22.77°القدس
22.44°رام الله
21.64°الخليل
26.65°غزة
22.77° القدس
رام الله22.44°
الخليل21.64°
غزة26.65°
الأحد 04 اغسطس 2024
4.88جنيه إسترليني
5.37دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.16يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.88
دينار أردني5.37
جنيه مصري0.08
يورو4.16
دولار أمريكي3.81

خبر: قصة المحرر علي العامودي ..أكتاف الرجال

كنت مربوطًا من قدميّ وقتها, مَعَلَّقًا في الهواء, والدماء تنزل من جسدي, "الجاكيت" مضرّج بالدماء, كل أنحاء جسدي متعبة, مترهلة, أشعر بَخَذَلَان كَبَيرْ, وشظايا الرصاص اخترقت أنحاء جسمي؛ فقبل ساعات قد خرجت من اشتباك مسلًّحٍ في بلدة "أبو ديس" القريبة من مدينة القدس, استمر لسبع ساعات متتالية, واستشهد فيه أخي وحبيبي عبد الرحمن حمدان, كان بجانبي رجلٌ متقدمٌ في السنِّ خصوصًا أن عمري لا يتجاوز الأربعة والعشرين عامًا. نظر إليّ قائلا: من أنت؟ قلت له: لا حول ولا قوة إلا بالله, إنا لله وإنا إليه راجعون, لم أتكلم سوى هذه الكلمات في كل سؤال يسألني إياه, تعرفت عليه في فترات سجني لاحقًا رجل رائع مجاهد, ولكني كنت خائفًا أن أتكلم مع أحد فيكون من العملاء أو "العصافير". بعد شهر تقريبًا حكمت عليّ محكمة الاحتلال الصهيوني بثلاثة مؤبدات؛ فقد شاركت في قتل ضابط الشباك في غزة والضفة "نوعم كوهين" بعملية استدراج كبيرة, هزت جهاز مخابرات العدو "الشاباك", وهذا فضل من الله, قضيت 18 عامًا داخل سجون الاحتلال, إلى أن تحررت بصفقة "وفاء الأحرار". في المحكمة ضرب القاضي بالمطرقة ناطقًا بالحكم عليّ, لم تهتز شعرة واحدة من بدني, الوطن أكبر مني, ابتسمت ابتسامة المغيظ لعدوي ونزلت من البوابة نحو السجن, على باب المحكمة رآني أحد الضباط الواقفين هناك, أوقفني, ضرب براحة يده على كتفي قائلا باللغة العبرية: "السجن لا يبنى على أكتاف الرجال". لا أريد شيئًا, ولا أبحث عن شيء سوى الحرية, لا تكلموني عن زواج أو عمل أو دراسة, بل عن حرية, الحرية فقط. [title]لم يفهموا الحرية بعد؟[/title] منذ سماعي بالصفقة وأنا ألملم أغراضي, فلا وقت لدي, وعلى أحرّ من الجمر أسابق نفسي بنفسي, ولم أرَ أمام ناظري سوى مصطلح واحد, هو الحرية, والحرية فقط. 18 عامًا قضيتها وسط غرف الزنازين, وأقسام السجون, ثماني سنوات لم أرَ أمي وأبي وإخوتي, واليوم حان موعد اللقاء. حدثت أخي عبر جوالٍ تم تهريبه للسجن .. يسألني عن أهم المشاريع المستقبلية التي سأقوم بها بعد خروجي؟ فقلت له: لا أريد شيئًا, ولا أبحث عن شيء سوى الحرية, لا تكلموني عن زواج أو عمل أو دراسة, بل عن حرية, الحرية فقط. وحين خرجت من السجن وعانقت الأحباب.. تغيرت الحياة كلها أمام ناظري, يا سلام؛ من هذا؟, وابن من هذا؟ وبنت من هذه؟, أطفال لم أعرفهم, وكبارٌ تركتهم أطفالاً, وعدْتُ إليهم آباءً, يعرِّفونني كلٌّ على أبنائه, هذه ميساء, والأخرى غيداء, وهذا علي, والآخر إبراهيم, وأحمد, وسليم. بعد أيام قليلةٍ من الإفراج أحضر أبي لي منذ الصباح السمك لوجبة الغذاء, كان السمك غالي الثمن, وكان في بيتنا بخانيونس عشرات القطط أخذت سمكة ووضعتها أمام القطة, أكلت القطة, مسحت بيدي على رأسها, وضحكت.. نظر إليّ والدي قائلاً: تطعم القطة سمكًا بخمسين شيكلاً الكيلو, قلت له: نعم, فلا يعرف معنى الحرية إلا من فقدها.. أرجو ألا تعود أيام السجن, ما أصعبها من أيام. [url=http://paltimes.net/details/news/7542/%D8%AD%D9%85%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%A2%D9%86--%D9%83%D8%AA%D9%8A%D8%A8-%D9%85%D8%B0%D9%83%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%A3%D8%B3%D9%8A%D8%B1.html][title]لتحميل كتيب مذكرات أسير اضغط هنا[/title][/url]