بديع جداً العقل السياسي الفلسطيني في رام الله، والذي "يتحفنا" بالأسماء والمصطلحات السياسية ويقوم بتعبئتها بالمضامين السياسية "المفرغة" مسبقاً من أي معنى يمكن أن يمس بالمصالح السياسية والأمنية للكيان الإسرائيلي أو الغرب والولايات المتحدة، المهم أن يحافظ على وجود هياكل سدنة وهم السطلة في رام الله ومفاوضوها المفوضون بإنجاز أي اجتماع احتفالي مع العدو دون أدنى محاسبة عليها أو على نتائجها. صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، سربت أنه من المتوقع أن يوافق رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، على القيام بسلسلة مبادرات حسن نية في الضفة الغربية المحتلة، تهدف إلى الحفاظ على استمرار المحادثات المباشرة التي بدأت قبل شهر بين "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية برعاية الأردن. نتنياهو الذي تعرض خلال الأيام القليلة الفائتة إلى ضغوط كبيرة للموافقة على القيام بمبادرات كهذه، وذلك في أثناء اللقاءات التي عقدها مع كل من الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، ومبعوث الرباعية الدولية إلى الشرق الأوسط، توني بلير، ووزير الخارجية الألمانية غيدو فيسترفيله، وكذلك في أثناء محادثة هاتفية جرت بينه وبين وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، لم يجد بداً على ما يبدو من تقديم "تنازلات مؤلمة" كما جرت العادة على توصيف أي إجراء سياسي إسرائيلي، بعد أن لم يتوان رئيس الكيان الإسرائيلي، سمعون بيريس من انتقاده علناً في مؤتمر هرتسليا الأخير، وقد طالب جميع هؤلاء نتنياهو بإعلان مبادرات حسن نية قبل الاجتماع الذي من المقرر أن تعقده الجامعة العربية لمناقشة موضوع المحادثات بين "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية. على ما يبدو، فإن المقصود هو مبادرات حسن نية مثل توسيع السيادة الأمنية الفلسطينية في مناطق أ وب وج، وتشجيع مشروعات بناء جديدة للفلسطينيين في مناطق ب وج. كما أن رئيس الحكومة الإسرائيلية تباحث خلال لقائه بالأمين العام للأمم المتحدة في شأن إمكان تخفيف الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، والسماح بدخول مواد بناء إليه، بحسب ما نقلت صحيفة معاريف. فصائل منظمة التحرير "المصدومة" حتى الآن بمواقف السلطة المتضاربة والمتناقضة، حذرت الأخيرة من عواقب عودتها إلى طاولة مفاوضات جديدة وعبثية، إذ أعلن عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، مروان عبد العال، أن عودة السلطة إلى المفاوضات تمثل كسرًا لموقفها الذي أعلنته من قبل برفضها العودة الى المفاوضات، ما لم تلتزم (إسرائيل) بوقف الاستيطان، في وقت فشلت الولايات المتحدة بإلزام الاحتلال بذلك. وقال "إن لقاءات عمان ليست استكشافية بل هي عودة الى المفاوضات وتحريك لعملية التسوية. وحذر من أنها تضر بالمصالحة ومسيرتها، وتمثل خطيئة كبيرة وتوجه رسالة خاطئة للاحتلال". فهل بات مصير شعب كان قدره الثورات والانتفاضات وزاده المقاومة والوقوف في وجه الطغيان والظلم معلقاً بتوسلات دول ومنظمات وهيئات دولية كي يقدم المغتصب بعرض الرشى لمفاوضه الفلسطيني، علها تكون مبرراً أمام شعبه لاستئناف المفاوضات؟ حقاً.. لم تعد مشكلة الشعب الفلسطيني في التدخل الخارجي.. بقدر ما أضحت مشكلته في زعامته ونخبه السياسية!.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.