24.96°القدس
24.5°رام الله
26.08°الخليل
25.88°غزة
24.96° القدس
رام الله24.5°
الخليل26.08°
غزة25.88°
الجمعة 11 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.77

خبر: النظام الرسمي العربي في خدمة اليمين الصهيوني

إن هناك ما يؤشر على أن وتيرة المحاولات الهادفة للإجهاز على القضية الفلسطينية وتصفية الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني قد تعاظمت بشكل كبير، وأصبحت أكثر خطورة. ومما يثير القلق أن أطرافاً عربية مهمة لم تعد تتجاوب فقط مع هذه المحاولات، بل إنها أصبحت محركاً أساسياً لها. إن ما كشف عنه الأديب الإسرائيلي إيال مجيد الجمعة الماضي حول توصل وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان مع "شخصية عربية كبيرة" بالفعل إلى مسودة لاتفاق "إقليمي" لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، يجب أن تشعل كل الأضواء الحمراء. فنظراً لأننا ندرك الخطوط العامة لمواقف ليبرمان من تسوية الصراع، فأنه يمكن أن نتصور حجم التنازلات الهائلة التي قدمتها هذه "الشخصية" لليبرمان باسم الفلسطينيين هذه المرة. النقطة المهمة التي ذكرها مجيد أن "الشخصية العربية الكبيرة" قد طمأنت ليبرمان بأن هذا الاتفاق سيحظى بدعم كل من مصر ودول الخليج وجميع الدول المعتدلة في العالم العربي، في حال وافقت عليه "إسرائيل". ونظراً لأن حزب ليبرمان ينافس على أصوات اليمين المتطرف في الانتخابات القادمة، فأن أحداً لا يتوقع أن تكون مواقف ليبرمان قد شهدت انقلابا سياسيا مفاجئا، بل إنه سيظل ملتزما بالخطوط العامة لحزبه "إسرائيل بيتنا". وللتذكير فقط بهذه الخطوط، نشير إلى أن هذا الحزب يرفض العودة إلى حدود الرابع من حزيران للعام 1967، علاوة على رفضه المطلق لعودة اللاجئين الفلسطينيين، ناهيك عن تشديده على عدم طرح موضوع مدينة القدس في المفاوضات، بمعنى أن الحزب يرى ضرورة مواصلة توسيع حدود بلدية الاحتلال استكمالاً لمشروع "القدس الكبرى"، التي ستسيطر على 17% من مساحة الضفة الغربية. لكن مما لا شك فيه أن أخطر مواقف ليبرمان وحزبه تتعلق بطرد فلسطينيي 48، حيث إنه سبق لليبرمان أن طرح مجدداً هذه الفكرة قبل ثلاثة أسابيع. لكن ليست هذه القضية الوحيدة التي تعتبر "مقدسة" بالنسبة لليبرمان، فهو يرى وجوب فرص السيادة اليهودية على الحرم القدسي الشريف، حيث إنه يرفض مبدأ التقاسم الزمان والمكاني في الحرم. فالمسجد الأقصى في نظر هذا الحزب "المكان الأكثر قدسية" بالنسبة لليهود ولا يجوز "التنازل" عن أي جزء منه. من هنا، فإن مشروع التسوية الإقليمي الذي توصل إليه ليبرمان مع "الشخصية العربية الكبيرة"، والذي يحظى بدعم مصر والدول المتحدة في العالم العربي لا يمكن أن يخرج عن الخطوط العامة لمواقف حزب ليبرمان. إن ما يدلل على ثقة ليبرمان بأن مثل هذا الاتفاق لن يقابل بالرفض من قبل الجمهور الصهيوني، حقيقة أن مجيد ينقل عنه قوله إن هذا الاتفاق سيحظى بدعم80% من هذا الجمهور في حال تم طرحه على استفتاء عام. ومن نافلة القول، إن ليبرما يدرك التوجهات اليمينية للجمهور الصهيوني، وبالتالي هو يعي أن هذا الاتفاق لا يمكن أن يتعارض مع هذه التوجهات. لكن تبين أن ليبرمان لم يقصر لقاءاته السرية على المسؤولين العرب، بل تعداها لعقد لقاءات لافتة مع محمد دحلان، عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح"، الذي تم فصله من الحركة بسبب خلافاته مع رئيس السلطة محمود عباس. وحسب صحيفة "ميكور ريشون" فإن ليبرمان عرض على دحلان إمكانية التعاون مع "إسرائيل" في إسقاط حكم حماس في قطاع غزة، يحث يقوم دحلان بدور رئيس في إدارة شؤون القطاع بعد التخلص من حكم الحركة. وعلى الرغم من أن الصحيفة أشارت إلى أن دحلان لم يظهر حماساً للعرض، إلا أنها أوضحت في نفس الوقت، أنه معني أولاً بموطأ قدم في الضفة الغربية، على اعتبار أن الطريق إلى غزة يمر بالضفة الغربية، ولس العكس. لكن اللافت أن الإعلام الإسرائيلي يشير إلى أن دحلان التقى ليبرمان ثلاث مرات على الأقل، وهذا يعني أن هناك طيفا من القضايا التي تم بحثها، وأن الرهان على تحقيق نتائج عملية، دفعهما لمواصلة عقد اللقاءات. مع العلم أن صحيفة معاريف كشفت في 12-8-2013 النقاب عن أن إسحاق مولخو، المبعوث الشخصي لنتنياهو قد زار أبو ظبي والتقى بدحلان، حيث بحثا قضية خلافة عباس. ويذكر أن الوزير الإسرائيلي الأسبق الجنرال إفرايم سنيه قد ذكر مؤخراً أن "إسرائيل" معنية بأن يكون لدحلان دور في إدارة قطاع غزة مستقبلاً بفعل الثقل الذي يملكه هناك. وعلى الرغم من خطورة اتفاق ليبرمان مع "الشخصية العربية الكبيرة" ولقاءاته مع دحلان ودلالاتها، إلا أن هذه التطورات تأتي في سياق مجموعة من التحولات المتلاحقة في الموقف العربي الرسمي تجاه "إسرائيل"، حيث إن النخب الصهيونية باتت تدرك طابع هذه التحولات وتتعامل على أساسها. فعلى سبيل المثال، يجمع الدبلوماسيون والباحثون والكتاب الصهاينة على أن "إسرائيل" باتت شريكا رئيسا في الحرب التي تشنها الدول العربية "المعتدلة" على ما تسميه هذه النخب "الإسلام السني المتطرف". وحسب تسفي مزال، السفير الصهيوني الأسبق في القاهرة، فإن "إسرائيل" أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الجبهة الإقليمية التي تتصدى للحركات الإسلامية السنية، وعلى رأسها جماعة الأخوان المسلمين والجماعات الجهادية. ويجزم مزال أن الدول العربية "المعتدلة" ترى في "الإسلام السني" خطراً يهدد مصالحها، مما جعل هناك مسوغاً للتنسيق والتعاون بينها وبين "إسرائيل" في شن حرب لا هوادة فيها ضده. ويذهب مزال إلى حد التأكيد أن العداء لـ "الإسلام السني" أدى إلى التقاء مصالح بين الدول العربية وبين "إسرائيل" في اتخاذ موف عدائي تجاه تركيا. ويزعم مزال أن مصر تطالب دول الخليج بالضغط على دولة قطر لتقليص علاقاتها مع تركيا، بحجة أن زعيمها طيب رجب أردوغان، مسانداً للحركات الإسلامية السنية، مدللاً على ذلك بدعمه "غير المحدود" لحركة حماس. ولكي يبرز الفروق بين الأتراك والعرب. قصارى القول، لا يجب خفض الصوت في التحذير من خطورة التعاطي الرسمي العربي مع مخططات اليمين الصهيوني المتطرف. فعلى الرغم من خطورة ما يحاك، إلا إن إحباطه ليس مستحيلاً. فيجب تجنيد القوى العربية الحية للتصدي للمخططات الي تحاك بليل لإحباطها، فهي ليست قدراً.