24.98°القدس
24.58°رام الله
23.86°الخليل
25.39°غزة
24.98° القدس
رام الله24.58°
الخليل23.86°
غزة25.39°
الخميس 10 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.77

خبر: من دروس رحلة ألمانيا

لقاءات الوفد الشعبي الذي أرسل إلى ألمانيا تحولت إلى عبء على زيارة الرئيس السيسي أساء إليها بأكثر مما أفاد أو نفع. على الأقل فذلك ما يخرج به المرء من متابعة التسجيلات التي تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي، خلال اليومين الماضيين. ذلك أنها فضحت الفرق الشاسع بين الكلام المتزن الذي صدر عن السيسي في مؤتمره الصحفي وبين التهريج والعبث الذي صدر عن أعضاء الوفد في بعض اللقاءات التي تمت خارج البرنامج الرسمي للزيارة. وهو ما دعاني إلى القول بأن بعض ما قاله هؤلاء قد يتم تسريبه يوما ما ضمن البرنامج الذي تبثه الدولة العميقة لتشويه بعض الشخصيات العامة واغتيالها معنويا. لا أعرف ما إذا كانت الجهات المعنية في السلطة قد قامت بتقييم الزيارة أم لا. وإن كنت أتمنى ذلك. علما بأنها سترتكب خطأ جسيما إذا ما اكتفت في ذلك بما تنشره وسائل الإعلام المصرية من تهليل ومدائح. وإشادة بتفوق الرئيس السيسي في التصويب على المرمى الألماني، وتحقيقه لأهداف يعجز عنها أشهر لاعبي الكرة في العالم، من ميسي إلى رونالدو. وهو تشبيه أعتذر عن إيراده وأسارع إلى إعلان البراءة منه، لكنني اضطررت لاستخدامه لأنه ورد على لسان أحد الإعلاميين المصريين وأعلن على الملأ أثناء تغطيته للزيارة. وقد اعتبرته نموذجا يجسد المستوى الهابط الذي ظهر به البعض أثناء الزفة. الخلاصة التي خرجت بها من متابعة أصداء الزيارة في وسائل الإعلام الألمانية أنها ربما كانت أفضل كثيرا وأنجح لو أنها تمت بدون الوفد الشعبي الذي لم يمثلنا، وأساء إلى صورة الرئيس السيسي ونظامه. ومن ثم تحول إلى خصم من الرصيد وليس إضافة إليه. وبالمناسبة فإن الأصداء التي نقلتها وسائل الإعلام المصرية كان بعضها مبتسرا وغير دقيق. ولم يخل البعض الآخر من تلاعب في الترجمة أريد به تجميل الصورة ونقلها على غير حقيقتها. والتفاصيل كثيرة في هذا الصدد، إلا أنني أزعم بأن ثمة ملاحظات أخرى جديرة بالتسجيل في مقدمتها ما يلي: * إن الذين رتبوا الزيارة بدا وكأنهم لا يعرفون شيئا عن المجتمع والشعب في ألمانيا. بحيث لم يفرقوا بين زيارة لبرلين وبين زيارة لبورسعيد أو أسيوط. ذلك أن المواعيد هناك لها قدسيتها والخطاب السياسي له أدواته التي ليس من بينها استخدام الزفة وتسويق النجوم. أما المؤتمرات الصحفية فهي لا تعرف التصفيق والتهليل الذي فضح الصحفيين المصريين وكشف عن تبعية أكثرهم للأجهزة الأمنية. * إن البلد هناك مفتوح، وهناك من يؤيد مصر ومن ينتقدها. من ثم فالمؤيدون ليسوا عملاء لها، وناقدو سياساتها ليسوا أعداء ولا مستأجرين من الإخوان. وفكرة الفسطاطين التي شاعت في مصر، واعتبرت كل معارض للنظام إما عميل أو إخواني (والثانية أخطر بالمناسبة) إذا استخدمت عندنا للترهيب والتخويف فإنها لا تصلح في ألمانيا. وإذا كان البعض يبتلعها على مضض في مصر، فإنهم في ألمانيا يحولونها إلى مادة للتندر ودليل على هشاشة الموقف المصري وضعفه. * إن سمعة حقوق الإنسان في مصر باتت من الصعب الدفاع عنها في العالم الخارجي. ومن المحزن أن الثقة في استقلال القضاء المصري اهتزت كثيرا بسبب الإعدامات التي طالت المئات وأحكام السجن المؤبد التي عاقبت أعدادا لا حصر لها من البشر، وإطالة أمد الحبس الاحتياطي لآجال غير معلومة، ذلك كله كان ولايزال مصدر إساءة بالغة للنظام القائم. والذين ينتقدون انتهاكات حقوق الإنسان وينددون باعتقال أكثر من ٤٠ ألف مواطن ويتابعون شهادات التعذيب التي يصدرها الحقوقيون المصريون فضلا عن المنظمات الدولية. هؤلاء جميعا يدافعون عن قيم ويستمدون شرعيتهم من التزامهم بتلك القيم. ونحن نحتفي بكلامهم إذا انتقدوا غيرنا ونبرزه ونهلل له إذا انتقدوا المخالفين لنا (تركيا وقطر مثلا) إلا أننا نسارع إلى الطعن في نزاهتهم واتهامهم بأنهم مخترقون من الإخوان إذا ما وجهوا إلينا انتقادا من أي نوع. * إن المجتمعات الديمقراطية إذا قبلت فكرة انتقاد الدكتور محمد مرسي أو توجيه أي اتهام إليه، فإنها مازالت غير مستعدة لابتلاع مسألة الحكم بإعدامه التي يهلل لها الإعلام المصري. فالرجل في نظر الطبقة السياسية يظل أول رئيس منتخب ديمقراطيا في التاريخ المصري، وهو ما أيده الرئيس السيسي مؤخرا. وإدراكه ذاك دفعه حين سئل في الموضوع إلى القول بأنه لكل حادث حديث. وفهم من كلامه أن الإعدام لن يتم في نهاية الأمر. * من بين الدروس المهمة التي ينبغي أن نستخلصها أيضا أن إصلاح البيت من الداخل هو أفضل وسيلة للدفاع عنه في الخارج، وأن الكلام الجيد الذي تحدث به الرئيس السيسي في المؤتمر الصحفي عن سياق القانون والحقوق والحريات سيؤخذ على محمل الجد حقا. وسيكون محل ترحيب من سامعيه الأجانب إذا كان معبرا عن واقع يعيشه المصريون وليس على حلم يراود البعض أو مطالب يلاحق بسببها النشطاء ويتعرضون للاتهام والقمع.