تمر على الفلسطينيين اليوم السابع من شهر يوليو الذكرى السنوية الأولى للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي خلف أكثر من 2000 شهيد وأكثر من 11 ألف جريحا.
حيث بدأ الاحتلال الإسرائيلي في مثل هذا اليوم بجمع قواته على الحدود مع قطاع غزة، في نية واضحة لشن عدوان على الفلسطينيين، متحججا بأنه يريد كبح جماح المقاومة الفلسطينية.
ومع بدء قصف آلة الحرب الإسرائيلية فجر يوم (8/7) للمناطق المأهولة في القطاع، أثبتت المقاومة جهوزيتها التامة كما أعلنت سابقا لمواجهة الاحتلال، وبدأت بإطلاق الصواريخ متوسطة وبعيدة المدى على الداخل المحتل.
واستمر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة 51 يوما، استخدمت فيها "إسرائيل" كافة أنواع الأسلحة الثقيلة، ما أدى إلى تدمير ما يزيد عن 2000 منزل بشكل كلي، وأكثر من 10 ألاف منزل بشكل جزئي.
وارتكب الاحتلال الإسرائيلي عدد من المجازر خلال عدوانه على القطاع عام 2014، حيث مسح أحياء كاملة ونسفها على رؤوس ساكنيها منها في بيت حانون شمال القطاع، والشجاعية شرق مدينة غزة، والزنة وخزاعة شرق مدينة خانيونس.
إعمار متأخر
ووفق الإحصائيات الرسمية التي صدرت بعد انتهاء العدوان فإن خسائر القطاع بلغت 5 مليار دولار، وذلك على مستوى الخدمات العامة والمنشآت والمرافق الصناعية والتجارية.
وتم عقد مؤتمر للمانحين في العاصمة المصرية القاهرة، جرى خلاله التبرع بمبلغ مالي كبير وصل إلى 5.4 مليار دولار من أجل إعمار القطاع، وتم دفع مبالغ مالية لعديد الأسر التي تضررت منازلها جزئيا، غير أن عملية الإعمار الكلي للمنازل المدمرة بشكل كامل لم تبدأ.
ولاقى قرار التأخير الدولي في إعمار غزة في ظل حصار إسرائيلي مشدد على حركة دخول مواد البناء، تذمرا كبيرا من السكان، وخرجوا في تظاهرات غضبة ضد الأمم المتحدة التي وضعت خطة الأعمار، التي لا تلاقي استحسانا من الفصائل الفلسطينية أيضا. لكن الذكرى الأولى لهذه الحرب تأتي في ظل أحاديث ووعود من العديد من المسؤولين الدوليين والمحليين عن قرب بدء عملية الإعمار الكلي لغزة.
ونقل عن روبرت تيرنر، مدير عمليات «الأونروا» الذي يستعد لمغادرة منصبه خلال أيام، القول إن إعادة إعمار القطاع ستشهد تغيرا كبيرا خلال الأسابيع المقبلة، وذلك بعد أن جرى حل الإشكاليات التقنية.
ورغم ما مر به القطاع، إلا أن المقاومة الفلسطينية تصدت بكل ما أوتيت من قوة لذلك العدوان، وقامت بعدد من العمليات النوعية مستغلة الأنفاق التي أعدتها استعدادا لأي عدوان إسرائيلي على الفلسطينيين في قطاع غزة.
فقد قامت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة "حماس" والتي أطلقت على عملياتها في الحرب "العصف المأكول"، بعدة عمليات في الداخل المحتل عبر الأنفاق، منها عملية "صوفا" شرق رفح، وعملية "موقع أبو مطيبيق" شرق المحافظة الوسطى، ولعل الأبرز قيام كوماندوز القسام البحري لاقتحام قاعدة "زيكيم" العسكرية، والتي أظهر الفيديو فيها قتحام عناصر القسام للقاعدة واشتباكهم مع الاحتلال.
كما استخدمت المقاومة صورايخ جديدة في مجابهتها للاحتلال، فكان صاروخ (R160) و (J80) والذي نسبته الكتائب للقائدين عبد العزيز الرنتيسي والقائد أحمد الجعبري، كما قصفت مدن القدس وحيفا ويافا وديمونا وإيلات المحتلة، لتفاجئ الاحتلال بقدرتها الصاروخية التي تطورت عن الأعوام الماضية.
وصدم الاحتلال الإسرائيلي بقيام "القسام" بإطلاق طائرة بدون طيار وتمكنها من تصوير مناطق في الداخل المحتل دون أن يشعر الاحتلال، وصناعته لطائرات بدون طيار استشهادية، كما تفاجأ الاحتلال من تحذيره للاحتلال من قصف من في توقيت محدد، واستطاعته من منع مطارات الاحتلال من العمل، بسبب قصفه الصاروخي.
خسائر اقتصادية فادحة
ونتيجة إلى الشلل الكامل في كافة مناحي الحياة على مدار 51 يوم و توقف الإنتاجية في كافة الأنشطة الاقتصادية و إغلاق المنشآت الاقتصادية في القطاعات المختلفة (القطاع التجاري، القطاع الصناعي، القطاع السياحي، القطاع الزراعي، القطاع الخدماتي، القطاع المصرفى).
فقد قدرت الخسائر الأولية اليومية بنحو 7.6 مليون دولار تقريبا وبناءً على قيمة الإنتاج اليومي من إجمالي الناتج المحلى الإجمالي لكل الأنشطة الاقتصادية المختلفة أي بإجمالي يقدر بنحو 387 مليون دولار خلال تلك الفترة الحرب.
ويضاف إلى ذلك خسائر فادحة تتجاوز 1120 مليون دولار سوف يتكبدها الاقتصاد حتى استرداد النشاط الاقتصادي الفلسطيني في قطاع غزة عافيته وهي نتيجة انخفاض الناتج المحلى الإجمالي خلال الفترة القادمة بنسبة متوسطه تقدر بنحو 40%، والتي تقدر فترتها بعام كامل على الأقل في حال بدأت عملية الإعمار فورا وهي ناتجة عن توقف الإنتاج لحين إعادة بناء ما تم تدميره والتشغيل مرة أخرى وخسارة الناتج المحلى للقطاعات المدمرة و فقدان الدخل و الاستثمار وخسائر الفرص الضائعة خلال تلك الفترة، و فقدان الآلاف من فرص العمل في المنشات التي تدمرت، وإيجار مباني جديدة حتى إعادة الاعمار و البناء، وأجور تدفع للعمال أثناء فترة توقف العمل، وفقدان استيعاب وظائف جديدة مما سوف يزيد من معاناة الخريجين الجدد في البحث عن عمل و يساهم في ارتفاع معدلات البطالة إلى نسب كارثية.
هذا بالإضافة إلى المجازر التي ارتكبتها "إسرائيل" بحق الاقتصاد الفلسطيني والتي أدت إلى خسائر مباشرة نتيجة للتدمير الكلى و الجزئي و الحرائق لما يزيد عن 500 منشاة اقتصادية من المنشات الكبيرة و الإستراتيجية هذا بالإضافة إلى العديد من المنشآت المتوسطة و الصغيرة و التي تمثل مجمل اقتصاد قطاع غزة في كافة القطاعات ( التجارية و الصناعية و الزراعية و الخدماتية ) والتى يتجاوز عددها ما يزيد عن 2800 منشأه اقتصادية و تقدر خسائرها الأولية المباشر بما يزيد عن 540 مليون دولار وهي ثلاث أضعاف خسائر الحرب الأولى التي شنت على قطاع غزة في عام 2008-2009.
ويأتي هذا التدمير و الاستهداف لتدمير الاقتصاد في قطاع غزة و وتعميق الأزمة الاقتصادية، كما أن استهداف وتدمير المنشآت الاقتصادية سوف يتسبب بخسائر مالية فادحة لأصحاب تلك المنشات هذا بالإضافة إلى فقدانهم لدخلهم المالي من تلك المنشات.