تقول الرواية أن الخليفة المتوكل ذات يوم رمى عصفوراً فلم يصبه، فنظر إليه الوزير قائلاً: أحسنت، استغرب الخليفة منه قائلاً: أتهزأ بي؟! فرد الوزير: لقد أحسنت إلى العصفور يا مولاي.... وتقول الرواية نفسها أن هذا الوزير هو أحد أوائل السَّحيجة وماسحي الجيوخ في التاريخ الإسلامي.
لقد امتلأ زماننا بأمثال الوزير، وتحوَّل التَّدهين إلى حالة وطنية تاريخية وتأريخية بإمتياز، وانتقل الدَّهَّانون من استخدام الفراشي إلى استخدام الرُّولَّات لطلاء الوجوه الكالحة من أصحاب المقامات والمسئوليات، لا يستطيع أحد منهم أن يقول لمسئوله أخطأت بل لا يحق له ذلك؟.
وكثيرون من أصحاب "تطيرُ وهي ميِّتة" بدأوا ينشرون فكرهم بين العباد "حُطْ حالك بين هالرؤوس، وقول يا قطاع الرؤوس"، "إذا بدَّك من الكَلبْ حاجة قول له يا سيدي"، "بدَّك تعيش مبسوط كول طوووط واسكت" وهكذا حتى غدت أخطاء المسئولين أشعارا، ولا حد عارف يقول لهم شيء، وكله في السليم...
وبفعل السَّحيجة تحولت بعض الشخصيات لمقدسات لا يمكن الاقتراب منها، وأي منتقد سيوضع فوراً في خانة الأعداء، وكان الله بالسر عليم.... تحركوا وقولوا ما ترونه صحيحاً فالخير كثير، والطيبون كثر.