إنه اسمي إذن، سأخرج دونه أيضًا، لكنه الضوء القادم من بعيد، حلمت به في كل ليلة، يتسع ليفتح بابًا إلى الحرية، يخطر في بالي الآن من ضحوا بحياتهم وحملونا على أكتافهم حينما أسروا ذلك الأسير شاليط، فأراهم يركضون أمامنا إلى الجنة، تدلهم أعمالهم ودماؤهم الزكية على الطريق، أشتم روائح دمائهم العطرة، وقد أصبحوا شهداء الآن، وأدعو لهم بأن يوسع الله في قبورهم، ويزرع الفرحة في صدور أمهاتهم كما زرعوا تلك الفرحة في قلبي. أذكر يوم صدور ذلك الحكم بإبعادي إلى أوكرانيا، إنه اعتقال آخر، شعرت يومها كيف يكون الرفض عزةً، ومجدًا وتاجًا مرصعًا فوق رؤوسنا، لا أرضى بحكم يبعدني عنك يا إبراهيم، ولا عن ابنتي التي تنتظر خروجي بصبر نافذ، ولا عن وطن بلغت فيه أقصى مناصب المجد، إنهم أهلي، إنهم عائلتي، أنا البطلة زوجة البطل، آثرت البقاء خلف الزنزانة، لن أخرج من مهانة إلى مهانة، لن أقبل بحكم يبعدني عن قضية راهنت عليها، لتبقي هي، قضية حق، ولأبقى أنا خلف الزنزانة. ولكن..هاهو يأتي الفرج، إنه يوم الإفراج، في حافلة الحرية أجلس، تفصلني عن الحرية بعض دقائق، إنها أطول كثيرًا من تلك السنوات التسع التي مرت، فيها أختلس نظرة إلى الوراء، فأرى إبراهيم كعادته مبتسمًا من خلف قضبان زنزانته، يرسل أشواقه، ولا ينسى أن يحمّلني بعضًا من همومه، أحفظها عن ظهر قلب كما أحفظه، تؤرقني تمامًا كما تؤرقه، بها أعيش، وبها أقوى على مواجهة محتل لا يمل ولا يكل، أنا التي اعتدت تحمل أصناف الهموم، أنا التي أبتسم الآن وأفرح، فسأحتضن ابنتاي بعد دقائق، وقد كنت أظن أن الفرحة قد تخطتني منذ زمن طويل، لقد كبرت ابنتاي الآن، هل يا ترى سأتعرف على ملامح وجهيهما، هل ستتعرفان على وجهي، أم أن سوداوية المعتقل غيرت ملامحه. دلتني على وجهيهما رسالة ابتسامة واحدة من شفاههما الصغيرة، تسرع قدماي، تركض نحوهما، تبكيان، تصرخان، مثل زهرتين جميلتين، أحتضن أيديهما الصغيرة، أقبلهما، أبكي، أصرخ، أنظر إلى ضوء الشمس الساطع من بعيد، أرسل له أشواقي، يعلم تمامًا، وجعي، أنا هنا أستنشق نسائم الحرية، وأبعث عهدا لك يا إبراهيم، مع قبلاتي المشتاقة، سأبقى أنتظر هنا، صبرًا يا إبراهيم، فحتمًا سيأتي الفرج يومًا. [title][url=http://paltimes.net/details/news/7899/%D9%88%D8%B3%D9%83%D9%86%D8%AA-%D8%A8%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B7%D9%8A%D8%A7%D9%81-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%88%D8%B1-%D9%85%D8%B0%D9%83%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D8%B3%D9%8A%D8%B1.html]قصة الأسير المحرر إياد عبيات[/url][/title]