10.57°القدس
10.33°رام الله
9.42°الخليل
14.89°غزة
10.57° القدس
رام الله10.33°
الخليل9.42°
غزة14.89°
الثلاثاء 24 ديسمبر 2024
4.59جنيه إسترليني
5.17دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.66دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.59
دينار أردني5.17
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.66

خبر: جدلية إيران وحروبها ومواقفها

منذ سنوات طويلة لم يكن المشهد الدولي والإقليمي مركبا ومعقدا إلى هذا الحد الذي نتابعه هذه الأيام. دوليا تتراجع القوة الأمريكية وتخسر تفردها بالمشهد الدولي بعد خسارتها في العراق وأفغانستان والاستنزاف الاقتصادي الذي أصابها جراء ذلك، ومعه معركتها العبثية ضد ما سمتّه الإرهاب. دوليا أيضا تتخبط أوروبا في أزمة اليورو، فيما تتقدم القوة الصينية والروسية. إقليميا تقدمت تركيا كثيرا خلال الألفية الجديدة، فيما تصاعد النفوذ الإيراني بشكل كبير أيضا، لكن مصير هذا التحول لا يزال غامضا في ظل الربيع العربي وتداعياته التي لم تكتمل بعد. عربيا يرتبك المشهد أيضا، إذ يصعب الحديث عن مصير الحضور المصري في ظل الانشغال بترتيب مرحلة ما بعد مبارك، الأمر الذي ينسحب على عموم الوضع العربي الذي يتقدم فيه الدور السعودي والخليجي، وإن كان التركيز منصبا على وضع السدود أمام رياح الربيع العربي، مع اهتمام يشوبه الارتباك بمواجهة النفوذ الإيراني، الأمر الذي يتبدى واضحا في الموقف من الثورة السورية الذي يراوح بين البعدين (تداعيات نجاح الثورة على استمرار الحراك الشعبي عربيا، مقابل وقف التمدد الإيراني الذي سيتعرض لضربة كبيرة في حال سقوط نظام الأسد). في المقابل تركز الدولة العبرية على مطاردة المشروع النووي الإيراني، فيما تضطر واشنطن تحت وطأة اللوبي الصهيوني إلى جعل ذلك أولوية أمريكية أيضا، من دون أن تخفي واشنطن مخاوفها من تداعيات الحرب السرية التي تخوضها تل أبيب ضد طهران، والتي تصاعدت في الآونة الأخيرة من خلال الحرب الإلكترونية ومسلسل اغتيال العلماء. ولم يعد سرا أن واشنطن قد أبدت قلقها من تصاعد المسلسل المذكور وما يمكن أن يترتب عليه من ردود إيرانية. من جانب آخر جاء الخبر الذي سربته “نيويورك تايمز” نقلا عن موظف كبير في مجلس الأمن القومي الأمريكي، وخلاصته أن العقوبات الغربية على إيران تتجاوز في أهدافها لجم المشروع النووي إلى إسقاط النظام، الأمر الذي يصعب الجزم بصحته لجهة الفوائد التي تجنيها أمريكا من وجود القوة الإيرانية بطبعتها المخيفة لدول الخليج والتي تنتج صفقات تسلح فلكية تدعم الاقتصاد الأمريكي، فيما تنتج علاقات سياسية أقرب إلى التبعية منها إلى العلاقات المتوازنة. من زاوية الوضع الإيراني الداخلي يبدو المشهد بالغ التعقيد، إذ أخذت العقوبات الاقتصادية الغربية تضغط بقوة على الاقتصاد الإيراني المتعب، وسيزداد الوضع صعوبة بعد فرض الحظر النفطي والعقوبات على البنك المركزي الإيراني، بينما يشير البعض إلى عدم انسجام بين القيادة العليا في إيران (الرئيس والمرشد)، مع تصاعد آمال المعارضة في إضعاف المحافظين تمهيدا لإقصائهم بهذه الطريقة أو تلك، مع طموح بتكرار سيناريو الربيع العربي. مع التذكير بأن نظاما “إصلاحيا” في إيران قد يعني تقاربا مع الغرب والكيان الصهيوني وخطرا أكبر على الوضع العربي. أما التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز ردا على العقوبات الغربية، فهناك من يأخذها على محمل الجد، بينما لا يراها آخرون كذلك، لاسيما أن تحديا من هذا النوع يتطلب وضعا داخليا متماسكا وقناعة واسعة النطاق بخوض المعركة، من دون أن يُستبعد احتمال استغلال الكيان الصهيوني لهذا الوضع من أجل توجيه ضربة للمنشآت النووية الإيرانية بصرف النظر عن الموقف الأمريكي والغربي. وفيما يرى البعض أن هناك تحالفا أمريكيا إيرانيا، فإن الوضع لا يبدو بهذا التبسيط، ذلك أن الفوائد التي تجنيها واشنطن من القوة الإيرانية في العلاقة مع دول الخليج كما أشير من قبل، لا تغير في حقيقة أن الأجندة الإسرائيلية المتمثلة في مطاردة المشروع النووي ستبقى حاضرة بقوة مع حرص على ألا يتصاعد النفوذ الإيراني أكثر من المستوى المحتمل. من زاوية النظر الشعبية العربية (السنّية على وجه التحديد)، فإن الموقف من إيران لم يكن بهذا المستوى من السلبية في أي يوم من الأيام، الأمر الذي يبدو ذا صلة بما جرى ويجري في العراق (يحضر لبنان بقدر ما أيضا)، والأهم بسبب الموقف من الثورة السورية وعموم التصاعد في الحرب الباردة (المذهبية بالطبع) بحسب تعبير وزير الخارجية التركي. وفيما يُستبعد أن تغير طهران موقفها من تلك الملفات، فإن وضع المنطقة سيزداد تعقيدا في انتظار انجلاء مشهد الربيع العربي ومن ضمنه الثورة السورية، فضلا عن نتائج المعركة الأمريكية الإسرائيلية مع إيران، والأمل الكبير الذي يحدونا هو أن يتماسك الوضع العربي بقيادة مصر ليشكل الضلع الثالث في مثلث العلاقات الإقليمية (العربية التركية الإيرانية) التي يمكن أن تأخذ في الاعتبار مصالح الجميع بعيدا عن سطوة القوة الأمريكية والغربية، وبعيدا عن النزاع المذهبي الذي لن يربح منه سوى أعداء هذه الأمة. يبقى الملف الفلسطيني بوصفه الحاضر الغائب في المشهد، والأمل بالطبع أن تصبَّ التحولات المشار إليها في خدمته، ولو على المدى المتوسط، الأمر الذي يتطلب مقاربة سياسية جديدة تتجاوز لعبة المفاوضات نحو مقاومة تنهك الكيان الصهيوني وتنهي معادلة الاسترخاء التي تمتع بها خلال السنوات الأخيرة.