بين أزقة وشوارع مخيمات اللجوء التي امتدت لما يزيد عن 67 عاماً، يقطن آلاف الأسر التي ضرب الفقر كل مناحي حياتهم، فقر ورثوه من أجدادهم قبل آبائهم، فقر تسبب به الاحتلال بعد تهجيرهم من أرضهم وقراهم، فقر يرقب ضمائر حية تقدم لهم بعض المساعدات الإغاثية.
حالة الفقر التي تعيشها مخيمات اللجوء في قطاع غزة تعتبر من أكثر الحالات فقرا على مستوى العالم، حيث تسبب الاحتلال بفقدان آلاف العمال مهنتهم التي يعتاشون منها بفعل الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ ما يزيد عن ثمانية أعوام.
مبادرات إغاثية
جمعية الملتقى التربوي بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة كانت من السباقين في تفقد أحوال الفقراء والمحتاجين في المحافظة الوسطى، حيث بادرت إلى إعلان مبادرة إغاثية تحت عنوان "عُمار الأرض" لإغاثة المحتاجين والفقراء في قطاع غزة.
وتهدف المبادرة إلى الإعلان عن حالة فقيرة بشكل أسبوعي، بهدف توفير المتطلبات الأساسية للأسر المعدومة لكي تستطيع الاستمرار في العيش، حيث تقوم المبادرة على فكرة إغاثة الأسر المعدومة التي لا يصلح منزلها للعيش على وضعه الحالي.
محمد بارود أحد المشرفين على مباردة عُمار الأرض اكتفى بقوله :" حينما يسخرك الله لإسعاد عائلةٍ على هذه الأرض، لهي عبادة جميلة تنعش الروح وتقوّيها".
وتابع بارود :" أحد الأسر المعوزة التي طلبنا لهم مساعدة ضمن مبادرة عُمار الأرض، وأثناء جولة تفقدية لمنزلهم المتواضع وجدنا الأم المكلومة بالفقر تطهي لأبنائها خبزاً بماء على النار، حيث تفتقد غاز الطهي والطعام وكل ما يتوفر في أي منزل متواضع.
مبادرة عُمار الأرض وفّرت جميع احتياجات الأسرة المعوزة من خلال تقديم "أدوات مطبخ، باب لدورة المياه، فرش غاز، أنبوبة غاز، برميل مياه، طرد غذائي" بتبرع من فاعلي الخير الذين تفاعلوا مع المبادرة على مواقع التواصل الاجتماعي.
عائلات أبكاها الفقر
وأوضح المشرف على مبادرة عُمار الأرض إلى أن أحد الأسر الفقيرة التي تفقدوها في زيارة أولية، استوقفه رب الأسر، وصارحه بعيداً عن عائلته بقوله :" لم نستطع العيش، ذبحنا الفقر، والحياة لا ترحم أحد".
وأضاف رب الأسرة الموجوع بألم الفقر وعدم مقدرته على توفير أبسط متطلبات أسرته :" عندما تتعبني الحياة وتؤلمني، لا أستطيع البكاء أمام أبنائي وزوجتي حتى لا أزيد الضغط عليهم، أتنحى جانبا وأحاول أن أبسط على نفسي متاعب الحياة ببعض الدموع التي تواسي جراح من هم على شاكلتي".
وتعتمد مبادرة عُمار الأرض على إغاثة أسرة كل أسبوع من خلال تقديم بعض الصورة والمعلومات عن حال الأسرة، إضافة إلى احتياجاتها الضرورية، ويتم فتح باب التبرعات حيث يتم توفير الاحتياجات اللازمة وتقديمها لهم خلال فترة الأسبوع المتفق عليه بالمبادرة.
وبين المبادرات الإغاثية الشبابية والتابعة للجمعيات الفلسطيني، يقطن في القطاع آلاف الأسر التي أنهكها الفقر، وأتعبتها قلة العمل، وجرحتها مطالب أبنائها التي تقف الأسرة عاجزة عن توفيرها لهم، أسر تخلى عنهم الكثير، وتفقدهم القليل، وأوكلوا همومهم ومتاعبهم إلى رب كريم.