة سياسية تمثل فلسطينيي 48 المشاركة في الانتخابات الصهيونية. وهذا بالمناسبة انجاز للفلسطينيين وليس العكس، حيث ان الصهاينة كانوا يوظفون مشاركة فلسطينيي الداخل في البرلمان الصهيوني للتدليل على احترام الكيان الصهيوني لقيم «الديموقراطية والمساواة». وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على أن جنون التطرف قد أعمى نتنياهو، وأسلمه لما يخالف المصالح الصهيونية. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: أين الدور العربي في التصدي لهذا القانون؟ نحن هنا نترك الإجابة لرفيف دروكير، المعلق في قناة التلفزة الصهيونية العاشرة، حيث قال ان سلوك الأنظمة الرسمية العربية يعد أحد الأسباب الذي تدفع الائتلاف الحاكم الذي يقوده نتنياهو إلى سن قانون الدولة القومية. وحسب دروكير، فإن نتنياهو يرى أن «مهادنة البيئة الإقليمية العربية تمنحه القدرة على المضي قدماً في سن القانون، دون ممانعة دولية. ليس هذا فحسب، بل أن دوكير يكشف النقاب عن أن ممثلين عن نتنياهو يجرون اتصالات مع ممثلي الدول الأوروبية لاقناعهم بعدم الاعتراض على القانون. ويشير دروكير فإن ممثلي الكيان الصهيوني سيلفتون نظر الحكومات العربية إلى أنه من «غير المعقول أن تبدي أوروبا هذه الحساسية تجاه القانون في الوقت الذي لا يحرك الجانب العربي ساكناً. قصارى القول، قانون الدولة القومية سيغير واقع الصراع مع الكيان الصهيوني بشكل جذري وغير مسبوق.