خلف ستار ليل مظلم، وجدار ألم موجع، تتقاسم العائلات الفلسطينية أوجاع فقر مدقع، يُسَكَّن بمسكنات دون وضع اليد على الورم المميت، يستشري بجسد مطروح على فراش النهاية؛ نهاية باتت قريبة لمواطنين ليس لهم ساتر إلا الله، وأوجاع معاقين يفقدون أدنى سبل حياة. هي قصة عائلة قد صاغ الزمن فيها لحنه، وجلس الألم داخل جدرانها وتربع، تعددت مأساتها وتنوعت.. أقعد الحزن قاطني البيت المكون من بقايا دفيئة زراعية، بداخله ندى "23 عاماً" وأدهم "21 عاماً" مقعدين بأطراف مشوهة وإخوانهم الأطفال الأربعة ووالديهم.. لم يفارقهم ألم و معاناة البيت وتقاسموا الهم و تجرعوا مرارة الحياة. [title]المصائب تتسارع والله المعين[/title] الأم عفاف عبد ربه أبو سبت بأنين وحزن تقول :"مأساتنا بدأت مع بداية زواجي فقد توفي طفلي الأول "البكر" بسبب إعاقة وتشوه كبيرين،أصابه مع صرخات ميلادي الأولى حيث كان له رأسين وحجمه كبير كان هذا كفيل ليلقى حتفه، تجرعت الألم وتقاسمته أنا وزوجي؛ ليكفكف كل منا دمعة الآخر، لتكون الضربة الثانية بطفلتي ندى، فمنذ ميلادها بدأ عظمها يتكسر؛ بسبب هشاشة فيه مما دفع الألم و الحزن يتسلل لزوجي، والذي كان يحلم بطفل يلاعبه ويرافقه في زياراته". وتتابع والدموع تنهال على و جنتيها، كقطرات الندى على أوراق الشجر، الذي خضب وجهها،و ما أن انتهت مأساتي، و التي لم تنته بعد حتى بدأت تارة أخرى، وهذه المرة ببطولة "أدهم" الذي أصابه ما أصاب "ندى" فأصبح قعيداً، و لكن الأدهى و الأمر الفقر الذي خيّم علينا فلم يكن بوسعنا توفير قوت يومنا، فكيف بالعلاج و الذي يحتاج إلى مبالغ هائلة؟، فلم يكن بوسعنا إلا تقديم ما نستطيعه له، حتى وافته المنية هو الآخر ولم يتجاوز الخمس سنوات . وتضيف "بدأت أطرافهم بالالتواء "فوق ما هما معاقين" لتصبح حالتهما من السيئ للأسوأ، لتتراكم أوجاعهم وتتزايد، "دون مغيث ولا منجد إلا الله" لنرزق بعدها بأربعة أطفال كان حالهم أحسن قليلاً من سابقيهم، ولكن الفقر لم يتركهم فقد جمعهم كما جمع إخوتهم من قبل. [title]مناشدة[/title] مناشدات شتى خرجت من أفواه أفراد عائلة أبو سبت معاقهم وصحيحهم، طارقة باب القلوب الحية و الآذان الصاغية "أو ألق السمع وهو شهيد" وخصوا بالذكر رئيس الوزراء إسماعيل هنية ورئيس السلطة محمود عباس، متمنين أن تلمس قلوبهم كما لمست صرخة الثكلى قلب المعتصم. فكرسي متحرك واحد "يجر باليد" تتبادله "ندى" مع أخيها أدهم راجين من الله أن يرزقهما بعربتين كهربائيتين تعينهما على قضاء احتياجهما منفردين؛ لأنه "في أغلب الأحيان يكون لنا طلعات متزامنة فيضطر أحدنا بتأجيل مشواره منتظراً قدوم الآخر" كانت هذه الإجابة متزامنة من ندى وأدهم". [title]أماني على كرسي متحرك[/title] وعن سؤالنا لـ"ندى وأدهم" الذي أقعد الشلل آمالهما، حيث انقطاعهما عن الدراسة في سنهم المبكر بسبب حالتها المستعصية، فأجابت ندى كنت أتمنى أن أصبح طبيباً "لأطبب أصحاب الحالات الخاصة الذين أشعر بحالهم لأني مثلهم"، أما أدهم فكان يتمنى أن يصبح مهندس إلكترونيات "لأساعد كل من تحتاج عربته لإصلاح". وتقول "ندى" بحرج ودموع: "كنت أتمنى أن ألعب كباقي الأطفال الذين كنت في سنهم ولم أستطع فكان ذلك يؤلمني كثيراً، ولكن لم أصارح بشعوري أحداً؛ لن يستطيع أحداً مساعدتي. فكنت أتألم بصمت". أما "أدهم" فتمنا من الله أن يرزقه زوجة صالحة تعينه وتخفف عنه مصاعب الحياة وترفع عنه الاكتئاب الشديد الذي يعيشه، وتمنى مع أخته أن يذهبا إلى أماكن الترفيه بمدينتهم خان يونس وسموا "أصداء". [title]بيت مدمر[/title] وحال عائلة أبو سبت ليس بأحسن حالاً من العديد من الأسر الفلسطينية الغزية التي خط الاحتلال فيهم الكثير من الدمار والتجريف والتخريب، أثناء حربه الأخيرة على غزة التي حملت أسماءً شتى، وبسبب القصف العنيف وتجريف العشرات من منازل المواطنين والمساحات الشاسعة من الدونمات الزراعية، كان لعائلة أبو أدهم نصيباً منها فتم تدمير منزلهم بالكامل. ليشرح أبو أدهم بمرارة مستذكراً ألم اللجوء الثاني، ومن بعدها بدأ مسرح التشرد واللجوء، "في تاريخ 8/ 1/ 2009م دمّر الاحتلال المنزل، حيث خرجتُ وزوجتي من بين أنقاض بيتنا المدمر برفقة أبنائي المقعدين وأطفالي الآخرين تحت سادل الليل لا نعرف الاتجاه و لا حتى المسار كل ما بوسعنا الخروج من ضربات اليهود و القصف الذي ما ترك شيئا إلا أصابه!! حتى استقر بنا المقام داخل مدرسة القرارة للاجئين الفلسطينيين دون أي من متطلبات الحياة الأساسية. اختلطت على العائلة آلام الفقر مع آلام الإعاقة والبيت المدمر ليبقى الأمل وضاحاً، ليعلوا الصوت أن أغيثوا هذه العائلة لتبقى وتستمر وتتغلب على المعاناة ولو بالقليل.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.