21.67°القدس
21.35°رام الله
20.53°الخليل
26.31°غزة
21.67° القدس
رام الله21.35°
الخليل20.53°
غزة26.31°
الأحد 04 اغسطس 2024
4.88جنيه إسترليني
5.37دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.16يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.88
دينار أردني5.37
جنيه مصري0.08
يورو4.16
دولار أمريكي3.81

خبر: أسد الشمال..اليوم نبكيكم ..وكل يوم

في الذكرى الثالثة لاستشهاد أسد الشمال الدكتور نزار ريان وعائلته الكريمة ننشر مقالين من كتابة ابنه البار براء نزار ريان يتحدث في الأول عن والده ووفاء قيادات الحركة لجهاده وفي الثاني يصف فيه الشهداء السبعة عشر الذين ارتقوا في الغارة الصهيونية التي استهدفته في بيته بعد أقل من أسبوع من بدء حرب 2008 التي استمرت 22 يوما واستشهد فيها أكثر من ألف وأربعمائة مواطن وأصيب العشرات فضلا عن الدمار الهائل. بقلم براء نزار ريان اليوم نبكيكم .. وكلّ يوم! والدي الحبيب، سلام إليك وعليك، بقدر اشتياقي وتحرّقي للقياك، وما في القلب لك من وجد وشوق! أحبّ أن أخبرك بداية أننا نحسن بالله الظنّ، وأننا نراكم بإذن الله في جنان الخلد تتنعّمون، على الأرائك تنظرون، ونظنّ أن الله سبحانه أكرمكم بكرامة الشهادة في سبيل الله، وأجزل لكم المثوبة في الدنيا والآخرة بإذنه، ولكننا نشتاق إليكم ولذلك نبكيكم! تنقصنا نظراتكم، وتعوزنا ضحكاتكم، نفتقد ابتساماتكم، ونشتاق إلى جلساتكم، وتحنّ نفوسنا إلى جمعاتكم، لا سيّما في مثل هذا اليوم.. الله وحده يعلم كم افتقدناكم، وكم بكيناكم.. لكننا من أجلكم ومن أجل رسالتكم، وقبل ذلك رغبة فيما أعدّ الله للصابرين، تجلّدنا ما استطعنا، وتحمّلنا فوق ما يمكننا، لكننا يا أبي بشر من لحم ودم.. لذلك يا أبي نبكيكم! لطالما تمنّيت لك الشهادة في سبيل الله، ولم أكن أرضى لك إلا أن تموت شهيدًا، وما كان لمثلك إلا أن يموت هذه الميتة الشريفة، لكنه كان رحيلًا مبكّرًا وأليمًا.. وهذا ما يبكيني! كما أنني كنت أفرح بإخوتي الصغار، ولطالما فرحت بهم، استبشرت بميلاد كل منهم، وأذكر لحظات خروج كل منهم إلى الدنيا كما لو أنها أمامي، وقد كنت أحلم فيما أحلم أن يكون لك من الذرّية ما ينافس عائلة كاملة، وقد أنعم الله عليك وآتاك، وأكرمهم بما هو أفضل من ذلك .. لكننا –بضعفنا وقصور تفكيرنا- كنّا نحبّ أن يظلّوا بيننا لذلك يا أبي نبكيكم! لقد أسعدني أن ختم الله لك وللوالدة وللخالات بالشهادة، وأكرمكم بهذه الكرامة بعد طول جهاد وبذل، وأحمل عن كل منكم ذكريات تصلح لي زادًا حتى ألقاكم، لكن إخوتي الصغار يا أبي لم أسعد برؤيتهم كما كنت أتمنّى.. والخيرة فيما اختاره الله .. لكنني أبكيكم! في رمضان يا والدي .. كنّا نفطر سوية في بيتكم العامر، تعوّدنا على ذلك يا أبي، وكان صعبًا أن نفطر وحدنا، لكننا آثرنا بعد رحيلكم أن نفطر سوية أيضًا وبما تبقى منّا في بيوت بعضنا بالتناوب.. وشعرنا أن الله مبارك فينا، وأننا بإذن الله كثرة .. لكننا مجرّد حفنة منكم.. فلذلك نبكيكم! ولدك بلال يا أبي.. إنه يشبهك كثيرًا.. إنني أذكر إذ قلت لك يومًا: لن تجد أخًا مثل بلال لإخوته أبدًا! فتبسّمتَ تبسّم الرضا.. لقد كان عند ثقتك يا والدي، إنه يحبّ لنا ما يحبّ لنفسه وأكثر.. ويؤثرنا على نفسه وأكثر، ويفدينا بروحه وأكثر! إنه باختصار –وعلى قرب السنّ- والدنا بعدك، لكننا لا نرى لك مثيلًا ولا عنك تعويضًا أنت وسائر الأحباب ولذلك نبكيكم! لكن حسبي أنه يشبهك يا أبي وقد عزّ أشباهك، ولذلك أسمّيه الشيخ بلال، تيمنًا بك، ودعاء لله بأن يسير على طريقك.. لكنه نفسه محتاج إليك .. فلذلك أبكي وسأظلّ أبكيكم! محمّد يا والدي كبر وشبّ، وهو قوي مدبّر.. هو يدنا ورجلنا يا أبي.. ورجل المهمات الصعبة فينا.. رزقنا الله منه نزارًا بعد استشهادك، وفرحنا بهذا الوافد الوسيم الجسيم، لكننا كنا نحبّ أن تشاركونا فرحته.. ولذلك نبكيكم! حملت زوجتي يا والدي، وكان المفاجأة أن في بطنها توأمًا! فبكيت كثيرًا، لأنني كنت أعلم أنك ستسرّ بذلك كثيرًا.. شعرت بأن الله يعوّضنا وقرّت بذلك أعيننا، لكننا نفتقد مشاركتكم ولذلك نبكيكم.. قالت الطبيبة إن في بطنها بنتين، فرجوت أن يكونا في طفولتهما كحليمة وريم، وفي صباهما كآية ومريم، وفي شبابهما كأم عبد الرحمن وأم أسامة، وفي ختامهما كأمي وأم علاء! ونرجو من الله أن يبارك فينا، ولكننا سنظلّ نبكيكم! ابنتك ولاء يا أبي، صابرة ثابتة.. كما ربّيتها تمامًا.. لقد فتحت لها باب الثلاجة على ستة عشر، هم أحبّ الناس إليها وأقربهم منها، فما قالت كلمة لا ترضي الله .. ولا ترضيك.. إنني إذا أردتُّ مدحها، أو سألني أحد عنها، قلت: هي ابنة أبي وأمّي.. إنها تشبه أمّي كثيرًا يا أبي، وفي ذلك لنا عزاء.. لكننا إذا رأيناها افتقدنا أمّنا! وهذا ما يجعلنا نبكيها ونبكيكم! جدّتي أم زياد صابرة كما عهدتها يا والدي، وهي التي قدّمت من أولادها أكثر من عشرين، وأهلك يا أبي أهلنا كما كانوا على عهدك، وأكثر بعدك. إننا سعداء بهم يا أبي، لكنّ رحيلكم –ولستم قلة كيفًا وكمًا- قصم ظهورنا وظهورهم، لذلك يبكونكم، ونحن معهم نبكيكم.. اعتكفنا العشر الأواخر في الخلفاء، كان الاعتكاف حزينًا يتيمًا، لم يغادر شباب الخلفاء سنّتك فصلّوا كلّ ليلة عشرة أجزاء في عشر ركعات، وختموا في العشر الأواخر ثلاث ختمات، لكننا افتقدناك وكاد قلبي يقف إذ دخلت قائمة الشهداء المدعوّ لهم في كل وتر! وزادني حزنًا أنني لم أجد غسان ولا عبد القادر حولي وعزّ عليّ ألا يكون لي إخوة صغار، فبكيتكم كثيرًا .. وطالما سنبكيكم! [color=red]أخوك إسماعيل هنية..[/color] إنه أخوك فعلًا يا أبي، وقد كان كما أخبرتني ذات ليلة إذ قلت لي: إن نفس “أبو العبد” فينا كنفس الشيخ أحمد ياسين! إنه يحبّ الشهداء يا أبي وذوي الشهداء، ويتبع سنّة حبيبنا محمّد عليه السلام التي كنت تنشرها، وتصدح في دروسك بقوله صلى الله عليه وسلّم: “إني أرحمهما.. قتل أخوهما معي”! لقد كان عمّنا يا أبي، ولولا أننا لا نرى لك بديلًا لكان أبانا، وزارنا يا والدي مرارًا، واستحلفنا بالله إن احتجنا شيئًا أن نعتبره أقرب الناس، وقد كان كذلك يا أبي، وقد سعدت بثقتك، وفرحت بفراستك. إنه يحترمنا إذا كلّمنا، ويكرمنا إذا قابلنا، ويعاملنا أفضل مما لو كنت حيًا، وقد أعجبنا ذلك منه كثيرًا، واطمأنّت إلى ذلك قلوبنا لأن قائدًا يحمل كلّ هذا الوفاء هو أهل لتوفيق الله عزّ وجلّ! قلة يا والدي يتحلّون بالوفاء في هذا العالم، وأقلّ منهم يحملون ما يحمله أبو العبد منه! كم أسعدنا كرمه، وأقرّ أعيننا وفاؤه، لكننا يا والدي حين نرى ذلك منه نتذكّر طيب أخلاقك، وعلوّ سماتك، فتثور لواعج الشوق لدينا، فنبكيكم! أخوك فتحي حمّاد يا أبي، إنه أيضًا أخوك.. وقد بكاك ونعاك، وأحسن رثاءك إذ رثاك.. إنه كثيرًا ما يذكرك، وطالما افتخر بك، وقال: إنه –يعنيك يا أبي- أول شيخ لي في الدعوة، وأول مسئول في التنظيم.. اتّصلت به بعد تولّيه الوزارة ثلاث مرّات، فقال في كل مرة: تعال الآن! وكان في إحداها متعبًا وفي أخرى مشغولًا، فلم يعتذر وقد كان بوسعه الاعتذار، وجلس إليّ ذات مرة وقد غادر اجتماعًا، فبقي معي، واحتفى بي وأكرمني، ولم يعد إلى اجتماعه حتى استأذنت، ففرحت به وسعدت، وفرحت له ثانية إذ أكرمه الله بمولودين ذكرين سمى أحدهما باسمك، والآخر باسم قرينك الشهيد القائد سعيد صيام. لكننا يا والدي كثيرا ما رأيناك معه، وإذا رأيناه تذكّرناك.. فمن أجل ذلك نبكيكم! أخوك أبو الناجي الخضري يا أبي.. إنه أيضًا أخوك بحقّ.. لا يكلّمنا إلا ودموعه في عينيه، وإنه يخجلنا بتواضعه وبالغ كرمه، وقد كانت المؤسسة التي جمعتك به –ولعلّها بعض ما يجمعك به- مؤسسة كريمة ووفية أيما وفاء. إن إخوانك في “الجامعة الإسلامية” –وعلى رأسهم أخوك أبو الناجي- كانوا نموذج أخلاق، وقد احتفوا بنا يا والدي، وأكرمونا بعدك، وأخلفوني مكانك، ثمّ لم يفوّتوا فرصة لتكريمك والإشادة بك. وقد أطلقت كلّيتك يا والدي مؤتمرًا علميًا يحمل اسمك، يرأسه أخوك الدكتور نسيم ياسين، فبوركت الهمم. لقد أسعدني ذلك يا والدي وواساني، لكنني كنت أحبّ أن أكون شريكك لا وريثك! لذلك بكيتك إذ دخلت مكتبك، وطالما سأبكيك! الرجل الأبيض الخلوق الذي عرّفتني إليه في المكتبة يا أبي، وجلس إليك خمس ساعات متواصلات. كنتَ أخبرتَني أنه صاحب خلق وذوق، لكنني انبهرت بالواقع إذ عايشته، وقد علّمتني يا أبي أنه “ليس الخبر كالعيان”. إنه من أوفى إخوانك إليك، وأحسنهم معاملة لأهلك.. يعاملنا بما لا يعامل به كبار القوم، وأصحاب المراتب والرتب، ويخجلنا إذ نقول له: يا عمّ، فلا يقول إلا: يا أخي! إنني يا أبي إذ أجالسه أتخيّل كم من الكرام فاتني أن تعرّفني بهم، وكم من أصحاب المعادن الثمينة مثل هذا الكريم قصّر العمر دون أن أتعرف بهم، لذلك يا أبي لا أنفكّ أبكيكم! لن نفتح اليوم عزاءً لأنك علمتنا أنه بدعة محرّمة، وسنذهب نصلّي العيد نفرح مع المسلمين، لكنني يحزنني ألا تكون خطيبنا اليوم كما تعوّدنا.. ويفطر قلبي أنني لن أبدأ جولة العيد ببيت أهلي .. لذلك يا أبي لا تلمني إن بكيتكم وبقيت الدهر أبكيكم! إنني يا أبي لو انطلقت أحدّثك عن أسباب بكائنا إياكم، لا سيّما والتكبيرات تصدح صباح هذا العيد، لن أنتهي.. لكن هذا بعض ما يحضرني وتخنقني عبراته، ولا أعلم إن كان سيعجبك هذا منّي أم لا.. لكنني لا أقول لك إلا كما كتبت لك ذات مرّة في حياتك: يــا والدي إني لأعــلم أنــه ***** قد لا تســرّ بشـعري الدفـّاقِ فاغفر –رعاك الله- كم من شاعر ***** رفض السكوت بثورة الأشواقِ [color=red]المقال الثاني[/color] أشتهي الحديث عنهم أتعرفونهم! إنّهم أهلي! 1. [color=red]والدي[/color]: أترانا نقوى على حمل اسمه الكبير! ملأ سمع الدنيا وبصرها .. بدمه ودماء أهله! ما أكبر اسمه! أينما سِرنا كان اسمه على صدورنا وسامًا.. وكانت تضحيته تاجًا نسامي به الملوك! يا ذا الجلال.. اجعل بلالًا وبراء ومحمّدًا وولاء وذرّيتهم على دربه، قوّهم على حمل إرثه، وتبليغ رسالته. 2[color=red]. أمّي[/color]: يا لها من مجاهدة! أوّل وصفٍ كان يصفها به أبي إذا تحدّث عنها، وكان يذكر مآثرها حيّة، واليوم مآثرها في الآفاق تنتشر وهي عند ربّها –وهو حسيبها- حيّة تُرزق! ربّتنا على حبّ الجهاد والشّهادة، وشجّعتنا.. لكنني كنتُ أبصر في عينيها ما جمعت قلوب بنات حوّاء من لهفةٍ إذا ما دنا منّا الخطر! تستعلي بإيمانها، وتضحّي! تحبّنا حبًّا يعرف طعمه أو بعض طعمه كلّ ابنٍ حُرِمَ أمّه! يا أمّي على كبر تيتّمنا! أشعر بك من حولنا، وأظنّ أنّ الله موفّقنا برضاك عنّا، وقد كنّا في حقّك مقصّرين! أنا مشتاقٌ يا أمّي! أنا مشتاق! 3. خالتي أم عبد الرّحمن: المحبّة المخلصة، ابنة المعسكر المتألّقة، صاحبة العلم والعمل والذكاء منقطع النظير، مشتاقٌ إليها أيضًا، إلى إخوتي الستة أولادها الذين قضوا معها.. كان بيتُها يضجّ بالحياة! يضجّ بالصخب، ستة أطفالٍ يا رب! 4[color=red]. خالتي أم علا[/color]ء: يا لها من قدّيسة، كذلك والله كنتُ أصفها في حياتها، وكانت تشتهي الموت شهيدة، تركت في قلوب كلّ من عرفوها أثرًا، كلّ من رآها، ولو ساعة من نهار! قال: إنّ فيها لسرًّا وأيُّ سرّ! يا أمّنا بعد أمّنا.. كم نفتقدك! [color=red] 5. خالتي أم أسامة: [/color]يا لها من أختٍ هبطت من السماء! هل تمطر السماء أخواتٍ كبارًا، كيف أصبحت هذه الفتاة أختي في دقيقتين! قالت لي يوم رأيتُها أوّل مرّة حين عقد عليها أبي: اعتبرني أختك، ومثلُك شابُّ يحبّ لو أن له أختًا كبيرة، تكوي له ملابسه وترتّب هندامه! عدتُّ فحدّثتٌ بلالًا، فقال: يا الله، إنها لبنتُ حلال! لم يحصل ما وعدتني، إذ تزوّجتُ بعدها بقليل.. لكنّ كلماتها العفويّة، كانت كافيةً لتسطّرَ أبسط ميثاق أخوّة، وأعمقه! كانت زميلتي في الدراسة، كثيرًا ما درسنا معًا، وكنتُ أشرحُ لها، وكان والدي يسمع، كم كان سعيدًا كم كان فخورًا.. قال لها يومًا: ينبغي أن يدرّس في الجامعة! يا أختي الكبيرة! أحتاجُ أختًا كبيرة! [color=red]6. إبراهيم:[/color] يا شهيدنا الكبير! يا صاحبَ السنّة في آل ريّان، يا حامل اللّواء! رفعتَ رأس أبيك، ورفع أبوك رأس أمته! ما أصدقك! ما أصدقك! ليت لنا بعضُ طيبتك، وشيء من صدقك.. إذن لكنّا من أولياء الله الصالحين! يعرفُ ذلك من عرفك! [color=red]7. غسّان: كنّا نتأمّله يكبُر ..[/color] المرابط الشجاع! البطل المقدام، معشوق المجاهدين، وآسر قلوب قادتهم.. كنتُ أتأمّله خارجًا للرباط.. كان “أشيك” من عريس! في كلّ مرّة تلقاه، لثامه على وجهه، عصبته على رأسه، وأخرى على ذراعه، وثالثة تلفّ بندقيّته! يا حبيبي يا غسّان، كنّا نراك تكبر، فجأة صرتَ قريننا، وقد شهدنا ميلادك! “قتلوه يا لشبابه.. ما أن تكامل واتّسق حتى تسيل دماؤه دفقًا يمورُ بإثر دفق”! يا غسّان! أترانا ننجبُ مثلك! يا ربّ هبنا غسّانًا، فإنا نحبّ غسّان! [color=red]8. عبد القادر:[/color] كل آيات التهذيب والأدب والذوق، وما أودع الله في “الأمامير” من الأطفال هو بعضُ ما حبا الله “عبّود”! فيه سحرُ أبويه! اجتمع والله فيه ما آتاهما الله من قبول في الخلق! فكان أميرًا على القلوب، في الدار، في الحارة، في المسجد، في المدرسة.. هل يذكرُ النّاس عبّود! لا يغيب عن ناظريّ صديقه يوم جنازته وأهله إذ يسألني عن جثمانه! أشفقتُ والله عليه، وعلى نفسي، وعلى كلّ من عرف الأمير! [color=red]9. عبد الرحمن:[/color] أيّها الرجل الصغير! جسم الرجال وبراءة الأطفال، وقلب الأبطال! مع حرص أمّك عليك، مع حنانها الذي لا ينقطع عنك، نشأت رجلًا! أيّها الرجل الصغير، كنتُ أحبّ أن أراك رجلًا كبيرًا! [color=red]10. أسامة بن زيد:[/color] أيها المليح الفصيح، يا ابن السنين الثلاث! لم يدعوك تتكلّم.. كنت أشتهي لو أنّي سمعتُك أكثر.. لمّا استقام لسانك قتلوك! يا لقسوتهم! أضاقت صدورهم بحروفك! صدري لا يشفى إلا بها! فماذا أفعل! 11. أسعد: يا ذا العام الواحد! أدع الكلام عندك! لا أستطيع الكلام! [color=red]12. آية:[/color] لم أكن لأعجبَ يا ابنة الابتدائيّة لو طرقَ بابنا الخُطّاب! كنتِ عروسًا، وجهك وجه صبيّة! حجابُك حجابُ تقيّة! منكسرة الطّرف حييّة! أكبر من سنّك والله.. أيتها الصبيّة الشهيدة، غبار القصف لم يحجب نور وجهك.. كان والله منيرًا وأنا أشهد.. بصر عينيّ، وملمس يديّ.. هل لمس أحدكم النّور غبارًا على وجه طفلةٍ شهيدة! [color=red]13. مريم:[/color] لو أنّ الذكاء وخفّة الدم وحسن التصرّف كانت طفلة لما كانت غيرها! يا مريم.. يا شبيهة عبّود في أخواته الإناث! من أمها وأبويها أخذت.. جمالًا وذكاء وسحرًا.. كان أبي يخاف عليها، لكثرة ما تمرض.. كان يخشى أن يفقدها.. لكنّنا فقدناها وفقدناه! [color=red]14. زينب:[/color] يا طيّبة القلب.. يا طفلة في طفلة! يا طفلة مرّتين! قدّر الله أن تحيي في زمان قتلة الأطفال! ما كنتُ أظنّ لو قدّر الله لك الحياة أن يغادرك قلبُ الطفل! لعلّك من أجل ذلك آثرت أن تغادرينا طفلة! [color=red]15. حليمة:[/color] يا لعبتي! قالوا لي ذات مرّة: إنّ آية ابنتي تشبهها.. بقيتُ أسابيعَ أحتضن آية وأقبّلها.. لا كما كنتُ أفعل قبل أن يقولوا ما يقولوا! [color=red]16. ريم:[/color] أيتها المدبّرة الأريبة! يا حلوة اللسان.. يا لطيفة المعشر.. يا حسنة التدبير.. كانت إذا أرادت أن تطلب “شيكل” لم تقل أعطني؟! إنّما تقول: معك؟ وأنت إذا كان معك، تعطي أو تمنع.. حرّ! يا ذات الكبرياء والدلال.. وأنت دون الرابعة! أتراها كيف تبدو في الرابعة عشرة! [color=red]17. عائشة:[/color] كانت أقرب إلى قلب أبيها من رئتيه! كان بها مولعًا حدّ الفتنة! يا فاتنة في الثالثة! فتن الله قاتليك في جهنّم! المعذرة.. هكذا.. وبدون مناسبة، اشتهيت الحديث عنهم.. رغم أنني سعيد هذه الأيّام، لكنني أفتقدهم.. كم أفتقدهم حين أكون سعيدًا! وحينها.. أشتهي أن أتحدّث عنهم.. وأردّد في أعماقي: يا رحمة الله تنزّلي عليهم جميعًا وعلينا!