لا تأتينا من رام الله مقر السلطة الفلسطينية غير أخبار الفساد والمحسوبية والصدامات والخلافات، أما المقاومة بأشكالها المختلفة فليس لها وجود في قاموس هؤلاء الذين يؤكدون أنهم وحدهم يمثلون الشعب الفلسطيني ويعتبرون من يخالفهم الرأي يعمل ضد مشروع هذا الشعب الوطني. آخر فضائح هذه السلطة الخلاف الذي تفجر بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس والدكتور رامي الحمد الله رئيس الوزراء على أرضية خلاف نشب بين الأخير والسيد عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" حول تعيين السيدة خولة الشخشير شقيقة زوجة الأخير كوزيرة للتربية والتعليم في وزارة "الوفاق" الوطني. الدكتور الحمد الله أوحى أن السيد الأحمد هو الذي فرض شقيقة زوجته عليه والوزارة التي يتزعمها عندما قدم له قائمة بأسماء الوزراء وطالبه بإعلانها دون تغيير باعتبارها نهائية، ولكن السيد الأحمد نفى أن يكون فعل ذلك، وأكد أن الدكتور الحمد الله هو الذي اختار شقيقة زوجته للمنصب الوزاري. هذا التلاسن الذي تابعته الجماهير الفلسطينية على شاشة "دولة" فلسطين، تبعه تلاسن آخر بين مذيع في القناة والسيد ياسر عبد ربه أمين السر السابق للجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية وأحد حلفاء الرئيس عباس الخلص، حينما اتهم هذا المذيع (ماهر الشلبي) السيد عبد ربه بالاجتماع مع جون كيري وزير الخارجية الأمريكي بحضور السيدين سلام فياض رئيس الوزراء السابق، ومحمد دحلان خصم السيد عباس اللدود، والمبعد من حركة "فتح" التي فاز بعضوية لجنتها المركزية. الاجتماع، على حد قول المذيع ومقدم البرامج المفضل للرئيس عباس، جرى في أبو ظبي، وهو ما نفاه السيد عبد ربه، وهدد بمقاضاة من روج هذه الاكاذيب، على حد قوله، ولكنه يعرف جيدا أن الرئيس عباس يسيطر على القضاء وأحكامه مثلما يسيطر على كل مفاصل السلطة ومؤسساتها وأموالها، ولذلك تأتي هذه التهديدات دوان أي معنى، خاصة أن السيد عبد ربه كان يدير تلفزيون فلسطين ويستخدمه لتشويه خصومه وخصوم الرئيس الذي كان من أقرب رجالاته وأخلصهم قبل أن يصطدم معه لأسباب ليس لها أي طابع سياسي أو وطني. تلفزيون فلسطين نفسه استضاف قبل أسبوع السيد عكاشة صاحب قناة "الفراعين" الذي تخصص في معاداة الفلسطينيين وتحريض الاسرائيليين عليهم، الأمر الذي أدى إلى حالة من الاستياء في أوساط الفلسطينيين جميعا، ناهيك عن رئيس قطاع الأخبار في التلفزيون الرسمي الذي أبعده الرئيس عباس لأنه رفض اجراء المقابلة بنفسه استنكافا واستنكارا. إنها مهزلة اسمها السلطة الفلسطينية بكل ما تعنيها هذه الكلمة من معنى، والرئيس محمود عباس يتحمل المسؤولية الأكبر فيها لأنه شارك في معظم فصولها أن لم يكن كلها. تلفزيون فلسطين يجب أن يكون رأس حربة المقاومة والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وتعبئته ضد الاحتلال، ولكنه تحول الى منبع الفضائح ومصدر تشويه واقتتال بين الرئيس عباس وأفراد سلطته، فرادى أو جماعات. هؤلاء جميعا يشكلون وصمة عار في جبين الشعب الفلسطيني وثورته، ويسيئون لنضالاته وشهدائه لأنهم حولوا السلطة والقضية الفلسطينية إلى مستنقع للفساد والمحسوبية، ونهب المال العام، واغراق الشعب الفلسطيني في الديون وتشويه صورته. الرئيس عباس هو المسؤول ويجب أن يحاسب من قبل الشعب الفلسطيني على كل هذه المهازل، فقد طفح الكيل.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.