يومان فقط احتاجهما الشهيد عبد الرحمن مسودة، لينتقم لدماء ابن عمه الشهيد إيهاب الذي ارتقى هو الآخر بعد عملية طعن بطولية الإثنين (7-12) على حاجز "أبو الريش"، بالقرب من المسجد الإبراهيمي بالخليل، أصاب فيها مستوطنا بجراح خطيرة.
وقد اختار عبد الرحمن المكان ذاته الذي ارتقى فيه إيهاب، لينفذ فيه عمليته التي أصاب فيها جنديًا ومستوطنًا، موصلا بذلك رسالة للاحتلال، مفادها أن رائحة الشهداء ودمائهم تنادينا وتدفعنا للانتقام والثأر في كل لحظة وحين.
مشهد من الشهادة والبطولة والفداء، سبقه مشهد آخر يروي قصة ثأر وعزة، عندما أقبل الشهيد فادي خصيب من بلدة عارورة، على الانتقام لدماء أخيه الشهيد شادي بعد أسبوعين من استشهاده، بالطريقة والمكان نفسهما.
ويبدو أن عبد الرحمن أبى أن تجف دماء ابن عمه، دون أن يكون قد انتقم لدمائه واقتص من قاتليه، ولم تمض سوى ساعات حتى اتخذ القرار، وأقدم بكل بسالة وشجاعة على تنفيذ عمليته الشجاعة، ويكأنه أراد أن ينتقم من الجنود الذين أطلقوا النار على إيهاب.
وقد أقدم عبد الرحمن كما كل الشهداء، على الانتقام من المحتل بعد أن أدمت قلوبَهم مشاهدُ الظلم والإذلال التي يتعرض لها أبناء الشعب الفلسطيني، ومقدساته وحرائره كل يوم، فاختار اللحظة المناسبة التي روت فيها دماء إيهاب ثرى الخليل الطاهر بعبق شهدائها، لتكون الشرارة التي حركت مشاعره ودفعته للشهادة دون تردد.
وتؤكد عملية الشهيدين مسودة، والشهيدين الخصيب، أن الشعب الفلسطيني لن يخضع يوما لحسابات الاحتلال العقابية بحقه، كما تؤكد للمحتل بأن قتله للشباب لن يوقف الانتفاضة وسيل العمليات المتصاعد ضد جنوده ومستوطنيه.
وكانت عائلة الشهيدين عبد الرحمن وإيهاب مسودة في مدينة الخليل قد وزعت الحلوى خلال استقبالهم المهنئين باستشهاد أبنهائهم، مؤكدين بذلك أن الشعب مع نهج المقاومة والجهاد، وأن الشهادة هي فرح وفخر لكل عائلة يرتقي منها شهيد أو أكثر.