أثار الخندق المائي الذي يقيمه الجيش المصري على طول الحدود الجنوبية لمدينة رفح جنوب قطاع غزة تخوفات المواطنين في المدينة، خصوصًا الذين يقطنون بمحاذاة الشريط الحدودي في الجانب الفلسطيني، بسبب ما قد يحمله من كوارث متوقعة وانهيارات مفاجئة لمنازل المواطنين.
خندقٌ مائيٌّ يخنق قطاع غزة فوق الخنق والحصار الذي يعانيه سكانها لأكثر من ثماني سنوات، لم يكن هذه المرة بإغلاق المعابر ولكن بفتح مياه البحر المتوسط لإغراق حدود غزة.
أكثر من 230 ألف نسمة من سكان مدينة رفح تنتظرهم كارثة حقيقية جراء إنشاء الجيش المصري للخندق، كارثة متعددة المخاطر تهدد كل مناحي الحياة البيئية والغذائية والاقتصادية في مدينة رفح، ما معناه هو عملية تهجير وترحيل لأهل المدينة كما يتوقع المختصون.
تهجيرٌ للأهالي
خلال لقاء "فلسطين الآن" مع المواطنين القاطنين في المناطق الحدودية في مدينة رفح عبر المواطن إبراهيم أبو جزر عن تخوفاته من وصول المياه إلى المنازل، وقال:"نحن خايفين لأن المياه قربت علينا ووصلت بيوتنا ويوجد تشققات في بيوتنا من المياه".
وأضاف أبو جزر: "في أي لحظة خايفين من أي انهيار أن تقع البيوت فوقنا وفوق أطفالنا، وهناك جيران لنا تركوا بيوتهم وطلعوا على مناطق أخرى من خوف انهيارات التربة وانهيارات البيوت عليهم"، معتبرًا أن هذه عملية تهجير لسكان المنطقة.
وطالب الجانب المصري بإيقاف ضخ المياه "لأنها تؤثر علينا وعلى بنيتنا التحتية والصرف الصحي وخطوط المياه الموجودة على الحدود"، وقال:" نطالب الدول العربية والأمة الإسلامية أن تقف مع مدينة رفح المحاصرة والمظلومة من خلال الخندق المائي".
وتابع: "مدينة رفح المصرية والفلسطينية نعدها مدينة واحدة، وتربط بيننا علاقة حب ومودة وثيقة منذ سنوات طويلة".
وعبرت إحدى المواطنات عن اعتراضها على الخندق المائي وقالت: "لو فتح المعبر ليس لنا حاجة في الأنفاق، لو فتح المعبر نحن في غنى عن الأنفاق، لماذا يفعلوا هكذا فينا؟، ونحن جيران منذ زمن بعيد، ومن واجب مصر أن تقف بجانبنا ولا تزيد في حصارنا".
تشققات التربة
ورصدت كاميرا "فلسطين الآن" تشققات في التربة وانهيارات في بعض المناطق جراء ضخ المياه بصورة تجريبية من قبل الجانب المصري، وأظهرت تصدعات في الجدار الصخري المصري على الحدود.
وأوضح رئيس بلدية رفح صبحي أبو رضوان، أن الخندق سيدمر منظومة الصرف الصحي خاصة في المناطق الحدودية والتي يوجد بها محطة معالجة مياه الصرف الصحي على مقربة من الحدود والخطوط الناقلة للصرف الصحي ، معتبرًا أن ذلك سيتسبب بكارثة بيئية حقيقية.
وأشار أن الخندق المائي سيشكل خطورة كبيرة على أحواض تجميع الأمطار الرئيسية الموجودة في منطقة السوافي جنوب حي تل السلطان وسهولة انهيارها بالكامل، ونوّه إلى خطورة الخندق على خصوبة التربية الزراعية في المحافظة.
وقال: "ضخ المياه على الشريط الحدودي سيتسبب في انهيارات كبيرة ومتتالية في المنطقة الحدودية وسيعرض مباني المواطنين القريبة من الحدود لخطر الانهيار المفاجئ بما يشكل خطورة فعلية على حياة المواطنين في تلك المناطق".
وأضاف:"تلك الانهيارات والانجرافات ستؤثر على شبكات الطرق والبنية التحتية في تلك المناطق والتي تشمل شبكات الصرف الصحي والمياه والكهرباء والاتصالات".
كارثة مياه
ومن جانبه، توقع نائب رئيس سلطة المياه في قطاع غزة مازن البنا أن يتم ضخ ما يقارب 30 ألف متر مكعب من مياه البحر المالحة داخل هذه القناة المائية مما يسبب وصول حوالي أكثر من 40 – 50 مليون متر مكعب من المياه المالحة إلى الخزان الجوفي سنويًا.
ولارتباط القطاع الزراعي بالمياه فإنه مهددٌ هو الآخر بالتدمير بفعل المياه المالحة التي ستؤثر على مئات الآبار الزراعية في المحافظة وتفسدها لأن نسبة الملوحة المتوقعة 80 ضعفًا من ملوحة المياه العادية كما أوضح البنا، وبالتالي لا تصلح للاستخدام الزراعي عدا أن محطات التحلية الموجودة في المحافظة تعجز عن تحلية المياه بسبب الملوحة التي تحتويها.
والخندق المائي عبارة عن أنابيب بقطر 60 سم ممتدة يفصل عبر مسافات متفاوتة برك مائية لترشيح المياه بعمق 20 مترًا أسفل الأرض مما يسبب سرعة وصول مياه البحر المالحة التي سيتم ضخها عبر الأنابيب إلى باطن الأرض.