21.35°القدس
21.04°رام الله
19.97°الخليل
24.46°غزة
21.35° القدس
رام الله21.04°
الخليل19.97°
غزة24.46°
الخميس 10 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.77

خبر: خطوات أولياء الشيطان لقتل الخليفة عثمان

- استطاع الخليفة عثمان -رضي الله عنه- أن يخطب في المتمردين، ودارت بينه وبينهم مناظرة، حاججهم في كل ما ادعوا، فأخذوا ميثاقه، وكتبوا عليه شرطًا، وأخذ عليهم ألا يشقوا عصًا ولا يفارقوا جماعة ما أقام لهم شرطهم ثم رجعوا راضين". لكنّ الذين رجعوا راضين هم عامة الناس، الذين لم تكن قلوبهم تنطوي على حقد على الخليفة، وإنما جاؤوا مضللين بتأثير الدعاية والشائعات التي كان يطلقها الزعماء المخططون، فلما التقوا بالخليفة وسمعوا كلامه؛ رقّوا له، وعادوا راضين مقتنعين بكلامه. أما الزعماء فلم يكن يرضيهم شيء إلا خلع الخليفة أو قتله، ولكنهم اضطروا أن يسايروا عامة الناس، وأن يتظاهروا بالرضا والاقتناع، حتى لا تنكشف خطتهم أمام الكثرة من أتباعهم، الذين كانوا يعتمدون عليها لتحقيق هدفهم، لقد ظلوا سنين يعدون لخطتهم، وها هي الفرصة توشك أن تفلت من أيديهم، ولهذا راحوا يعملون تفكيرهم حتى زين لهم الشيطان فكرة خبيثة، حدثنا ابن حبان (ت: 354ه) عن ذلك في صحيحه، وهي أصح الروايات عن التطورات الأخيرة التي أدت إلى قتل الخليفة عثمان، وهو يرويها عن شاهد العيان أبي سعيد مولى أبي أسيد الأنصاري قال: سمع عثمانُ أنّ وفدَ أهلِ مصرَ قد أقبلوا، فاستقبلهم، فلما سمعوا به أقبلوا نحوه إلى المكان الذي هو فيه، فقالوا له: ادعُ المصحف، فدعا بالمصحف، فقالوا له: افتح السابعة، -قال: وكانوا يسمون سورة يونس السابعة- فقرأها، حتى أتى على هذه الآية: {قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حرامًا وحلالًا، قل آلـلّه أذن لكم أم على الله تفترون}، قالوا له: قف، أرأيت ما حميت من الحمى؟, آلله أذن لك به أم على الله تفتري؟, فقال: أمضه, نزلت في كذا وكذا، وأمّا الحمى لإبل الصدقة، فلما ولِدتْ زادت إبل الصدقة فزدت في الحمى لما زاد في إبل الصدقة أمضه، قالوا: فجعلوا يأخذونه بآية آية فيقول: أمضه, نزلت في كذا وكذا. فقال لهم: ما تريدون؟, قالوا: ميثاقك، قال: فكتبوا عليه شرطًا، فأخذ عليهم أن لا يشقُّوا عصًا ولا يفارقوا جماعة ما قام لهم بشرطهم، وقال لهم: ما تريدون؟!, قالوا: نريد أن لا يأخذ أهلُ المدينةِ عطاءً، قال: لا, إنما هذا المال لمن قاتل عليه، ولهؤلاء الشيوخ من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، قال: فرضوا وأقبلوا إلى المدينة راضين، قال "الراوي": فقام فخطب، فقال: ألا من كان له زرعٌ فليلحق بزرعه، ومن كان له ضرع فليحتلبْه، ألا إنه لا مال لكم عندنا، إنما هذا المالُ لمن قاتل عليه ولهؤلاء الشيوخ من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، قال: فغضب الناس، وقالوا: هذا مكر بني أمية، قال: ثم رجع المصريون، فبينما هم في الطريق، إذا هم براكبٍ يتعرّضُ لهم، ثم يفارقهم، ثم يرجع إليهم، ثم يفارقهم، ويسبُّهم، قالوا: ما لك؟!, إنّ لك الأمان، ما شأنُك؟!, قال: أنا رسولُ أميرِ المؤمنين إلى عامله بمصر، قال: ففتّشوه، فإذا هم بالكتاب على لسان عثمان، عليه خاتمه إلى عامله بمصر، أن يصلبَهم أو يقتَلهم أو يقطعَ أيديَهم وأرجلَهم، فأقبلوا حتى قدموا المدينة، فأتوا عليًا، فقالوا: ألم ترَ إلى عدوِّ الله؟!, كتب فينا بكذا وكذا، وإن اللهَ قد أحلّ دمه، قُم معنا إليه، قال: والله لا أقوم معكم، قالوا: فلِمَ كتبت إلينا؟!, قال: واللهِ ما كتبتُ إليكم كتابًا قط، فنظر بعضهم إلى بعض، ثم قال بعضهم إلى بعض: ألهذا تقاتلون أو لهذا تغضبون؟, فانطلق عليٌّ فخرج من المدينة إلى قرية، وانطلقوا حتى دخلوا على عثمان، فقالوا: كتبتَ بكذا وكذا؟! فقال: إنما هما اثنتان، أن تُقيموا عليَّ رجلين من المسلمين، أو يميني بالله الذي لا إله إلا الله ما كتبتُ ولا أمليتُ ولا علِمتُ، وقد تعلمون أن الكتاب يكتب على لسان الرجل، وقد ينقش الخاتم على الخاتم، فقالوا: واللهِ أحلَّ اللهُ دمَك، ونقضوا العهدَ والميثاق، فحاصروه، فأشرفَ عليهم ذات يوم، فقال: السلام عليكم، فما أسمعُ أحدًا من الناس ردّ عليه السلام، إلا أن يردَّ رجلٌ في نفسه، فقال: أنشدكم الله، هل علمتم أني اشتريت رومة من مالي فجعلت رشائي فيها كرشاء رجل من المسلمين؟ قيل: نعم، قال: فعلامَ تمنعوني أن أشربَ منها، حتى أُفطر على ماء البحر؟!, أنشدكم الله، هل علمتم أني اشتريتُ كذا وكذا من الأرض فزدته في المسجد؟! قيل: نعم، قال: فهل علمتم أنّ أحداً من الناس مُنِع أن يصليَ فيه قبلي؟! أنشدكم الله هل سمعتم نبي الله صلى الله عليه وسلم يذكر كذا وكذا أشياء في شأنه عدّدَها، قال: ورأيتُه أشرفَ عليهم مرة أخرى فوعظهم وذكَّرَهم، فلم تأخذْ منهم الموعظة، وكان الناسُ تأخذُ منهم الموعظة في أول ما يسمعونه، فإذا أُعيدت عليهم، لم تأخذ منهم، فقال لامرأته: افتحي الباب، ووضع المصحف بين يديه، وذلك أنه رأى من الليل أن نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول له (أفطر عندنا الليلة)، فدخل عليه رجلٌ فقال -عثمان-: بيني وبينَك كتابُ الله، فخرج وتركه، ثم دخل عليه آخر فقال: بيني وبينك كتابُ الله، والمصحف بين يديه، قال: فأهوى له بالسيف، فاتقاه بيده، فقطعها، فلا أدري أقطعها ولم يَبِنْها أم أبانها، قال عثمان: أما والله إنها لأول كف خطّت المفصَّل 17- وفي غير حديث أبي سعيد فدخل عليه التجيبي فضربه مشقصا فنضح الدم على هذه الآية: {فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم} قال: وإنها في المصحف، ما حُكَّتْ، قال: وأخذت بنت الفرافصة -في حديث أبي سعيد- حُلِيَّها ووضعتُه في حجرها- وذلك قبل أن يُقتلَ، فلما قُتِلَ تفاجت عليه، قال بعضهم: قاتلها الله، ما أعظم عجيزتها، فعلمتُ أن أعداءَ الله لم يريدوا إلا الدنيا". 17- ارتقى عثمان عند ربه شهيدًا, فهنيئًا له الجنة التي بشره بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهنيئًا له الإفطار مع رسول الله صلى الله عليه وسلم, وصاحبيه أبي بكر وعمر، أما قاتلوه، فالنار مأواهم وبئس المصير، وقد أرى الله فيهم خلقه شرّ عقوبة في الدنيا، إذ قال يزيد بن أبي حبيب: "إن عامة الذين ساروا إلى عثمان جُنُّوا"، وقال محمد بن سيرين: كنت أطوف بالكعبة وإذا رجل يقول اللهم اغفر لي وما أظن أن تغفر لي، فقلت: يا عبد الله ما سمعت أحدًا يقول ما تقول!, قال: كنت أعطيت لله عهدًا إن قدرت أن ألطم وجه عثمان إلا لطمته، فلما قُتل وُضِع على سريره في البيت والناس يجيئون يصلون عليه، فدخلت كأني أصلي عليه، فوجدتُ خلوة، فرفعتُ الثوب عن وجهه ولحيته ولطمته، وقد يبست يميني، قال ابن سيرين: فرأيتها يابسة كأنها عود. فنم قرير العين يا ذا النورين، {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}. [الأعراف: 128].