أثار تقرير نشره مركز الغد للدراسات والأبحاث موجة من ردود الأفعال المختلفة في أوساط الشارع الفلسطيني بكافة مكوناته الثقافية والسياسية والشعبية . فقد بيّن التقرير أن أجهزة السلطة التابعة لحركة فتح في الضفة المحتلة قد سلّمت (184) جندياً ومستوطناً خلال الخمس سنوات الماضية وبدون مقابل حيث عثر عليهم داخل المدن والقرى الفلسطينية مدججين بالسلاح وربما يهمّون بفعل إجرامي ضدّ السكان الفلسطينيين. الفلسطينيون الذين ارتفعت معنوياتهم إثر إتمام صفقة التبادل وباتت الحقيقة واضحة أمامهم ،بدا الاستياء على وجوههم واضحاً لدى سماعهم بهذا التقرير الفاضح الذي يبيّن مدى استهتار سلطة رام الله والقائمين عليها بقضية الأسرى ، في الوقت الذي ينتقدون فيه الصفقة ويختلقون فيها العيوب والنقائص . "فلسطين الآن" استطلعت بعض الآراء لمواطنين عاديين ومحللين سياسيين وأسرى محررين حول القضية . [title]بحسبة عرب .. تبييض السجون [/title] أبو محمد المؤيد لفتح منذ السبعينات غير أنه اليوم يعارض كل السياسات الفتحاوية المتعلقة بالتنسيق الأمني والمفاوضات ومحاربة المقاومة المسلحة وقمع المجاهدين واعتقالهم ، أخذ يحسب بالأرقام كيف لو أن هذا العدد من الجنود والمغتصبين دخل غزة التي تحكمها حماس بدلاً من دخولهم الضفة التي تحكمها فتح . وقال ببساطته المعهودة ممسكاً بآلة حاسبة تتبع للمحل الذي كنّا نقف فيه :" كل جندي بدناش نقول عقباله ألف زي شاليط بكفي (100) اضرب 184في (100) بطلع عندك (18400) يعني "قد" الأسرى إلى في السجون مرتين ثلاثة " صمت قليلاً ليستدرك بالقول :" لكن شو نقول حسبنا الله ونعم الوكيل ، وربنا بغير ولا يتغير وإلي واقف مع اليهود هيكون مصيره مثلهم إن شاء الله ". [title]المحررون .. جريمة واستخفاف[/title] من جهته عبّر الأسير المحرر مازن فقها أن هذه الإحصائية تدلل بما لا يعد مجالاً للشك أن الذين يقومون بتسليم الجنود والمغتصبين دون مقابل يحملون مشروعاً لا ينسجم مع تطلعات وطموحات الشعب الفلسطيني ،وقال :" الشعب الفلسطيني يدرك أنه بمثل صفقة "وفاء الأحرار" يخرج الأسرى من عتمة الزنازين. واعتبر الناطق الرسمي باسم محرري الضفة أن إضاعة مثل هذه الفرص السانحة لإطلاق سراح الأسرى مقابل هؤلاء الجنود جريمة بحق الشعب الفلسطيني وأبنائه وخاصة الأسرى في سجون الاحتلال ، مؤكّداً أن موضوع تحرير الأسرى ملح وعلى درجة عالية من الأهمية . وشدد على أن تفويت مثل هذه الفرص الذهبية لإطلاق سراح الأسرى هو استخفاف بحياتهم ،وقال معقباً :" نحن كأسرى محررين لا نقبل هذا الأمر مطلقاً ونرفضه بشدّة وخصوصاً أننا قدّمنا حريتنا وسني عمرنا من أجل شعبنا ". وطالب فقها سلطة رام الله بتبني قضية تحرير الأسرى ،وقال :" أثبتت الأيام والحوادث أن تحرير الأسرى له طريقة واحدة وكان من الأجدى اقتناص الفرص لتحرير الأسرى بدلاً من المطالبات والمناشدات التي لم تؤتِ ثمارها ". وأوضح فقها أن الاحتلال لا يمكن له أن يقدّم شيئاً بالمجان ، واستدلّ بالمعركة الدبلوماسية التي قام بها فريق السلطة برام الله من أجل سحب اعتراف بالدولة وهو ما لم يكن بسبب التعنت الأمريكي والصلف الصهيوني ، بينما خضعت (إسرائيل) في "وفاء الأحرار" حين كانت المعركة عسكرية . وقال خاتماً تعقيبه :" هذا يعني أن دولة الكيان لا تعترف إلا بلغة القوة ولا ترضخ للتسوية والمطالبات إنما ترضخ للمقاومة ولها تستجيب ". [title]السلطة كبّلت نفسها[/title] من جهته أكّد المحلل السياسي الكاتب مصطفى الصواف أن السطة في رام الله كبّلت نفسها بشكل كامل ، ما جعلها غير قادرة على احتجاز أيّ مستوطن أو جندي صهيوني أو التحقيق معه على الأقل ، وقال :" السلطة لا تستطيع فعل ذلك بسبب التعاون الأمني الكامل الذي يجبرها على حماية الصهاينة سواء دخلوا تائهين إلى الضفة أو عن قصد ". ونفى الصواف - في مقابلة هاتفية مع شبكة " فلسطين الآن " الإخبارية – وجود أيّ إستراتيجية لدى السلطة بشأن قضية الأسرى ، وقال :"ما يتحدث عنه أبو مازن وحركة فتح هو مجرد أماني انتهت بانتهاء ولاية أولمرت وكله يعتمد على حسن النوايا الصهيونية وهي غير موجودة ". واتفق الصواف مع رأي المحرر مازن فقها حول نجاح صفقة التبادل مع العدو الصهيوني وفي كون الكيان الصهيوني لا يفهم إلا لغة القوة وأسر الجنود من أجل تحرير الأسرى من السجون عبر عمليات تبادل مشرفة .