21.91°القدس
21.57°رام الله
20.53°الخليل
24.28°غزة
21.91° القدس
رام الله21.57°
الخليل20.53°
غزة24.28°
الجمعة 11 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.77

خبر: المسكوت عنه في الضفة

سألتني صحفية فلسطينية صباح أمس عن توقعاتي لعام 2015 على صعيد الحريات والاعتقالات السياسية في الضفة الغربية، فقلت: إن الحال لن يتغيّر ولن تكفّ أجهزة السلطة عن عدوانها إلا بزوال سلطتها أو ضعفها أو تغيير نهجها الأمني والسياسي بالكامل. ولكن لأن الخيار الأخير يبدو مستحيلاً فلا ينبغي توقّع حدوث تغيّر على حال الضفة ما دامت خاضعة للاحتلال الصهيوني المباشر، ذلك أن أجهزة السلطة لا تستمد فقط قوّتها من قوّته، بل توجيهات عملها الأمني وأبجديات تحرّكاتها لقمع النشاط الوطني أيضا. ليس صعباً ملاحظة أن نشاط الأجهزة الأمنية في الضفة لا يرتبط بالتسويات السياسية بين حركتي فتح حماس، وليس صعباً إدراك تلك الحقيقة الصارخة بأن التقدّم في ملف المصالحة سياسياً لا ينعكس على هذا النشاط ولا يؤثر عليه. والحال أنه حين تمّ السكوت وطنياً عن جريمة الخضوع الأمني للمحتل، والتهوين من شأنها أو تجاهلها، تاهت بوصلة الفهم والتفكير، وتم التركيز على المظاهر وقشور المشكلة وإغفال جوهرها. تقرأ هذه الأيام كلاماً كبيراً حول التصالح والتوافق فتكاد تصاب بالغثيان، ليس لأن المفردات بحدّ ذاتها ثقيلة على النفس، بل لأنها توضع في قالب من الزيف واللفّ والدوران، ولا يُطرق باب مأساتنا بشكل مباشر، تماماً مثلما يُسكت عن مئات الانتهاكات اليومية في الضفة إذا كان المستهدف منتمياً لحماس، رغم أنه يستهدف بهدف استجلاب السلطة رضا الاحتلال، لكنّك تجد آلاف الأصوات الباحثة عن دور مفترض للضفة في أوقات معينة والمطالِبة به، دون أن يكلّف أحد نفسه فهم واقعها، وكيفية تلاشي إمكانية الفعل فيها حين يكون مطلوبًا وملحًّا. يتراجع الاهتمام بساحة الضفة وما يجري فيها على الصعيدين السياسي والأمني، فلا مشروع التسوية الكارثي بات مغرياً للمجابهة ولو كانت كلامية، ولا خطيئة الارتباط والتعاون الأمني مع الاحتلال تستفز كثيرين للوقوف عندها وفهم أبعادها وامتداداتها، وشرح تأثيراتها الواسعة. وحده نهج التخليط من تعلو أسهمه وتروج بضاعته، لكونه مرتبطاً بمصالح كثيرين أو بطاقتهم الضئيلة على الصدق، أو بحدود شجاعتهم الدنيا، فيما تمضي السلطة في مشروعها الاستئصالي، وتنتقل من مربع إلى آخر في ملاحقتها ثقافة المقاومة بعد إجهاض فعلها، فتشنّ عدواناً على الحريّات في محاولة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه في الأعوام السابقة، حيث القمع والخوف سيّدا الموقف، وحيث الانسحابات الكثيرة من مشهد الفعل والتحدي والصمود في وجه آلة الفتك بالرأي والفعل والثقافة. لكنّ الجانب الآخر لهذه الجرائم الخفية، يمثل فرصة محفوفة بنداء المسؤولية، لتلك العناصر التي تلاحَق ويُضيّق الخناق عليها، لأن وجودها في قلب العاصفة يعني أنها الأكثر عطاءً والأقدر على التغيير والأمتن أمام التحدّيات، وهو ما يضاعف واجباتها، حتى لو بقيت وحيدة في ساحة المواجهة.