ليس من العَجب أن يطأ أرض المدينة المحاصرة فنانًا أرهقته الإعاقة، كمثل من كتب الشعر والفن وغيره ممن ذكرهم التاريخ، ليضربوا لنا مثالاً يحتذى به في تحدي الصعاب والرغبة في النجاح وتحقيق ما هو أعلى من الأفق.
"فلسطين الآن" تسلّط الضوء في تقريرها هذا عن شاب من ذوي الاحتياجات الخاصة، تحدّى "الإعاقة" واستطاع أن يدوّن اسمه في قائمة "المبدعين"، وحديثنا عن الشاب محمد يونس الدلو (21 عامًا) من سكان حيّ الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، والذي يعاني من "إعاقة" في كافة أعضاء جسده ولكن الله ميًزه بأنامل ذهبية تبدع رسم "الأنمي".
وسط غرفة الضيافة يجلس "محمد" على كرسيه الخاص محاطًا بعدد من اللوحات الفنية الرائعة التي رسمتها أنامله بدقّة وإبداع يفتقدهما الكثير ممن هم سليمو البدن والجسد.
العشريني يروي لـ"فلسطين الآن" قصته قائلًا "منذ الصغر وأنا أمتلك هذه الموهبة لكنني لم أهتم بها في أيام الدراسة، وعندما وصلت للثانوية العامة لم أستطع مواصلة الدراسة لأنني تعرضت لوعكة صحيَة قويةَ فأصابني الإحباط، فقررت العودة للرسم فبدأت أرسم لوحدي والتعلم عن طريق اليوتيوب والمواقع الالكترونية".
وأضاف "في عام 2013 تعرفت على مجموعة من الشباب والفتيات عن طريق أقاربي، في البداية لم أكن أريد الاندماج مع أي أحد لأنني لا أستطيع الخروج إلا بمرافق وهو والدي، ولكن الشباب أقنعوني ودعموني وشجعوني، وأطلقنا على أنفسنا فريق "مبادرون دومًا" وما زلنا مستمرين حتى هذه اللحظة".
كانت لوحة المسلسل الكارتوني الشهير "توم وجيري" أول أعمال محمد التي رسمها، ويرى أن أفضل عمل قام به هو رسمته لـ"أجنحة الكاندام" قائلًا "لقد استغرقت في إنجازها وقتاً طويلاً واحتاجت مني مجهودًا كبيرًا"، كما رسم لوحات جميلة عن المقاومة والحرب والحرية والتفاؤل، ولوحات شخصيات فلسطينية عريقة أمثال أبو عمار، وأحمد ياسين، وأم نضال فرحات، وغسان كنفاني، ومحمود درويش وغيرهم.
"طالما أني أفكر فأنا أعمل. حياتك من صنعِ أفكارك"، كانت هذه من العبارات التي اتخذها محمد شعارًا في حياته وبه وصل إلى ما هو عليه الآن، كما أصبح هو وفريقه يقيمون أعمالًا خيرية متنوعة مثل "إفطار ذوي الإعاقة، وشراء ملابس العيد لـ(10) أطفال معاقين، وبسمة عيد"، وكل ذلك بتمويل من معارفه الشخصية.
ورفض الشاب "الدلو" المشاركة في المعرض الأول في الكلية الجامعية "يتجدد العطاء 2013" في بادئ الأمر بسبب "الرهبة"، ولكن أعضاء فريقه أقنعوه لتكون بداية انطلاقته نحو الشهرة.
ويضيف "شاركت بعد ذلك في العديد من المعارض أبرزها "النكبة راجع يا دار، ومعرض العلاقات العامة السادس ، ومعرض ذكرى الأرض ، ومعرض صدى الابداع".
ولم يكتفى محمد بالمشاركة في المعارض التي تنظمها مؤسسات رسمية وغير رسمية، بل أقام بنفسه معرضًا أطلق عليه عنوان "الأنمي حياتي" والذي يعد المعرض الأول الخاص به.
"الأنمي فن ياباني ممكن أن يكون فلسطيني"، كلماتٌ تحدث بها محمد يبيِن بها عن مدى تحديه لإعاقته في مساعدة القضية الفلسطينية بهذا الأسلوب، ويعبر بها عن قيمته، هادفاً إلى بناء شخصيةٍ مهمة في المجتمع الفلسطيني.
