مئات المنازل المأهولة بالمواطنين، ومثلها من الدونمات الزراعية التي يعمل بها عشرات المزارعين.. بيوت مسكونة وأخرى تحت الإنشاء.. مدرسة للطالبات ومسجد وسوق صغير.. كل هذه المكونات التي تشكل حي النُقار إلى الغرب من قلقليلة تعيش منذ أكثر من ستين يوما في ظروف بالغة التعقيد واعتداءات إسرائيلية لا يمكن وصفها، حتى باتت الحياة هناك جحيما لا يطاق.
مراسل "فلسطين الآن" زار الحي وتجول بين حاراته، وتحدث إلى السكان والمزارعين.. وعايش معاناتهم.
فالحي الذي كان رمزا للهدوء والاستقرار فيما مضى، بات يمر اليوم بظروف صعبة ومعقدة، جراء استشراس جيش الاحتلال الإسرائيلي في تعامله مع الشبان المتظاهرين الذين يرشقونه بالحجارة.
كما أن الحي يلاصق جدار الفصل العنصري الذي شيده الاحتلال على أراضي المواطنين وسرق بمبتغاه آلاف الدونمات الزراعية، وتوجد عليه نقاط عسكرية، وبوابات صغيرة يستخدمها جيش الاحتلال لدخول جنوده للحي.
إخطارات بالهدم
أخر صيحات الاحتلال العنصرية تجاه المواطنين في الحي، تسليم 12 بيتا مأهولا أو قيد الإنشاء إخطارات بوقف البناء والهدم بحجة أنها غير مرخصة، رغم أن أصحاب المنازل أكدوا أنها مرخصة ومستوفية لكافة المخططات والشروط اللازمة.
رئيس بلدية قلقيلية عثمان داود قال لـ"فلسطين الآن" إن "هذه الإخطارات ما هي إلا استكمال لممارسات الاحتلال بحق المواطنين في المنطقة الغربية من مدينة قلقيلية، وتأتي ضمن سياسة العقاب الجماعي التي تتبعها دولة الاحتلال بحق أبناء المدينة والمحافظة ككل".
وأشار إلى أن الاخطارات جاءت في محاولة إسرائيلية لرد السكان ودفعهم لمنع الشبان من مواجهة الاحتلال.
مواجهات يومية
وتخلف تلك المواجهات يوميا عشرات المصابين ما بين إصابات بالاختناق؛ جراء إلقاء الاحتلال قنابل الغاز والمسيل للدموع بكثافة، وتجاه منازل المواطنين مباشرة، إضافة إلى عدد من الإصابات بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط ..
ويتعمد الاحتلال استهداف منازل المواطنين الآمنين؛ ما دفع بعض كبار السن والنساء والأطفال إلى مغادرة الحي وقت المواجهات؛ تجنباً لحدوث مكروه.
وكان حي النقار في الشهر الماضي من أنشط نقاط الاشتباك بين الشبان الفلسطينين وقوات الاحتلال .. ويرجع المتابعون ذلك لكون الحي من أكثر المناطق أماناً بسبب وجود المزارع والأزقة التي تمكن الشبان من الاختقاء والانسحاب بسهولة، ويصعّب على قوات الاحتلال الملاحقة، مقارنة بمناطق الاشتباك المكشوفة.
قوة حماس
وتعد مدينة قلقيلية من المدن الفاعلة من حيث النشاط الفصائلي، خاصة لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، التي تعرضت لضربة قوية خلال الأسابيع الأولى من انتفاضة القدس، حيث شنت قوات الاحتلال حملات اعتقال طالت العشرات من كوادر وعناصر الحركة في المدينة والمحافظة بوجه عام، ما أثر على بنيتها التنظيمية.
وأشار متابعون وزملاء صحفيون في الميدان إلى أن "إسرائيل" تتعامل مع مدينة قلقيلية بخصوصية واضحة أهمها، موقع المدينة الجغرافي والمتداخل مع مدن الداخل، والأداء العسكري الكبير للمدينة في انتفاضة الأقصى، وما سبقها، إضافة لعدم انقطاع المدينة عن العمل العسكري المقاوم، إذ قامت الأجهزة الأمنية الفلسطينية في السنوات الماضية بتفكيك عدة مجموعات صلبة لحركة حماس.