17.8°القدس
17.79°رام الله
16.64°الخليل
22.85°غزة
17.8° القدس
رام الله17.79°
الخليل16.64°
غزة22.85°
الجمعة 11 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.77

خبر: وثيقتان للإحاطة والنظر

صدر في القاهرة خلال الأسبوع الماضي تقريران مهمان لم ينالا ما يستحقانه من اهتمام على الصعيدين السياسي والإعلامي. الأول تعلق بمعالم المسار الديمقراطي في مصر طوال عام ٢٠١٤. والثاني اهتم برصد وقائع التعذيب التي تعرض لها النشطاء خلال شهر فبراير الذى غادرناه قبل أيام قليلة. أهمية التقريرين تكمن في أنهما صادران عن مؤسستين مصريتين حقوقيتين مستقلتين، تتمتعان بدرجة عالية من الصدقية والاحترام. ثم إن الذين أعدوهما هم مجموعة من الباحثين الوطنيين الشجعان، الذين نذروا أنفسهم للدفاع عن كرامة وإنسانية المواطن المصري، بصرف النظر عن هويته أو ما هو منسوب إليه. لقد ذكرت أن التقريرين يستحقان الاهتمام، وعنيت بذلك أولا أن يتم التثبت من المعلومات التي وردت فيهما، وثانيا أن يطرح ما يتم التحقق منه على الرأي العام إعمالا للشافية من ناحية، لإطلاع المجتمع على ما يجرى في محيطه. ومن ناحية أخرى لكى يوضع الأمر أمام الجهات المعنية في الدولة وكذلك المنظمات الحقوقية، لكى يتحمل كل طرف مسئوليته السياسية والقانونية والأخلاقية. تقرير المسار الديمقراطي هو الأول من نوعه الذى يفترض أن تصدره كل سنة مبادرة «محامون من أجل الديمقراطية»، بعدما أطلقتها الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، التي يديرها الحقوقي المعروف الأستاذ جمال عيد. وقد قام بعملية الرصد والمتابعة تسعة من المحامين ذوى الخبرة، وعرضوا نتائج جهدهم في ٧٥ صفحة سجلوا فيها أبرز الممارسات ذات الصلة بالديمقراطية، سواء تمثلت في احتجاجات أو محاكمات أو قوانين وإجراءات. ونظرا لتعدد تلك الممارسات فإن معدِّى التقرير اعتبروه عاما «معتما ومتعثرا» من الناحية الحقوقية. من الخلاصات المهمة التي تم رصدها ما يلى: * إجمالي الفاعليات الاحتجاجية التي وقعت خلال عام ٢٠١٤ وصل إلى ١٥١٥، موزعة كالتالي: ٨٢١ مظاهرة للإخوان وتحالف دعم الشرعية ــ ٢٨٧ احتجاجا اجتماعيا وعماليا ــ ١٠٠ احتجاج للقوى الديمقراطية المدنية ــ ٣٠٧ مظاهرات لطلاب الجامعات. * المحاكمات ذات الطابع السياسي عددها ١٧٠. * أحكام الإعدام التي صدرت عددها ١٤٧٣ حكما. وبعد نقض بعضها ألغى ٩٩١ منها، وتم تأكيد ٢٩٤ حكما. ولايزال أمام المفتي ١٨٨ حكما آخر لم يتأيد فيها الإعدام. * العمليات الإرهابية التي تمت خلال العام وصل عددها إلى ٨٦ عملية. كان نصيب القاهرة منها ٢٩ عملية. أما سيناء فقد تمت فيها ٣١ عملية. وهذه هي النسبة الأكبر. أما بقية العمليات فقد توزعت بنسب متفاوتة على بقية المحافظات. * المحتجزون لحساب القضايا السياسية نحو ٤٢ ألف شخص، توزعوا على مختلف سجون الجمهورية. * المدنيون الذين قدموا إلى المحاكمات العسكرية عددهم ٨٥٧ شخصا منهم ١٥٤ طالبا. تقرير «أرشيف التعذيب في شهر فبراير» (٢٠١٥) أصدره مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب. وتضمن توثيقا لوقائع التعذيب التي مارستها الأجهزة الأمنية بحق المواطنين من اليوم الأول في الشهر وحتى نهايته. واعتمد التوثيق على شهادات إخصائيي الطب الشرعي وأقوال الضحايا في داخل السجون وخارجها. ورصد التقرير ٨٢ حالة من ذلك القبيل. آخرها قصة المحامي الشاب كريم حمدي (٢٣ سنة) الذى قتل في قسم المطرية بشرق القاهرة. وقد أثبت تقرير الطبيب الشرعي أنه تعرض لضرب شديد أحدث كسورا في عشرة أضلع وأدى إلى قطع لسانه. وتمثلت أبرز حالة تعرض لها هي قصة المعتقل محمد عبدالعاطي الذى كان محتجزا في مستشفى إمبابة العام، الذى أثبت الطب الشرعي أنه قتل بأربعة رصاصات أطلقت على صدره. وهناك تفاصيل أخرى كثيرة وصادمة، لا مجال لاستعراضها لأسباب مفهومة (نص التقرير موجود على الانترنت). إلا أنه استوقفني فيها أن قسم شرطة مدينة المنصورة كان له النصيب الأوفر من وقائع التعذيب المذكورة، إذ تم توثيق ١٣ حالة تعذيب وقعت فيه خلال شهر فبراير. أعيد التذكير بأننا لا ينبغي أن ننطلق من التسليم بمضمون التقريرين إلا بعد التحقق من صحة الوقائع المذكورة فيهما. وفى كل الأحوال فإننا لا نستطيع أن نتجاهلهما كما فعلت وسائل الإعلام المصرية. ولابد أن نحمدالله أن نصيهما متوافران على الانترنت، الأمر الذى أفلتها من سيف حظر النشر الذى بات من آليات التستر على الفضائح ودفن الرؤوس في الرمال. ولا يقولن أحد إن النشر يشوه سمعة البلد ويسيء إلى النظام، لأن حدوث الوقائع التي تضمنها التقريران هي أكثر ما يسيء إلى سمعة البلد. وبالدقة فإن ما ندعو إليه هو تطهير السمعة وتنقيتها من البقع السوداء التي تطرأ عليها. ولا ينبغي أن ننسى في هذا الصدد أن تقرير التعذيب الذى أعلنته في شهر ديسمبر من العام الماضي لجنة الاستخبارات في الكونجرس الأمريكي بعد خمس سنوات من التحقيق الذى شمل ٦ ملايين وثيقة وظفه النظام لصالحه. فأعلن الرئيس أوباما أن بلاده تعترف بالخطأ إذا وقع لأن المبادرة إلى إصلاحه لاستعادة الثقة في الدولة أفضل من التستر عليه بما يؤدى إلى فقدان تلك الثقة وتدمير سمعة الدولة. لقد تجاهلت وسائل الإعلام المصرية التقريرين، حيث شغلت منابرها الإعلامية في الأسبوع الماضي بقصة قتل كلب الهرم وترشح راقصة من الدرجة الثالثة للانتخابات البرلمانية واشتراك زوجة محافظ الإسكندرية في بعض اجتماعاته. أما وكالة «أنباء الشرق الأوسط» الرسمية فقد أبرزت خطبة السيد ياسر رجب سفير مصر في بوروندي أثناء احتفال أقيم بمناسبة تقديم مصر بعض المساعدات اللوجستية إلى لجنة الانتخابات هناك. وهى الكلمة التي أعلن فيها السفير أن مصر قدمت تلك المساعدات إسهاما منها في تشجيع المسار الديمقراطي في بوروندي! هذا للإحاطة والنظر.