25.52°القدس
25.01°رام الله
25.53°الخليل
26.22°غزة
25.52° القدس
رام الله25.01°
الخليل25.53°
غزة26.22°
الجمعة 11 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.77

خبر: السمت المقدسي

لم يخلق الله البشر ليكونوا هباء منثورا بلا طعم ولا لون ولا رائحة بل أودعهم خصائص تجعلهم يقاربون الملائكة طهرا ومع درجة الانبياء أجرا ان أحسنوا وبالمقابل قد يفوقوا الشياطين ومردتهم وإبليسهم إن اساءوا! خلقنا الله لنتمايز بصفاتنا وأعمالنا فلا نكون نسخا عن بعضنا حتى في العائلة الواحدة، فجعل للوراثة دورها في إكساب الصفات وأبقى مساحة واسعة للإنسان ليعمل على صياغة وتحسين عقله وقلبه وجوارحه، وكان صحابته نجوما كما قال عنهم بعضهم يضيء وحده كمجموعة كاملة وبعضهم خافت الضوء، ولكن في ظل تكامل المجتمع كان الساطع يعين الخافت ويقرضه من نوره فبزغ المجتمع بكليته ليكون "خير القرون قرني". نعم هناك أوصاف متميزة متمايزة لصفوة البشر ايمانا وعملا فلا يعقل ان يستوي القاعد والعامل والمتحفز وصاحب الهمة مع التنبل المتراخي! وقد وضح لنا الله هذه السمات غير مرة في ذكر الصفوة، وليس أي صفوة، انها صفوة نسبها اليه سبحانه فقال "وعباد الرحمن" "عبادا لنا" وجعل لهم اسما من اسمه فقال "ريبيون" ثم فصل في بيان تكوينهم النفسي والسلوكي حتى الجسماني بدقة المِشية ونبرة الصوت ونوعية الكلام وصلابة الجسم والكف عن الحرمات، حتى الاحلام والمشاريع والدعاء بالذرية الصالحة وإمامة المتقين أوردها في هذا الشرح المتكامل لكل من أراد أن يقتدي بهداهم في الدنيا لينضم الى ركبهم في الاخرة، فكما لهم علامات معروفة في الدنيا لهم مثلها في الاخرة، اذ قال تعالى: "تعرف في وجوههم نضرة النعيم" "وجوه يومئذ ناضرة" "وجوه يومئذ مسفرة" وجاء في وصفهم في الحديث "غررا محجلين". وللمكان والزمان دور في صياغة شخصية الانسان، فالبيئة والمكان يؤثران والله جعل لبعض الاماكن فضل وبركة أكثر من غيرها فمن استقام على طريق الله من سكانها كان مستحقا لبركتها، بركة مادية وبركة معنوية واسعة قد تتعدى حتى حدود الجغرافيا المنظورة فمحمد صلى الله عليه وسلم غادر مكة وظلت مكة مستقرة في وجدانه راسخة في كيانه بكل فيوضها وتجلياتها الربانية. والأمر ذاته ينطبق على القدس، فالمكان باسمه منتسب إلى اسم الله القدوس ومن نهل واغترف وأحصى وعمل استحق لقب المقدسي في موازين الانتساب إلى الله. لا يختلف بعض المسلمين المتواكلين المتخاذلين عن غيرهم من اتباع الديانات الاخرى، فهم ينتظرون مخلصا عمريا اوزنبكيا او صلاحيا أو عثمانيا ليقوم بالدور عنهم ليقطفوا هم ثمار النصر وما يدرون ان الامر تكليف فردي خاص بذات كل منا ليكون ما يستطيعه، والاستطاعة مفهوم متمدد بالإيمان والارادة، من عمر او صلاح الذين لم يكونا بدعة وحدهما بل كانا أبناء ثقافة وجيل، قام كل شخوصه اباء وامهات ومعلمين وقادة بدوره على أكمل وجه حتى استطاعوا ان يقدموا النماذج؛ ولذا أحسن من وجه الناس فقال "لقد عادت القدس بصلاح الدين فأصلحوا دينكم يا مسلمين". لقد كان للمحررين المقدسيين سمات وصفات حتى في ضحكتهم فورد عن صلاح الدين إحجامه عن الابتسام حتى تحررت القدس، كان الهم بها يملك عليه كل مشاعره، كل عضلة في جسمه، فلم تنبسط عضلات فمه والاقصى يئن في الاسر، كان يعاني من حكة لم تكن تهدأ الا بركوب الفرس، قيامه لليل كان إعدادا لغايته في تحقيق النصر، زواجه كان لتوحيد الشام ومصر لأجل القدس، كله من ألف حياته الى يائها ظاهرا وباطنا كان مرتبطا بقبلة وراية واحدة يممت شطر بيت المقدس فاستحق ان يُعرف بها وتعرف به. والله لم يقصر الفضل على الاوائل فقط فجعل للمتأخرين اللبنة الاخيرة والقول الفصل والرفع النهائي لراية النصر وهم لهم تكوينهم ايضا، تكوين مستمر بفعل المضارعة في ظروف صعبة وتحديات جلل ولكنهم اهلها فجاء في الحديث "لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم؛ إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتي أمر الله، وهم كذلك. قالوا: يا رسول الله! وأين هم؟ قال: «ببيت المقدس، وأكناف بيت المقدس". الصفات مفصل فيها ومبثوثة للجميع، ولكن التحقيق اصطفاء من الله بعلمه الصدق والاقدام في قلوب عباده، فالتحقيق يسير باتجاهين ارادة الله وارادة العبد وعمله، وهذه القضية دون غيرها تنفي الخبثاء والخبث فلا يخدمها إلا بعث الله ولا يحررها الا جنده. انظروا في أشكال وأخلاق الخُلّص من العاملين للقدس وستجدون أن لهم سمتا خاصا يليق بمدينة الجلال والبركة واقرأوا الاسراء ففيها تفصيل الإجمال.