مع اقتراب الحرية يبدأ الأسير بعد الساعات المتبقية وتبدأ أحلامه باستعادة ذكريات الماضي السعيد .. ويبدأ نبض القلب بخفقان الحنان الى الزوجة والأولاد .. الحرية هذه لم تخضب بدماء الشهداء .. فالفاتورة اليوم أصعب .. الشهداء يقتلون ليحيون عند الله .. أما هنا فالفاتورة سنين العمر وآلام الفراق .. اثني عشر عاما ونصف العام من الأسر والظلم في المعتقلات الصهيونية هي فاتورة الحريبة وضريبة الكرامة الفلسطينية .. سنوات مرت .. بحلوها ومرها .. ليبقى الأسير ينطق بكلمات عهدها كل من عاش معه والتقى به " هينا زي ما إحنا ما تغير شي الا هالشيب .. الهمة نار .. والمعنوية عالية .. " .. [title]المولد والنشأة[/title] ولد الأسير "عاطف مصطفى سليمان دراغمة" بتاريخ 1/4/1979 في مدينة طوباس التي نشأ وترعرع فيها ودرس بمدارسها حتى الصف الأول الإعدادي بسبب الظروف الإقتصادية الصعبة التي كانت تمر بها عائلته آنذاك لينتقل بعدها لإعالة اسرته المكونة من الوالدين و7 اخوة ليعمل سائق شاحنة لنقل البضائع . تزوج أسيرنا في العام 1992 من زوجته ام ادهم ورزق منها 3 ابناء ( ادهم - 23 عام - ، سليمان -20 عام- ، احمد -14 عام- ) .. [title]الإعتقالات [/title] اعتقل دراغمة عام 1993م بعد ولادة ابنه البكر باسبوع واحد فقط بعد اقتحام بيته وتدمير محتوياته ليحال الى التحقيق بمركز الفارعة ليمارس الإحتلال بحقه أبشع أساليب التحقيق النفسي والجسدي لمدة شهر ونصف ليحكم عليه بعدها بالسجن لمدة عام كامل تنقل خلاله في عدد من السجون . وفي العام 2002 نصبت قوة من القوات الخاصة الإسرائيلية كمينا محكما في مدينة طوباس لإعتقال دراغمة الذي تمكنت من اعتقاله واقتياده الى مركز تحقيق الجلمة ليمارس بحقه أبشع أساليب التحقيق العسكري جسديا ونفسيا ليصاب بالعديد من حالات الإغماء ونقل للمستشفى عدة مرات خلال التحقيق ليحكم عليه بعدها بالسجن لمدة ( 12 عاما ونصف العام ) فكان الحكم اشبه بالصاعقة على الأهل والزوجة والتي كانت تتوقع الإفراج عن زوجها حينها . [title]مواقف مؤثرة[/title] يذكر الأسير دراغمة عددا من المواقف المؤثرة التي حدثت معه خلال فترة اعتقاله تعلقت جميعها بأهله والبعد عنهم حيث يقول : " خلال فترة اعتقالي كان من الصعب علي تلقي أي من المناسبات العائلية لعدم استطاعتي مشاركة أهلي فرحهم ومصابهم .. فمن الأمور التي لم أستطع مشاركتهم بها هي نجاح أولادي في الثانوية العامة ومرافقتهم الى المدرسة وتوفير مصروفهم اليومي ..بالإضافة الى زواج إخواني الذين كنت اعيلهم واصرف عليهم وها هم أطفالهم أصبحوا شبابا في مقتبل العمر وأنا لا أعرفهم .. ".. ومن أصعب المواقف التي أبكت أسيرنا موقفين حدثا مع ابنه البكر ادهم خلال اعتقاله أحدهما " جاء ابني لزيارتي دون علمي ولم أره منذ سنوات وسنوات فتفاجئت بشاب يلوح لي ويضحك وانا متلهف للقاء زوجتي التي لم أرها منذ 5 سنوات ولم أعطي الشاب أي اهتمام فما أن وجدت زوجتي جلست مقابلها ليفصل بيننا الزجاج الموضوع في غرف الزيارة عندها جاء الشاب ليجلس بجانبها حينها أدركت أن هذا الشاب هو أحد أبنائي فبدأت بالصراخ والبكاء " .. [title]عناق داخل الأسر[/title] التقى الأسير دراغمة بابنه أدهم خلال اعتقال الأخير عام 2013 بعد اقتحام منزله وتدمير محتوياته واقتياده لمعسكر سالم ثم سجن مجدو بعد الحكم عليه بالسجن لأربعة شهور ونصف الشهر . بعد شهر ونصف من اعتقال ادهم سمحت له ادارة السجن بلقاء والده وجمعوا في ذات القسم ولكن الوالد لم يعرف ابنه حتى عرف الابن عن نفسه فكانت الصدمة ليدخل الأب في حالة غيبوبة نتيجة الصدمة . قضى الأب والإبن أيامهم ينظرون الى بعضهم دون كلام فغياب الأب ونشأة الإبن بعيدا عن والده أوجد فجوة كبيرة بينهما منعتهما من التناغم والحديث بأريحية مطلقة كما يحدث كل الآباء أبناءهم .. وانتهت مدة حكم الإبن بسرعة البرق والأب يودع ولده بالدموع .. والإبن يتمنى الأسر ليبقى مع والده أياما أخرى .. ولكن قسوة الإحتلال لا تعرف للإنسانية طريقا .. [title]موعد مع الحرية[/title] ينتظر الأسير دراغمة موعد حريته يوم الخميس القادم 11/12/2014 بفارغ الصبر راسما الإبتسامة على شفتيه والدمعة تترقرق في عينيه .. ابتسامة للقاء الأهل والأحباب ودمعة لفراق إخوة عاش بظلالهم ما يزيد عن 12 عاما . ويقول الأسير في هذه اللحظات " شعور بين الحزن والفرح يعتريني .. لست اعرف كيف مضت هذه السنوات رغم طولها وطول المعاناة فيها .. فالفرحة على الأبواب ولكن منقوصة بوجود الإحتلال الذي يبقي خلفي إخوة عشت معهم سنين طويلة من عمري " .. ويضيف " سأخرج لعائلتي التي صبرت سنين وسنين .. صبرت حتى عجز الصبر عن صبرها ..فأسأل الله أن يعينني أن أعوض أبنائي وزوجتي ما فاتهم .. وأسأل الله أن يرزقني بنتا تزين حياتنا وأحسن تربيتها فأدخل بها الجنة " .
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.