25.06°القدس
24.03°رام الله
24.42°الخليل
25.25°غزة
25.06° القدس
رام الله24.03°
الخليل24.42°
غزة25.25°
الجمعة 11 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.77

خبر: ألا ليت الشقاق يعود يوماً

شهور طويلة مرت على توقيع الأطراف الفلسطينية لاتفاق المصالحة الفلسطينية، تفاءل الجميع حينها وبدؤوا ينسجون أحلام الوفاق في مخيلتهم، بدءاً من انتعاش اقتصادي لواقع غزة المرير، وفك لحصارها وفتح لمعابرها التي تكلست مفاصل أبوابها مع طول فترة الإغلاق، وليس انتهاء بحل مشاكل الكهرباء والفقر والبطالة والخريجين. لكن الوفاق الذي جاء بعد الشقاق لم يكن سوى حلماً جميلاً سرعان ما بددته كوابيس حب السيطرة والانتقام من غزة وأهلها الذين صمدوا أمام حصار خانق طال كل جوانب حياتهم دون استثناء، فعاشوا سنين عجاف كانت شديدة القهر والصعوبة ، تخللتها حروب ضروس ثلاثة، لكنهم خرجوا منها رافعين رؤوسهم شامخين في وجه عدوهم رغم فداحة الفاتورة التي دفعوها من دمائهم وأبنائهم وأعمارهم ومقدراتهم. فالموظفون الذين هبوا لسد العجز الذي خلفته حركة فتح وموظفيها بعدما قرروا ترك شعبهم فريسة للفوضى واختفاء الخدمات واستنكفوا عن أداء الخدمة لشعبهم في القطاعات الأمنية والصحية والتعليمية والحكومية بشكل عام، باتوا في عهد الوفاق أسرى لتصريحات كاذبة ووعودات زائفة. فلم يتلقوا رواتبهم ولم تعترف بهم حكومة الوفاق الوطني كموظفين شرعيين، وتعاملت معهم كطارئين على زمن الوفاق من عهد الشقاق، وتركت عائلاتهم تتضور جوعاً دون أدنى رحمة، حتى وصل الحال بهم أن يخرجوا لوظائفهم سيراً على الأقدام لعدم امتلاك أحدهم أجرة المواصلات للوصول إلى عمله، لكنهم رغم ذلك لا زالوا يؤدون واجبهم قدر الإمكان. وفي أخر صيحات الوفاق كان بيان حكومي مفزع تجاوز كل الخطوط الحمراء معلناً عن نية الحكومة الاستغناء عن كل موظفي غزة العاملين مقابل دفع مكافأة نهاية الخدمة ومساعدتهم على إنشاء مشاريع صغيرة يعتاشون منها. الوزارات في غزة انتظرت وزراء الوفاق أن يحلوا فيها مكرمين معززين لأداء مهامهم في خدمة شعبهم وتأدية الرسالة التي شكل على أساسها حكومة الوفاق، وهو ما لم يحدث. فقد بقيت هذه الوزارات دون تواصل واتصال، ودون ميزانيات تشغيلية، ما حولها إلى مؤسسات لا تستطيع تأدية الخدمة للجمهور الفلسطيني، وباتت مشاهد المستشفيات التي تغص بمخلفات المهام الطبية نتيجة عدم إيفاء الوزارة بمستحقات شركات النظافة حديث الناس والمتابعين دون أن يهز ذلك شعرة في رأس الحكومة أو أي من وزرائها، هذا مثلاً دون حصر. ومن عجائب الوفاق أن تأخذ حكومته ضريبة من نفسها من أجل أن تورد لمحطتها وقوداً تولد من خلاله كهرباء تصل لبيوت الشعب الذي تحكمه، وعندما لم يستطع دفعها وهو الذي خرج من حرب ضروس استمرت 51 يوماً، كان عليه أن يعود إلى جدول لا تصل الكهرباء من خلاله إلي بيوت الغزيين أكثر من ساعات ست في أحسن الأحوال. فعاش الغزيون معظم الشهور الثمانية التي هي عمر الوفاق وحكومته في ظلام دامس لا يرون في الكهرباء إلا زائراً يأخذ بالمثل الفلسطيني المعروف "الزيارة غارة"، وجاءت المنخفضات "هدى وأخواتها" والأزمة على حالها، مما جعلها تشتد حتى أصبح الغزي لا يرى الكهرباء سوى في أحلامه السعيدة. أما عن المعابر فحدث ولا حرج، فرفض حكومة التوافق استلامها يضع ملايين علامات الاستفهام عن الدور الذي تلعبه الحكومة في تشديد الحصار على غزة وهي التي وجدت لإنهائه، خصوصاً بعدما أصبحت الحاجة لفتحها أكثر إلحاحاً عقب العدوان الأخير على القطاع وحاجة الناس للإعمار ودخول مواد البناء. علاوة على تكدس آلاف المرضى الذين هم بحاجة للعلاج، والطلبة الراغبين في الالتحاق بجامعاتهم لاستكمال دراستهم وغيرهم من أصحاب الحاجات الذين حال بينهم وبينها معبر رفح، الذي لا يفتح إلا شهرين أو أكثر لساعات محدودة ثم يغلق إلى إشعار آخر بحجة الأوضاع الأمنية في سيناء. وبدلاً من أن يحاول كبار زمن الوفاق حل المشكلة وفتح المعبر تراهم يبررون إغلاقه، فلا يترك رئيس السلطة فرصة يظهر فيها على الإعلام المصري إلا ويهاجم غزة ومن فيها ويبرر استمرار إغلاق المعبر في وجوه أهلها وسكانها. ما قلته سابقاً ليس إلا نذراً يسيراً من واقع غزة الذي يتجه للأسوأ بسبب السياسات التي تتبعها حكومة الوفاق فبدلاً من الإبداع في مشاريع جديدة تحل من خلالها بعض أزمات غزة، نراها توقف مشاريع كانت أملاً لكثير من الناس بتحسين أوضاعهم، وما إيقاف برنامج التشغيل المؤقت للخريجين "جدارة" عنا ببعيد. وأمام هذا الفشل للتوافق وزمانه وحكومته في حل أزمات غزة، بل وتراكم أزمات جديدة أخرى أصعب وأقسى، يرى الغزيون أنفسهم أمام ممر إجباري، للعودة عن الوفاق إلى حالة الشقاق إن استمر الحال على ما هو عليه، ولسان حالهم يقول ألا ليت الشقاق يعود يوماً لأخبره بما فعل الوفاق.