مع دخول العام الدراسي على المواطنين الفلسطينيين، تبدأ كل عائلة بتجهيز أولادها بما يلزمهم من أمور خاصة بالمدرسة من "زي ودفاتر وأقلام وحقائب" وغيرها، وتعج الأسواق بذوي الطلاب الملتحقين بمقاعد الدراسة على اختلاف مراحلهم وأعمارهم.
لكن هذا العام، يمر العام الدراسي، وغزة ما زالت تغرق في وضع اقتصادي مزري بسبب الأزمات التي تتعرض لها، فالمتغير الوحيد على الوضع الاقتصادي هو تحوله لـ"الأسوء".
وتتمثل صعوبة الوضع الاقتصادي في غزة، في حرمان ما يزيد عن 50 ألف أسرة من موظفي الحكومة الفلسطينية في قطاع غزة من رواتبهم، والاكتفاء بسلف تصرف لهم كل 50 يوم تشمل ثلث الراتب.
حرمان موظفي غزة من رواتبهم زاد من معاناة المواطنين بشكل عام، فمن كان لديه قدرة إعالة عدد من الأسر في السابق أصبح اليوم بحاجة إلى من يعيله ويوفر له أبسط مقومات حياته.
تفكير يزيد الهموم
سلطت وكالة "فلسطين الآن" على الحالة الصعبة التي يعيشها سكان القطاع مع دخول العام الدراسي، فأكدت المواطنة "أم شادي" ( ن..ز) على أنها غير قادرة على توفير متطلبات أبنائها للعام الدراسي الجديد، مشيرة إلى أن لديها ثلاثة من أبنائها في المرحلة الإعدادية، واثنين في المرحلة الجامعية، الأمر الذي يفاقم من معاناتها ويزيد من هموم أسرتها.
وأوضحت "أم شادي" أن تكاليف الحياة الشهرية تزيد من معاناة عائلتها، حيث تعيش هي وأسرتها المكونة من 8 أشخاص في شقة للإيجار منذ عدة سنوات، ولا تملك توفير أدنى مقومات الحياة الكريمة لهم.
ونوهت إلى أنها تقوم باستلاف ملابس المدرسة والحقائب القديمة من أهل الخير لتوفيرها لأبنائها كي يتمكنوا من الإلتحاف بمقاعد الدراسة أسوة بباقي زملائهم.
في حين شددت ابنتها البكر، في حديثها لوكالة "فلسطين الآن" على أنها لا تزال تدرس في الجامعة في درجة البكالوريوس منذ 6 أعوام ومتبقي لها ما يزيد عن العامين لإنهاء دراستها الجامعية بسبب عدم قدرتها على دفع الرسوم الفصلية للالتحاق بجامعتها.
وأشارت الطالبة الجامعية إلى أنها لا تملك في كثير من الأحيان مصاريف المواصلات اليومية للجامعة، مؤكدة على أن جميع زميلاتها تخرجوا قبل عامين وهي لا يزال متبقي لديها قرابة 45 ساعة.
وتمنت "أم شادي" من أهل الخير العمل على إيجاد حلول للأسر المستورة، داعية المجتمع الدولي إلى الوقوف عند مسئولياته ورفع الحصار بشكل كامل عن قطاع غزة.
لم يسجل ابنته في الصف الأول
أما المواطن "أبو عمر"، فكانت حالته أسوأ من سابقتها، حيث قال لوكالة "فلسطين الآن": " أنا خريج جامعي، وحتى اللحظة لم أحصل على وظيفة، وأعمل على سيارة لا أملكها، يعني دخلي اليومي لا يتجاوز 30 شيكل، بالله عليكم، شو بدهم يكفو؟، مصاريف مدارس أو أكل وشرب أو مرض او شو بالضبط؟".
ويضيف أبو عمر: " بنتي هذه السنة المفروض إنها تكون في الصف الأول ومطلوب مني أسجلها في المدرسة وأدفعلها رسوم وأجهزها، ولكني أجلتها لأنو ما معي فلوس".
وختم المواطن الغزي، وهو يكابد لإخفاء دمعة الحسرة على حاله، بالقول: " لا شغل يكفيلنا حاجتنا، ولا قاد أوفر لأولادي أبسط الأمور، وبنتي البكر لا أستطيع أن أسجلها بالمدرسة مثل باقي البنات من سنها، وما بعرف شو بدي أرد عليها لو في يوم سألتني"، مطالبا المسئولين أن ينظروا بعين الرحمة للشباب وأحوالهم المعيشية.
إقبال ضعيف على الأسواق
من المتعارف في غزة أن بداية أيام العام الدراسي، تكون الأسواق ممتلئة كأنها يوم عيد، غير أنه في هذا العام وبفعل اشتداد الحصار تكاد الأسواق تخلو إلى من "البسطات" وأصحاب المحلات التجارية.
البائع أحمد البيومي أشار إلى أن حركة البيع قليلة نسبيا مقارنة بسابقاتها من الأعوام المنصرمة، حيث أرجع البيومي السبب إلى التأخر في صرف رواتب الموظفين، وارتفاع حالة الفقر لتطال عدد كبير من العائلات التي كانت تعيل غيرها.
وطالب البائع البيومي جميع المعنيين تجنيب الشعب الفلسطيني ويلات الفقر وقلة الحال التي تعيشها عائلات قطاع غزة، متمنيا أن يسير العام الدراسي الحالي على أحسن وجه، وأن يبدأ الفصل الدراسي بالموعد المخطط له.
من جهته أشار رب الأسرة إبراهيم طلال إلى أن تكاليف العام الدراسي تكلف رب الأسرة ما يزيد عن 150 شيقل للطالب الواحد، وهو مكلف بشكل كبير للعائلات التي لديها أكثر من طالب.
وعلل طلال سبب عزوف الأهالي عن الشراء لأبنائهم إلى الإحتياجات الأساسية للعام الدراسي ما أشيع حول تأجيل العام الدراسي، إضافة إلى الإكتفاء بملابس وشنط العام المنصرم وتجديدها لتسد احتياجات العام الجديد.