تزوجت منذ عامين وطُلقت منذ عام (..) حلمت بفارس أحلام حنون رقيق المشاعر مرهف الحس يضمني إلى صدره فينسيني الدنيا بما فيها.. وفي يوم كاد حلمي يتحقق عندما تقدم لخطبتي شاب وسيم غني وقالوا لي إنه "مؤدب" فقبلت وتمت الخطوبة وبدأت أسبح في عالم الخيال وأغوص في بحر الأحلام. بعد ثلاثة أشهر تم الزواج واكتشفت الكارثة ولكن بعد أن "وقعت الفأس بالرأس" وتحطمت أحلامي وتبخر بحر خيالي لقد كان فقير الأخلاق والمشاعر يسبني ويضربني على أتفه الأسباب فلم أحتمل معه العيش وبعد عام تم الطلاق. هذا نموذج لمطلقة لم تبلغ العشرين ويوجد نماذج أخري كثيرة لمطلقات ذاقوا مر العيش وانتهت حياتهم الزوجية بثلاث كلمات: طالق طالق طالق.. فلماذا هذه النتيجة؟ وكيف يمكن أن نمنع حدوثها ؟ [title]غش وحب وطلاق[/title] الشابة سميرة أسعد (19 عاما) لم تختلف حكايتها كثيرا عن سابقتها وتروي لـ"فلسطين الآن" ما حدث معها بكلمات أشبعت بالآلم:" عندما كنت في السابعة عشر من عمري تقدم لخطبتي شاب يحمل شهادة الهندسة من إحدى الجامعات الأوربية فرحت كثيرا به ورسمت لوحة لمستقبلي ولونتها بألوان الورد فقط". "عشت فترة خطوبة رومانسية رائعة وانصهرت روحي بروحه حتى عشقته إلى أن حان موعد الزواج وبعد أن دخلت كما يقولون قفص الزوجية وعشت شهر عسل ولا أحلى بعدها بدأت تتكشف حقائق زوجي واحدة بعد الأخرى وكانت أول صدمة تلقيتها أنه اشترى شهادته بالمال ولم يدرس في أي جامعة". وتضيف وقد اغرورقت عيناها بالدموع والدم "بعد أن انكسر والده التجار إثر تعرضه لعملية نصب كانت المصيبة الثانية فزوجي لم يكن يمتلك شركة هندسية كما كان يحدثني وقد كان يعتمد على والده في مصروفه وبعد أن اختل التل ونفذت الخزينة لم يعد زوجي يمتلك فلسا واحدا وبدأ يبيع ذهبي قطعة بعد الأخرى حتى باع دبلة الزواج". "بدأ يتهرب مني ومن طلباتي الضرورية وفي كثير من الأحيان كان يصرخ في وجهي ويضربني ... أصبحت أعتمد على أهلي في شراء مستلزماتي الخاصة وصبرت على هذه المحنة واحتسبت عند الله عز وجل إلى أن جاء اليوم الذي لم أتوقعه مطلقا...". "يومها عاد زوجي إلى المنزل في وقت متأخر وبدأ يصرخ باسمي: سميرة.. سميرة أجبته مسرعة .. نعم ماذا تريد ؟.. وين العشاء... ما عنا شي ليش أنت بتجيب أكل علشان أعملك عشاء.. وهنا صرخ بأعلى صوته بأقبح الشتائم النابية ورمى عليها يمن الطلاق: أنت طالق .. طالق.. طالق". باتت بعد هذه الكلمات سميرة تحمل لقب "مطلقة" وهي لم تبلغ العشرين وانتهى كل شيء بلحظة كما بدأ بلحظة ولكن شتان بين البداية والنهاية. [title]المال ليس الباءة[/title] حال سميرة ربما بات ظاهرة في المجتمعات العربية والمجتمع الفلسطيني فكثير من الشباب يقبلون على الزواج دون أن يدركوا حقيقة مسئوليته ويرسمون صورة ذهنية لا تمت للواقع بأي صلة. أستاذ علم الاجتماع في جامعة الأقصى في غزة الدكتور درداح الشاعر يؤكد أن الكثير من الشباب يتزوجون دون أن يتحملوا أي درجة من المسئولية أو التضحية أو القدرة النفسية والبدنية والمعرفية فتكون النتيجة في النهاية الطلاق. ويقول د.الشاعر: "رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أوصى الشباب بقوله (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن من ليستطع فعليه بالصيام فإنه له وجاء) والباءة لا تقتصر على المال فقط وإنما على القدرة على تحمل المسئولية والقدرة والمعرفة التي تستقر بها حياة الأسر". "معظم الأزواج يتزوجون بسن مبكرة ولا يشعرون بالمسئولية حول فكرة الزواج والتضحية أو حول بناء أسرة مستقرة فهو ينظر إلى الزواج نظرة جسدية مادية وبالتالي يسهل عليه الطلاق لأنه لا يعرف قيمة المرأة ولا دور المرأة في بناء المجتمع". ويتابع د.الشاعر:"إن من يتحمل مسئولية الطلاق في هذه الحالة هم الوالدين اللذين يقدمان على تزويج الشباب في سن مبكرة، وأيضا الثقافة الفلسطينية تتحمل جزء من المسئولية لأنها تتبنى فكرة الزواج المبكر حتى دون أن يملك الشاب أي عمل أو يكون على جاهزية نفسية ومعرفية وقدرة". "في بعض الأحيان ممكن يكون الشاب ضحية لأن أسرته لم تعده من الناحية النفسية والتربوية ليصبح زوجا في المستقبل فيعتمد على والديه في كل شيء لذلك لا يستطيع أن يعمل على تماسك أسرته فبالتالي يندفع إلى الطلاق". ويشير إلى أن ظاهرة الطلاق ظاهرة مريرة لها انعكاسات خطيرة عل نفسية الزوج كما أنها لها انعكاس على شخصية المرأة التي تدفع ثمنا باهظا لعملية الطلاق فلا يستقر حالها وتتحول إلى شكل من أشكال الحطام. [title]علاج[/title] ويوضح أن علاج المشكلة بسيط يكمن بالرجوع إلى شرعنا الحنيف في قضية الزواج وقد حدد رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم المعاير الأساسية للأزواج ومنها القدرة والدين والأخلاق، مبينا أن الشاب يجب أن يمتلك القدرة النفسية والجنسية والتربوية والأخلاقية ويؤمن بقيمة المرأة في الإسلام ودورها ودوره كرجل فإذا ما توفرت هذه الظروف يكون الزوج ناضج ويصلح للزواج. ويؤكد أستاذ علم النفس الاجتماعي أن من أهم المعاير أن يدرك الرجل قيمة المرأة ويعتبرها أمرا حيويا بالنسبة له لا يستطيع أن يعيش بدونها أو يفارقها ويتعامل معها بذلك لا أن يعتبرها أمرا ترفيهيا. [title]في المحاكم[/title] من ناحيته، يؤكد رئيس المحكمة الشرعية في قطاع غزة الدكتور حسن الجوجو أن كثير من الشباب يطلقون زوجاتهم بسبب عدم قدرتهم على تحمل المسئولية التي لا تقتصر على القدرة المالية وإنما تتسع لتشمل الكثير من الأمور المهمة لإقامة أسرة صالحة ومنها تربية الأبناء ومتابعتهم ومتابعة متطلبات الزوجة. ويوضح د.الجوجو أن الشباب الذي ولد "وفي فمه ملعقة من ذهب"ولم يوطن نفسه على تحمل المسئولية وينشئ في بيئة موفر له فيها كل شيء عندما يتزوج ويكتشف أن الزواج لا يقتصر على إشباع الرغبة الجنسية فلن يصمد كثيرا وسيلجئ إلا الطلاق للهروب من واقعه "فمن يتزوج ببلاش يطلق ببلاش".
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.