أكد رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، أن الجانب الفلسطيني لن يبقى وحده ملتزماً بتنفيذ الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال الإسرائيلي، ما لم يلتزم الاحتلال به وهو يتحمل المسئولية الكاملة إثر ذلك.
وقال عباس في خطابه أمام الجمعية للأمم المتحدة في نيويوك، مساء الأربعاء،: "إنه إذا ما دامت إسرائيل على عدم الالتزام بالاتفاقيات الموقعة، وتحولنا إلى سلطة شكلية دون سلطة حقيقية، ولم تفرج عن الأسرى المتفق عليهم؛ فإننا لن نبقى وحيدين ملتزمين في تنفيذ الاتفاقات، ولا يمكننا في الاستمرار بالالتزام بهذه الاتفاقات الموقع عليها في ظل تهرب إسرائيل منها وعدم تنفيذها، وعلى إسرائيل تحمل المسئوليات والتبعات".
وأضاف: "حاولنا إلزام إسرائيل بالاتفاقات المتوقعة من أجل حل الدولتين باتصالات مباشرة مع إسرائيلي والاتحاد الأوروبي وروسيا والإدارة الأمريكية، لكنها معنية بتكريس تقويض حل الدولتين، والعمل بنظام "الأبرتهايد" تجاه الفلسطينيين، ونظام آخر بامتيازات واسعة للمستوطنين على أرضنا".
وأكد عباس أن الوضع الحالي غير قابل للاستمرار وستبدأ السلطة بالطرق والوسائل السلمية والقانونية، قائلاً:" إما أن نكون سلطة ناقلة للشعب من الاحتلال للاستقلال، وإما أن تتحمل إسرائيل مسئولياتها كاملة".
وأشار إلى أنه وفقاً لمبادئ القانون الدولي، فإن دولة فلسطين ستواصل مساعيها للانضمام للمنظمات المواثيق الدولية كافة لأنه من حقنا، ووضعنا موائم مع القانون الدولي.
وتابع: "دولة فلسطين الآن طرف متعاقد سامي باتفاقات جنيف عام 1949 واتفاق روما وعضو في المحكمة الجنائية الدولية ومن يخشي المحاكم عليه أن يكف عن ارتكاب الجرائم، والاعتداء علينا يجبرنا وسنذهب إلى المحكمة الدولية".
ووجه عباس كلمة للإسرائيليين قال فيها: "إنني لا زلت أمد يدي للسلام العادل الذي يحفظ حرية شعبنا وحقوقه، ولأبناء الشعب الإسرائيلي، والسلام مصلحة لكم ولنا ولأجيالنا القادمة جميعا، والانغلاق على الذات مدمر، وكلي أمل أن تعيدوا قراءة الواقع واستشراق المستقبل، وأن تقبلوا للشعب الفلسطيني ما تقبلوه لأنفسكم وحينه سيصبح تحقيق السلام في المستقبل، وستنعمون بالأمن والاستقرار".
وطالب رئيس السلطة الأمم المتحدة، بتوفير نظام حماية دولية لشعبنا وفق القانون الدولي، مضيفاً: "نحن بحاجة لحماية ولن نستطيع أن نستمر في هذا الوضع والضرب والاعتداء من كل جانب ولا نجد من يحمينا وقدمنا طلب منذ فترة بذلك".
وأشار إلى أن "إسرائيل" أفشلت جهود السلام التي كان آخرها عبر وزير الخارجية الأمريكية "جون كيري"، مما يدلل على أنها تعمل على تقويض حل الدولتين القائم وفق الشرعية الدولية.
وشدد عباس على حرص فلسطين على حسن الجوا ر مع دول العالم في المنطقة، ومن فلسطين وبفلسطين يبدأ السلام ومن أراد أن يبحث عنه والقضاء على الإرهاب عليه حل القضية الفلسطينية وبه ينتهي كل ذلك أو دونه.
ووجه كلمة للأمم المتحدة قائلاً: "إن شعبي يعلق الآمال على دول هذه المنظمة لنيل حقوقه واستقلاله والعيش في وطنه كباقي شعوب الأرض، فهل هذا كثير علينا؟، وأتوجه بدعوة صادقة للشعب الإسرائيلي من أجل سلام واستقرار، وأدعو الجمعية العام ومجلس الأمن أن يتحملوا مسئولياتهم قبل فوات الأوان".
وأضاف:" استمرار الوضع الراهن أمر لا يمكن القبول به، مما يعني الاستسلام للقوة الغاشمة، حيث يواصل الاحتلال توسعه الاستيطاني في الضفة، ولا زال في حصاره لقطاع غزة ويفاقم معاناة أهلنا غير آبه بقرارات الأمم المتحدة والاتفاقات الموقعة".
وتساءل عباس:" هل تصويت الدول العادلة ضد القرارات المشروعة للفلسطينيين يخدم السلام؟، أم يشجع المتطرفين في اعتداءاتهم وآخرها حرق عائلة دوابشة في قرية دوما بنابلس، ولا زال القتلة طلقاء ولم يتم اعتقالهم إلى الآن، أين العدالة؟، وقام قبلها بحرق وقتل الطفل محمد أبو خضير والطفل محمد الدرة في غزة، وآلاف الأطفال، ولا زالنا نذكر مذبحة دير ياسين، وجميعها مرت دون عقاب، وإلى متى ستمر إسرائيل دون محاسبة؟، وكم من الانتهاكات ارتكبت ضد شعبنا؟، وكم من القوانين التي أصدرت؟ وآخرها إطلاق النار الحي على المتظاهرين السلميين الفلسطينيين.
وتابع: "إننا لا نرد على الكراهية والوحشية الإسرائيلية بمثلها بل نعمل على نشر ثقافة السلام ونتوق بأن نراها تنعم بالاستقرار والرخاء والازدهار، وهذا لن يتحقق مع استمرار الاحتلال والاستيطان وحرق البشر وأماكن العبادة وقتل الشباب والاعتقال دون تهم أو محاكمة.
وأكمل رئيس السلطة: " نحن مصممون على وحدة أرضنا وشعبنا ولن نسمح بحلول مؤقتة أو دويلات مجزأة ولن نسمح بهذا أو لأحد أن يفعل هذا، ونسعي لتشكيل حكومة وحدة تعمل ضمن برنامج منظمة التحرير والذهاب إلى انتخابات رئاسية وتشريعية".
ونبه إلى أن رغم كل العقبات فإنه منذ قيام السلطة وحتى هذه اللحظة تعمل بوتيرة متسارعة لبناء الدولة وبناها التحتية ومؤسساتها الوطنية واقعاً على الأرض بشهادة الأمم المتحدة والبنك الدولي وستستمر في عملنا، وسنكون دولة قانون ديمقراطية وعصرية، مثمناً مجموعة الدول المانحة التي تقودها النرويج، وحثها على الاستمرار من أجل حياة أفضل للشعب وبناء مؤسساته.
ورأى عباس أنه آن للظلم أن ينتهي وأما آن للعذابات أن تتوقف وأما آن للجدار أن يزول وأن يرفع الحصار عن غزة وأن ينتقل أبناء شعبنا بحرية وكرامة للوطن وخارجه.