25.52°القدس
25.01°رام الله
25.53°الخليل
26.22°غزة
25.52° القدس
رام الله25.01°
الخليل25.53°
غزة26.22°
الجمعة 11 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.77

خبر: لا يفل الحديد إلا بالحديد

ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من أسوأ حالات الإهانة والإذلال من سلطات الاحتلال الإسرائيلية، فضلا عن أعداد الفلسطينيين الذين قضوا مؤخرا في العدوان على غزة، ما دفع بالشعب الفلسطيني للثأر ورد الاعتبار لشهدائه وأرضه ومقدساته، وهو ما يفسر فرحة الشارع الفلسطيني بعملية الطعن في الحافلة الإسرائيلية في (تل أبيب). فلقد بثت العملية في النفوس الفلسطينية القوة والاعتزاز، وقدمت لهم طاقة كبيرة ورفعت من معنوياتهم. هؤلاء الشباب الذين هبوا ضد الظلم والاحتلال ليسوا قتلة أو مجرمين، وإنما هم مناضلون من أجل الحرية، وهم يرون أن على الشعب الفلسطيني أن يدافع عن نفسه حتى لو تعاون العرب وبعض الفلسطينيين مع الإسرائيليين. لا حاجة للفلسطينيين في أن يشهدوا أحداثا مؤلمة باستمرار وبصورة يومية كي يثأروا لأنفسهم، لأن الاستفزاز مستمر وقائم بسبب وجود الاحتلال الذي يشكل أكبر مبرر أمامهم ليدافعوا عن أنفسهم. لقد صورت (إسرائيل) نفسها دائما أنها واحة الأمن التي يجد فيها اليهود أمنهم وراحتهم واسترخاءهم، لكن توالي الحروب وعمليات المقاومة أخذ يقنع الإسرائيليين بأن (إسرائيل) آخر بقعة في الأرض يمكن أن توفر الأمن للإسرائيليين. ولهذا نجد أن العديد من الإسرائيليين أخذوا يفكرون بالرحيل عن فلسطين، وبعضم -وخاصة من الميسورين ماديا- قد رحلوا فعلا. فإذا استمرت أعمال المقاومة هذه، فإن الروح المعنوية للإسرائيليين ستضمحل، وستدفع بهم خارج فلسطين. تعتبر (إسرائيل) العمليات العسكرية من هذا القبيل من أخطر العمليات وأقساها، وذلك لصعوبة كشفها وتتبعها وإجهاضها. ويتم التخطيط لمثل هذه العمليات في دوائر مغلقة تماما، وكذلك التنفيذ. وفي أغلب الأحيان يتم التخطيط بين الشخص ونفسه ، وهذا يجعل من الأمر سرا مطلقا لا ينفذ إليه أحد. قرارات التخطيط والتنفيذ في مثل هذه العملية محصنة تماما من الناحية الأمنية، ولا توجد فرصة أمام الأجهزة الأمنية لاكتشافها وتتبعها إلا إذا تطورت التقنية بصورة تدخل بين المرء ونفسه.ولهذا تتم هذه العمليات فجأة وتفاجئ أجهزة الأمن كما تفاجئ الإنسان العادي. من يخطط لعملية من هذا القبيل لا يتصل بأحد، ولا ينسق مع أحد، بل ولا يتلقى أوامر من أحد. كما لا يستعمل الهاتف أو أي وسيلة اتصالات أخرى، وعليه لا يمكن لأجهزة الأمن أن تمسك بطرف خيط تبني عليه بطريقة تؤدي إلى اكتشاف السر وإحباط العمل. ولهذا تجد (إسرائيل) في هذه العمليات ما يهدد استقرارها ويهدد معنويات شعبها، إنها تقف عاجزة تماما أمامها ولا تملك سوى الوعيد والتهديد الذي قد يفاقم الأمور بالمزيد إن نفذ. تدرك (إسرائيل) أن عمليات من هذا القبيل تعبر عن رد فعل، وإذا كان لها أن ترفع مستوى الإجراءات القمعية ضد الشعب الفلسطيني فإن آثار ذلك سترتد على الإسرائيليين، أي أن (إسرائيل) في ورطة كيفما فكرت وعملت، فلهذه العمليات مردود على معنويات الإسرائيليين، ومن شأنها أن تعزز قناعة تبلورت لدى الإسرائيليين بأن (إسرائيل) آخر مكان آمن بالنسبة لليهود. إن القاموس السياسي الفلسطيني تلوث بالكثير من عبارات المنطق والهدوء وضبط النفس وما شابهها، والإسرائيليون يصادرون الأراضي ويقيمون المستوطنات، ولا يتخذ أحد إجراءات ضدهم، أما الفلسطيني فعليه أن يحفظ لسانه إذا أراد أن يحصل على بعض فتات المال من الدول المانحة. فالمطالبة بالتعايش والتهدئة مع الاحتلال أمر غير وارد في قواميس الشعوب الحرة، فالاحتلال الإسرائيلي عبر السنوات السابقة كان احتلالا بلا تكاليف، وكان نافعا ومفيدا للإسرائيليين على حساب الفلسطينيين، كذلك لا يوجد في التاريخ مهادنة مع الاحتلال أو تهدئة، ويبدو أن الحالة الفلسطينية الضعيفة هي التي أدخلت إلى القاموس السياسي مصطلح التهدئة مع الاحتلال، وها هي السلطة تلعب دور الضعيف الذي لا حول له ولا قوة، وكانت النتيجة فرض أمر واقع على الفلسطينيين أسوأ بكثير مما كانت عليه الأمور قبل قيامها منذ عام 1993م. هذا لا يعني أن على الواقعين تحت الاحتلال أن يستمروا في الاستسلام، بل يعني أنهم هم من يقيّمون الأوضاع ويقررون في النهاية إن كانت قدراتهم تسمح لهم بمواجهة الاحتلال أم لا. أما الدعوة إلى التهدئة فتعني الهدوء تحت الاحتلال أو التعايش معه بالخضوع والتسليم له، وإذا كان للشعب أن يتعايش مع الاحتلال فإن الأخير لن يجد نفسه مضطرا للرحيل أو الاعتراف بحقوق الشعب الذي يحتله. والنتيجة أن من يلعب دور الضعيف خاسر أبدا، ولا ينال حقوقه إلا من أصرّ على بناء قوة يدافع بها عن نفسه. فإذا كان لدولة أو جهة أن تلوم، فإن عليها أن تلوم الاحتلال وتقف ضده، وتعمل على إزالته إذا أرادت الاستقرار.