ثمانية أعوامٍ مرّت منذ شنّ الاحتلال الإسرائيلي عدوانه المدمّر على قطاع غزة في السابع والعشرين من كانون الأول/ديسمبر عام 2008م، والذي استمر 22 يومًا وخلّف نحو 1500 شهيدٍ وما يزيد عن 5000 مصاب، وإبادة عائلات بأكملها من ضمنهم عائلة "السموني" التي فقدت 29 من أفرادها.
ورغم إقرار منظمات دولية وحقوقية بارتكاب الاحتلال "جرائم حرب" بحق المدنيين الفلسطينيين، أشهرها تقرير "جولدستون" في تقريره الشهير بارتكاب "إسرائيل" جرائم حرب؛ لا أن كل هذه الوثائق والأوراق لم تمكّن الفلسطينيين من جلب قادة الاحتلال وجنوده إلى محكمة الجنايات الدولية.
مراحل طويلة
أستاذ القانون الدولي د. حنا عيسى استبعد أن يتمكّن الفلسطينيون في الوقت الحالي من محاكمة قادة الاحتلال وجنوده أمام محكمة الجنايات الدولية لأن "إسرائيل دولة قوية"، مشيرًا إلى أن كل ما أعدّ من ملفات ووثائق حول جرائم الاحتلال سيظل مجرّد "أوراق محفوظة في الأدراج" إلى حين هزيمة الاحتلال.
ونوّه عيسى، خلال حديث هاتفي مع "فلسطين الآن"، إلى أن العقبة الأكبر تتمثل في كون محكمة الجنايات الدولية تخضع لموازين القوى العالمية التي تتبنى الرواية الإسرائيلية.
وأضاف "ناهيك إلى أنه إن قمنا بالبحث في إجراءاتها نحن بحاجة إلى 5 سنوات لكل مرحلة، والمراحل التي نحتاجها للتحقيق مع "إسرائيل" وجنودها 100 مرحلة، وبالتالي نحن بحاجة إلى 500 عام حتى نأتي بـ"إسرائيل" إلى محكمة الجنايات الدولية".
وتابع "هذه المحكمة منذ نشأتها إلى يومنا هذا لم تحاكم دجاجة واحدة، هل تريد منها أن تحاكم "إسرائيل"؟! هذا السؤال يجب أن يطرح بقوة وأن لا نكون عاطفيين حتى لا نجلب نحن إلى المحكمة كمجرمي حرب".
تقرير "جولدستون"
ونوّه الخبير في القانون الدولي إلى أن نتائج تقرير جولدستون لا تعتبر نتائج نهائية يمكن إصدار حكم من خلالها على الاحتلال وجنوده، بل هو مجرّد "بيّنة" يمكن استخدامها أمام محكمة الجنايات أو أي محكمة ينشئها مجلس الأمن الدولي.
وأشار إلى أن التقرير قد ساوى بين الضحية والجلاد، فكما أنه أكّد ارتكاب الاحتلال لجرائم حرب واستخدام سلاح محرّم دوليًا، فإنه وصف ما قامت به فصائل المقاومة الفلسطينية من إطلاق للصواريخ على البلدات المحتلّة وتنفيذ عمليات استشهادية بأنها "جرائم حرب".
وأضاف عيسى "يجب أن لا ننسى أن عددًا من الفصائل الفلسطينية -وعلى رأسها حركة حماس- تصنّف في خانة "الإرهاب" الدولي، وأخشى أن يتم محاكمة عناصرها وقادتها كمجرمي حرب".
واستدرك "ليس خطأ أن نحتفظ بالملفات ونجهزها إلى حين هزيمة "إسرائيل" مع مرور الوقت، أما في الوقت الراهن فإن الاحتلال قوي على المستوى الدولي، والمحاكم الدولية لا تحاكم القوي بل تحاكم الضعفاء".
وحول الدور الواجب على السلطة الفلسطينية اتخاذه لمحاكمة الاحتلال ومحاسبته على جرائمه، رأى الخبير في القانون الدولي أن السلطة ليس بإمكانها اتخاذ مثل هكذا إجراءات وخطوات.
وتساءل قائلًا "كيف تريد أن تحاكم من تقول عنهم مجرمي حرب وفي نفس الوقت تريد أن تفاوضهم؟ هذا غير معقول".
ودعا عيسى السلطة والفصائل إلى التوحّد خلف استراتيجية وطنية، مختتمًا حديثه بالقول "حال غزة المحاصرة والضفة الغربية المفتتة والقدس التي تخضع للاحتلال يذكرني بقول محمود درويش "يذهب عامٌ ويأتي آخر.. وكل شيءٍ فيكَ يزدادُ سوءًا يا وطني".