24.96°القدس
24.5°رام الله
26.08°الخليل
25.88°غزة
24.96° القدس
رام الله24.5°
الخليل26.08°
غزة25.88°
الجمعة 11 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.77

خبر: إنها صفية!

إن من بديع سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم تلك الفعالية والحيوية والفسحة التي تتميز بها كونها من مصادر التشريع التي يمكن للمسلمين ان يقرؤها بجد واجتهادات مختلفة بحسب اختلاف الظروف والازمنة مع الحفاظ على ضوابط معينة في التفسير، هذا غير امكانية التفاعل الشخصي مع حدث او قول يجد المرء تألقا وراحة نفسه فيه فتصبح السيرة حاجة وعلاقة شخصية بقدر ما هي نبراس هدى لعموم الأمة وسيرة المصطفى مع النساء، محارمه ونساء المؤمنين عموما، من المواطن التي يجب دائما تسليط الضوء عليها وتفسيرها وتوطينها في كل زمان ومكان وقراءتها من كل جوانبها وابراز لطائفها وتجلياتها المختلفة والمتجددة. ومن هذه الاحداث التي تلفت الانتباه زيارة السيدة صفية رضي الله عنها لرسول الله في معتكفه في العشر الاواخر من رمضان فلما رأى الصحابة الرسول مع امرأة لم يعرفوها سلموا وأسرعوا فناداهم واخبرهم انها زوجته صفية مخافة ان يظنوا ظن السوء بسبب وسوسة الشيطان. والتفسيرات التقليدية لهذا الحدث، وهي معتبرة، تقول بوجوب ألا يعرض المسلم نفسه للشبهات، وان يدفعها عن نفسه ببيان الحقيقة. غير ان في الامر لطائف اخرى بين سطور القصة فهذه صفية يشدها الشوق الى رسول الله في رمضان وفي العشر الاواخر فتذهب لتزوره وهو في معتكفه مع ربه في مكان من اعظم الامكنة وشهر من اعظم الشهور وايام من اعظم الايام فلا يردها ولا يؤنبها ولا يقول لها اعقلي وتذكري ما نحن فيه والتفتي الى الاهم بل يجلس معها ساعة، كما جاء في الحديث، ثم لا يكتفي ولا تكتفي بل يقوم ليشيعها ويرفض ان تمشي وحيدة وان كان بيتها على بعد خطوات من المسجد! انها علاقة الحب لله في أبهى صورها التي لا بد ان تنعكس على عباد الله، ومن أليق بها من ذوي القربى؟! ومن ازداد في حب الله لا بد ان يزداد في حب عباده فالعلاقة طردية تكاملية. «إنها صفية» تخرج بإذن مطلق من رسول الله من بيتها في الليل الى مركز حياة الامة الاسلامية، المسجد في ذلك الزمن، لا أحد يسألها او يراجعها او ينازعها في ذلك الحق بل تصرف رسول الله معها هو قمة الاقرار والقبول، ولا يكون في فعلها هذا تناقض مع الامر الرباني «وقرن في بيوتكن». «إنها صفية» علم ومعرفة على رؤوس الأشهاد، يجب ان تكون معروفة للقاصي والداني ليس لدرء الشبهة فقط، ولكن لان حضور المرأة هو اكتمال لكل شيء حتى لو كان في خصوصية اعتكاف الرسول لربه في المسجد، انها معادلة الحياة الاولى وقسمتها بين آدم وحواء. «إنها صفية» وفي سلوك الرسول معها قدوة لكل رجل من بعده، «إنها صفية» أم المؤمنين وفي سلوكها قدوة لكل مؤمنة وابنة لها من بعدها. «إنها صفية» ولو لم تُعرف، أو لو تم حصرها واقصاؤها وحجرها وحجزها فإن ذلك فتح لابواب الشيطان وتسلله للمجتمع، فالطبيعي ان تكون صفية وكل زوجات النبي برفقته في خضم المعمعة وعند الخلوة حتى عند نزول الوحي فلقد نزلت أعظم الايات من اواخر آل عمران والرسول بقرب عائشة رضي الله عنها، وعلى اثره عليه الصلاة والسلام واثارهن النساء والرجال في كل الازمنة. «إنها صفية» بكل معاني قصتها واقرار الرسول لها تقدم نفسها علما وقدوة لمن اتبعن وحجة على كل من أنكر وضيق. «إنها صفية» يقدمها رسول الله لنا نموذجا مميزا من أمهات المؤمنين لكل من أردات ان تقول «أنا صفية» وتفهم عن ربها ورسولها عظم ما أعطاها الدين من مكانة وعظم ما كلفها به من مهام وأمانات.