23.19°القدس
22.68°رام الله
24.42°الخليل
26.65°غزة
23.19° القدس
رام الله22.68°
الخليل24.42°
غزة26.65°
الخميس 10 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.77

خبر: «موج البحر عالي.. الوطن ما ينباع»

لم يشهد التاريخ أن الشعوب المحتلة، ما لم يكن الاستعمار قد تسرب الى قلوبها واستعبدها، استكانت لعدوها مهما امتد أمد الظلم والطغيان بل جل ما تناقله التاريخ كان قصص المداولة بين الحق والباطل ونصر القلة المؤمنة بأهدافها على الكثرة المغترة بقوتها وصناعة النصر بمراكمة الأهداف لا بالضربة القاضية، فالملاكم والمصارع لا يسقط من أول لكمة ولكن توالي الضربات المُهدفة تجندل أرضا أعتى المتكبرين. سنوات وسنوات تمضي على المأساة المفتوحة للعيان في حصار غزة والتي وجهت صفعات لكل مؤسسات الشرعية والقوانين الدولية وحقوق الانسان التي أدارت ظهرها تماما للانسان الغزي بل ساوته بجلاده في كثير من المحافل والتحقيقات بعد أن نجح العدو بشيطنة أبسط حقوق الانسان في مقاومة الاحتلال والدفاع عن أرضه وكرامته، وتحويل الشعب الغزي الى مجموعة مقاتلة لا مدنيين فيهم يستحقون معاملة وحماية شعب تحت الحرب كما تنص المعاهدات الأممية! ولكن من هذا التعتيم والتضليل الاعلامي العالمي استطاعت الحقيقة ان تخرق جدار العتمة وتفتح بارقة أمل في ايصال رسالة شعب يخضع للتصفية الجماعية في محرقة غير مسبوقة ومظلومية هي الاكبر والاوسع والاشد على مستوى العالم. كانت النصرة هذه المرة في الاسطول الجديد من الأباعد، بعد تخلي الاقارب، من الذين لا يجمعهم بالعرب دين ولا بلد ولا تاريخ مشترك ولكن انسانيتهم ومبادئهم جعلتهم يتركون رغد العيش في بلدانهم ليركبوا الى غزة سفنا يعلمون من تجارب سابقة أن نهايتها قد لا يكون بر السلامة!! يعجز ابن الدين واللغة والجغرافيا القاعد في بيته ان يفهم ابعاد المشاركين الاوروبيين وهم جل اسطول الحرية هذه المرة، بل يؤلم اصحاب القلوب الحية ان يتغلب الشعور الانساني على الشعور الديني فيكون محركا اقوى للنصرة والتضحية ثم يسلي نفسه بأن الله قد ينصر الدين من غير أصحابه دون ان يفطن ان هذا قد يكون ايضا من الاستبدال! ففي الوقت الذي لم تتحرك فيه اساطين العرب ولم يجدِ كل انفاقهم على الآلة العسكرية في ايصال حبة دواء الى طفل مريض او لقمة غذاء الى جائع، كان لا بد من تنحيتهم ليستبدلهم الله بأعيان اخرين من البشر ارتضوا طواعية وخرجوا مبادرة من انفسهم بسفن وقوارب بسيطة ليوقظوا ضمير العالم الميت! ولكن في حسابات السياسة والتوازنات الذكية ربما يكون هذا الاختيار هو الاصح، فهو يعكس قراءة جديدة لاعادة تموضع القضية الفلسطينية في الغرب وتغير الولاءات بعد عقود من الاستلاب التام للرواية الصهيونية وذلك بجهود مباركة ومتتابعة من الجاليات العربية والاسلامية في الغرب نجحت في كسر القبضة الحديدية التي أبقت الوعي الغربي جاهلا بغير ما يقدمه الاعلام المخترق من اللوبي الصهيوني. هؤلاء الاعيان الاوروبيون ستحسب لهم دولة الكيان الصهيوني الف حساب على عكس العرب والمسلمين الذين ليس لهم إل ولا ذمة عند دولهم وعند عدوهم على حد سواء وتستسهل تصفيتهم دون دية ولا مطالبة بحقوقهم! مع الغربيين سيكون الامر مختلفا؛ لأن اسرائيل ستكون من الحماقة بمكان ان تشعل المجتمع الدولي عليها باستهداف مواطني الدول الاوروبية وتسود صورة سعت جاهدة لإبرازها بثوب الديمقراطية وواحتها الوحيدة في الشرق الاوسط! متفائلون بهذا الاسطول انه سيكون اوفر حظا من سابقيه وسيترك بصمة في صخرة مهما كانت صلبة ستخرقها بالحت والتعرية توالي قطرات الماء عليها حتى تفتفتها، هذه سنة الكون والحياة وكيان مصطنع لن يشذ عن القواعد. لقد ارتبط البحر بالذاكرة الفلسطينية بكثير من مآسي التشريد وحمل لهم الموت فوصلوا الشواطئ جثثا او بلعهم البحر وما زالت قلوبهم تبحث عن مأوى جديد وخيمة أخرى، فهل يكون بحر غزة أحنّ عليهم وعلى ضيوفه هذه المرة وهل سيفتح هذا الاسطول صفحة جديدة في عودة قطاع وشعب اغترب طويلا عن محيط الانسانية جمعاء؟! نترقب ونرجو أن يخرق الله لهذا الاسطول مسار نجاة وبلوغ، فعلى الضفة المقابلة في الانتظار قلوب انهكها ظلم ذوي القربى ولا مبالاة العالم لمجرد أنهم متمسكون بأن تراب أرضهم غير قابل للبيع! يا بحر غزة، بأمر ربك، خفف الموج فقد آن لسفن أرهقها التيه ان تجد مرفأ.